اغتيل زوجها بعشرات الطلقات توزعت في جميع أنحاء جسمه أثناء قيادته لسيارته ليسقط خبر استشهاد مؤيد(أبو علاء)كاللهيب أحرق قلب نجود(أم علاء).
عمل الأستاذ مؤيد منصور خريج الأدب الإنكليزي ومن مواليد قرية دير حسان عام ١٩٧٢ ميلادي رئيسا لبلدية القرية وهو أب لخمسة أولاد “علا وعهد وحلا وعلاء وميلاد” ،انشق عن النظام وعمل كرئيس للمجلس الثوري فيها لمدة عام حاول خلاله استقدام الكثير من المنظمات الإنسانية والإغاثية لمساعدة الناس وخصوصاً النازحين منهم.
ولطالما شهدت القرية اشتباكات بين الفصائل المعارضة ليُعيَّن مسؤولاً عن أمور القرية بأكملها وتطويرها بكافة المجالات… فيكرث حياته ويعمل جاهداً لأجل خدمة الناس والثورة…تقول زوجته نجود المرأة الأربعينية وملامح الحزن بادية على وجهها الرفيع, والدموع أبت إلا أن تتناثر على وجنتيها الورديتين
” تعرض (أبو علاء) لأول محاولة اغتيال عند غياب الشمس ووقتا كانت سيارتو قدام البيت صار اطلاق نار عليها مفكرين انو هوي فيها” موضحة كيفية خروجه مسرعاً على إثر سماع صوت الرصاص فيخبره جيرانه بأن شخصين ملثمين كانا يستقلا دراجة نارية قاما بإطلاق النار و اتجها خارج البلدة…
توالت الأيام ولازال الوضع غير آمن خصوصا أن أبو علاء تلقى بعدها تهديدات كثيرة, فتتابع نجود حديثها بنبرة صوت حزينة يملؤها التعب والألم” صار ياخد أبو علاء حذرو ويراقب البيت ويفتش السيارة قبل مايسوقها وبعدا حطلا جهاز تحكم كنوع من الحماية”.
وفي محاولة ثانية لاغتياله تم زرع عبوة ناسفة أسفل سيارته، ودع (أبو علاء) أطفاله وقاد سيارته بينما كانت زوجته المعلمة نجود في المدرسة “وهي معلمة لمادة اللغة العربية” لينتشر خبر وجود سيارة مفخخة فتخرج مسرعة تتقصى الأمر” من سمعت الخبر صارت الأفكار تاخدني وترجعني بعدا اتفاجأت انو السيارة المقصودة هي سيارة زوجي” موضحة أم علاء بأن الخبير قد أخبرهم بوجود مشكلة فنية بالصاعق الموصول بالعبوة ولهذا لم تنفجر….
لتنقضي مدة ثلاثة أشهر وكأنها فترة أمان تعطى ل(أبو علاء) ليتعرض بعدها لمحاولة اغتيال ثالثة وذلك أثناء عودته ليلاً برفقة صديقه من دير حسان بعد تلبية دعوة من صديقه(أبو عزيز ) وهو شيخ إحدى العشائر بأبي ظهور، تقول أم علاء وهي تحدق بعيدا محاولة التماسك”صادف أبو علاء سيارة سودا من نوع كيا ريو وفيها تلات اشخاص ملتمين أطلقو رصاص كتير وكثيف” ليصاب بقدمه ويده وينهار صديقه من هول الصدمة لتتجه السيارة هاربة باتجاه الطريق العام القريب من كفرلوسين..
ليتحدى أبو علاء ألمه فيقود سيارته مسعفاً نفسه وهو بحالة يرثى لها ورغم إصابته البليغة ليصل مشفى أورينت في مدينة أطمة… لتتفاجأ زوجته (أم علاء) عائداً إلى منزله “وقت شفتو وتيابو كلا دم وملفوف بالشاش والقطن ماعاد قدرت اتحمل” موضحة حجم القهر والوجع الذي سكن قلبها وأوجع روحها حينها
…بعد إصابته هذه أرسل بطلبه الشيخ (توفيق) وهو أحد قادة فصائل الثوار ليخبره بتعيينه مستشاراً للعلاقات الخارجية لفصيله باعتباره متقناً للغة الإنكليزية وتم تجهيز مكتب وسيارة خاصة به في تركيا .
تقلب أم علاء بصور الهاتف تستذكر زوجها الشهيد محاولة اخفاء دموع القهر والشوق المستقرة في عينيها البنيتين” ألحيت كتير عليه أن وقرايبينو لحتى يسافر لحتى اقتنع يسافر ع المانيا بس بعدا دغري تراجع وقرر انو مارح يترك سوريا وخصوصا انو مابدو يعيد تجربة الغربة” موضحة بأن أبا علاء قد قضى مدة ثلاث سنوات في دولة الإمارات العربية ولن يعيد تلك التجربة مرة أخرى.
“هداك اليوم مارح انساه بحياتي كان يوم كئيب كتير” تتحدث أم علاء وجمر الفراق يكوي مشاعرها ويحطم ملامح الأمل في حياتها ،”اجا أبو علاء عالبيت شاف الولاد سألهون عني قاللو الماما نايمة وبعدا سألهون في حدا سأل عني فجاوبوه انو في شخص من الدانا سأل عنو فاتصل عليه وخبروه انو رايح لعندو” ثم تسكن الغصة في فؤاد نجود وتتوقف عن الكلام لبرهة وتتابع حديثها فتقول” ماكان في كم دقيقة بعد ماطلع أبو علاء فقت ع صوت الرصاص بس ما اهتميت قلت صار الرصاص عادة عنا”
لتأتي إحدى قريباتها وتوقظها مستفسرة عن هذا الإطلاق القوي للرصاص لتستفيق(أم علاء)و يراودها الفضول لتمشي عدة خطوات خارج منزلها متجهة تسأل عن سبب هذا الصوت القوي فتصادف أخاهاا ” ألحيت ع أخوي وأصريت عليه يخبرني شو سبب هالرصاص قلبي مو مطمن” تقول أم علاء بحزن شديد ” جاوبني أخي انو مؤيد “أبو علاء” تعرض لاطلاق نار بالسيارة وقتا مشيت بدون وعي وقلبي عم يرجف من الخوف وكل الطريق وانا عم ادعي انو يكون مؤيد بخير”.
لتصل نجود إلى سيارته بعد تجاوز حشود كثيرة وتسألهم عنه ،ليجيبها أحدهم بأن سيارة أسعفته لتنظر إلى أبواب سيارته المفتوحة والدماء قد غطت مكان جلوس مؤيد “صرت ألمس مكان مو داخلة الرصاصات بالسيارة وفكروني الناس جنيت بس انا قلبي وروحي عم اتمنى تكون الرصاصات مو أذيتو لمؤيد أو تكون اصابتو خفيفة”.
تعود أم علاء أدراجها حيث منزلها لتقف سيارة أمامه وتفتح الباب على مصراعيه لترى زوجها ملتفاً غارقاً بالدماء لتوقن هي وأطفالها وفاة زوجها واستشهاده ب ٤٩ رصاصة توزعت في أنحاء جسده …لم تنزل دموع نجود فالصدمة أماتت دموعها وأدمت قلبها وجعاً وكأنها تعيش كابوساً…. حتى الفجر حيث ودعت نجود(أم علاء) وأطفالها مؤيد لتتراسل دموعها المتألمة وتبكي بكاء مريراً فالمنزل بدون وجود (أبو علاء)معتماً و بائساً وبدون كلمة بابا أصبح بارداً..
كان أبو علاء مثالاً للبطولة فقد ساعد الثوار بمعارك عديدة مثل معارك باب الهوى وحارم وجنديرس من نقلٍ للأسلحة والأغذية وإسعاف الجرحى..
قصة خبرية/ خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع