لم تهدأ الحرب الإعلامية بين موسكو وواشنطن بخصوص الملف السوري، فسعى كل طرفٍ إلى تهديد الآخر بطريقة مبطنة تكشف اختلاف وجهات النظر بينهما، بينما كشفت تسريباتٌ صوتية لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، نوايا الإدارة الأمريكية بخصوص سوريا، والتي لن تشهد تغيرًا وفق مضمون التسريب.
وبينما اعتبرت المتحدثة أن استهداف الولايات المتحدة لقوات الأسد تطور “خطير” في الشرق الأوسط، بقيت أمريكا محافظة على تصريحات ثابتة تتهم روسيا بإفشال الحل في سوريا، لا بل أنها لا تحترم القانون الدولي.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قولها السبت 1 تشرين الأول، إن “العدوان الأمريكي المباشر” على الحكومة والجيش السوريين سيؤدي إلى “تغيرات مخيفة ومزلزلة” في الشرق الأوسط، وجاء من ضمن سلسلة اتهامات وجهتها روسيا للولايات المتحدة، على خلفية تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، التي تحدث فيها عن إمكانية تعليق واشنطن تعاونها مع موسكو.
تسريبات تحمل مواقف الإدارة الأمريكية للسوريين
في ضوء تصاعد الخلاف بين روسيا وأمريكا، وانتظار خطوات من الأخيرة لتغيير سياستها في سوريا، خرج إلى العلن تسريب صوتي لكيري، بمضمونٍ لم يأتِ بجديدٍ للسوريين، ورغم ما جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكي، توني بلينكن، وهو أن الرئيس، باراك أوباما، طلب من جميع وكالات الأمن القومي الأمريكية البحث في خيارات جديدة بشأن سوريا، عقب مشادات كلامية واختلاف في وجهات النظر مع روسيا، إلا أن الكثير من السوريين الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم، لا يعولون على تغيير الإدارة الأمريكية موقفها الحالي، وهذا ما دعمه مضمون التسجيل.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، نشرت مساء الجمعة 30 أيلول، تسجيلات صوتية لكيري خلال لقائه ناشطين سوريين داخل مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، على هامش الدورة السنوية للجمعية العامة، والذي استمر على مدار 40 دقيقة، الأسبوع الماضي، وترجمت عنب بلدي مقتطفات من التسجيلات، التي لا تتجاوز دقائق.
جميع ما تحدث عنه كيري جاء بصيغة الحالة “المزرية”، التي تعيشها الإدارة الأمريكية في تعاملها مع الملف السوري، وأكد في حديثه للسوريين أنه “لم يعد بمقدورنا فعل شيء”، وهذا ما أكدته الصحيفة، مشيرةً إلى أن التسجيل وصلها من أحد الحضور (ليس سوريًا)، بينما أكدت عدة مصادر لـ”نيويورك تايمز” صحة التسجيل.
كيري قال للسوريين إن الولايات المتحدة لا تملك مبررًا لاستهداف قوات الأسد، مشيرًا إلى أن أمريكا تحترم القانون الدولي، بينما روسيا لا تفعل، ونقلت الصحيفة قوله إن ثلاثة أو أربعة أشخاص في الإدارة الأمريكية، يدعمون استخدام القوة في سوريا، معبّرًا عن عجزه لإقناع واشنطن بالتدخل، “ولن يوافق الكونغرس على استخدام القوة”.
ووفق التسجيل فإن أمريكا “تحاول مواصلة الجهود الدبلوماسية حتى اليوم”، إلا أن “نيويورك تايمز” أكدت أن العديد من المشاركين غادروا الاجتماع “محبطين”، بينما تُظهر جمل كيري أن إدارة أوباما لن تتوجه لتقديم مساعدات إضافية للمعارضة السورية.
ونقلت الصحيفة عن المهندس المدني، مصطفى السيوفي، الذي حضر الاجتماع قوله إن كيري أبلغهم حرفيًا “يجب عليكم القتال من أجلنا، ولكننا لن نقاتل من أجلكم”، وهذا ما جاء مخالفًا لما طُرح عقب انهيار اتفاق التهدئة في سوريا، وتضمن إمكانية دعم فصائل المعارضة بأسلحة نوعية من قبل أمريكا والسعودية وتركيا.
وفي هذا الصدد اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أن “أي جهد أمريكي لتسليح المعارضة أو مشاركتنا فيه قد يأتي بنتائج عكسية”، كما وصف أي تحريك للقوات الأمريكية في سوريا بأنه “سيجلب تدخلًا أكبر من روسيا وإيران وحزب الله، وحتى جبهة النصرة (فتح الشام) على حد سواء، بينما ستضع تركيا والسعودية ثقلها وما لديهما من أموال، وبالتالي سيعم الخراب على الجميع”.
وخلُصت التسريبات إلى أن الحل في سوريا “يكمن في الذهاب إلى انتخابات بوجود رئيس النظام السوري، بشار الأسد”، وهذا ما يتناقض مع سعي أمريكا ومطالبتها بتنحي الأسد منذ خمس سنوات، بينما أكد كيري أن “أفضل شيء بالنسبة للمعارضة القبول بحل سياسي بوجود حكومة انتقالية، وحينها ستصبح أمامكم الانتخابات ولتتركوا الشعب السوري يقرر من الذي يريد”.
نقاطٌ عدة جاءت ضمن التسجيل المسرب، ورغم أنها تتفاوت في أهميتها مضمونًا، إلا أن محللين لا يرون أي تطور بخصوص الملف السوري، في ظل “تبلّد” الإدارة الأمريكية، وتوغل روسيا في الحرب السورية إلى جانب الأسد، وهذا ما يتمثل في دعمه خلال معركته الحالية على أطراف الأحياء الشرقية من حلب، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية.
خيارات ربما تتخذها واشنطن ضد روسيا والأسدنشرت صحيفة “الحياة” اللندنية، الجمعة 30 أيلول، قائمة بالخيارات المطروحة للبدء بها وأبرزها: الإعلان رسميًا أن روسيا ليست شريكة في البحث عن حل دبلوماسي في سوريا، وبدء النظر لها على أنها “مخرب للحل”، إلا أنها تبدو بعيدة عن الواقع وعما يجري على الأرض السورية. وقف عمل “المجموعة الدولية لدعم سوريا” التي ترأسها كل من أمريكا وروسيا منذ اجتماع فيينا العام الماضي، وإيقاف العمل ضمن مجموعتي العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية ووقف العمليات القتالية، اللتين تعقدان أسبوعيًا في جنيف. وقف دعوات رفع العقوبات عن روسيا من أوروبا، إضافة إلى البحث في تعميق العقوبات، والحديث مع دول إقليمية لمعاقبة موسكو في أسواق النفط، وبدء فرض عقوبات اقتصادية إضافية على دمشق، والضغط على دول غربية أو عربية لوقف التطبيع مع النظام. بدء حملة إعلامية- سياسية ضد روسيا، وإثارة الموضوع السوري ودور روسيا في جلسات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة إلى تحميل روسيا مسؤولية مباشرة عن القصف والغارات والقتل، وتحريك ملفي قصف قافلة المساعدات، والأسلحة الكيماوية والكلور في مجلس الأمن. بحث إقامة منطقة حظر جوي محدود فوق حلب، ومنطقة جنوب سوريا، إضافة إلى إعطاء الضوء الأخضر لتركيا لقيادة عملية عسكرية مع “الجيش الحر” لطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من الرقة. توجيه ضربات لمطارات النظام السوري، وتوجيه ضربات لقواعد قواته وللميليشيات الرديفة له في سوريا، إضافة لبحث اقتراح لإرسال قافلة مساعدات إنسانية بحماية عسكرية من تركيا إلى ريف حلب. توفير معلومات استخباراتية أكثر لفصائل المعارضة عن مناطق انتشار قوات الأسد وحلفائها، وزيادة الدعم العسكري أكثر من حيث الكم والنوع لفصائل “الجيش الحر”، ورفع الفيتو الذي كان قائمًا بمنع وصول أسلحة نوعية، جاء ضمن الخيارات. عنب بلدي |