“ليس الموت أعظم مصيبة في حياة السوريين، إنما سقوط الإنسانية ممن يدّعيها أمام الجميع.. هي الأعظم” تلك كلمات بلال (35 عاماً) من مدينة إدلب لدى مشاهدته على مواقع النت أنباء عن دخول مساعدات تحوي الأكفان للأهل في الوعر.
مفاجأة غير متوقعة كانت بانتظار حي الوعر المحاصر في حمص ولم يكن ليصدقها أحد.. ألا وهي إدخال الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي لشاحنة تحمل طناً من القماش المخصص للأكفان، وعدد من الصناديق التي تحوي مناشف لتنشيف الموتى بعد تغسيلهم، وبعض الأكياس الجلدية المخصصة لتغليف الميت بعد تكفينه.
هذه هي العناية والمساعدة التي يستحقها السوريون من اللجان الإنسانية الدولية، فيالها من عناية تستحق الشكر وبلسان حال يقول: أيها السوريون نساعدكم.. لكن عليكم أن تموتوا أولاً!
أمر يزداد غرابته عند الأهل في حي الوعر المحاصرين، فمع حصار دام 4 سنوات وهم بأمسّ الحاجة للمواد الغذائية، والطبية الجراحية التي فقدت بشكل تام، أو استخدمت لمرات عدة بسبب ندرتها، واستغراب من الكادر الطبي الإغاثي، تأتي أقمشة وأكفان.
يصرخ الشاب علاء من الحي المحاصر بنبرة في الصوت “لسنا بحاجة أكفانكم أيها الجبناء.. فنحن ندفن شهداءنا من دون تغسيل أو حتى تكفين.. فهم أحياء عند ربهم.. وفّروا تلك الأكفان لفاقدي الشرعية أمثالكم؛ فهم من سيحتاجها بعد زوال الظلم عن وطني”.
وطبعاً لم تكن ردود الأفعال إيجابية أبداً في التعامل مع هذا الخبر، ومع كثرة تلك الأكفان، رسالة تشير لقتل المزيد من الأطفال والأبرياء ممن لاحول لهم ولا قوة باستمرار سياسة العجز والجبن “سياسة الجوع أو الركوع”.
ويكشف صديق علاء من مدينة حمص عن سخريته من تلك المساعدات “ليش تزعلوا يا أبناء بلدي هذي الأكفان بصيروا للحرق.. يكترولنا منهم عشان الطيران.. وأحلى مضاد طيران ممن فقد الإنسانية.. إن شاء الله أنتم من سيحتاجها أولاً”.
مساعدات تعبر عن التشاؤم والقلق بدل العون والمساعدة، وتزيد من مآسي ومعاناة الأهل المحاصرين في حي الوعر بعد أن وصلوا لحال يحتاجون فيه إلى الأكفان بدل الطعام والدواء.
ماذا بوسع أهلنا المحاصرين تقديمه للمجتمع الدولي؟!
رسالة شكر وامتنان لحرصهم وخوفهم على راحة شهدائنا المحاصرين بعد موتهم في قبورهم، وخصوصاً بعد توجيه المجتمع الدولي رسالة للسوريين بتلك الأكفان.. بدل أن يوجه إغاثة لمن مازال على قيد الحياة؟!
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد