حذر ناشطون سوريون من خطورة الأوضاع الإنسانية للاجئين السوريين العالقين على الحدود الأردنية الشرقية، في منطقة الرقبان، بعد قرار السلطات الأردنية إغلاق الحدود الشمالية والشرقية للمملكة، واعتبارها منطقة عسكرية، في أعقاب التفجير الذي تبناه تنظيم الدولة واستهدف حرس الحدود الأردني في 20 حزيران/ يونيو الماضي وأسقط عددا من القتلى والجرحى.
ونقل ناشطون سوريون في مخيم الرقبان جزءا من معاناة الأطفال في المخيم، إضافة إلى مخيم الحدلات. ويضم المخيمان 102 ألف لاجئ، أكثر من 60 ألفا منهم يقيمون في مخيم الرقبان، بحسب أرقام حكومية أردنية.
صور صادمة وأطفال على حافة الموت
وزود مجلس عشائر تدمر والبادية السورية “عربي21“؛ ببعض الحالات الطارئة لأطفال يعانون من أمراض بحاجة إلى العلاج بأسرع وقت ممكن، حفاظا على حياتهم.
ولخص عمر البنية، من مكتب التنسيق الخارجي في مجلس عشائر تدمر والبادية السورية، أبرز المخاطر والصعوبات التي تواجه الأطفال في المخيم بـ”عدم وجود اللقاحات، كشلل الأطفال والحصبة والليشمانيا والسحايا”، في ظل ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، مع عدم توفر أي رعاية صحية أو أسرية. وتحدث البنية عن انتشار أمراض اليرقان وأبو صفار والتهاب الكبد والجفاف بين الأطفال.
وبحسب البنية، فقد تسبب عدم وجود الرعاية الصحية في انتشار حالات الوفاة بين الأطفال، “لوجود حالات صعبة جدا داخل المخيم، حتى إن أي حالة مرضية بسيطة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة”.
وكشفت الوثائق والصور التي حصلت عليها “عربي21” عن وفاة الطفلة فاديا محمد الخالد، التي تبلغ من العمر عشرة أشهر، بتاريخ 29-7-2016 نتيجة إصابتها بمرض اليرقان والإسهال الشديد ونقص الرعاية. وتوفيت الطفلة سلام زيتون بنفس المرض، فيما يعاني أطفال آخرون من تهديد حقيقي لحياتهم، منهم الطفل محمد نور الشليل الذي أصيب بحروق شديدة، والطفلة شعيلة التركي المصابة بفتحة بالقلب، والطفل حسن محمود حسن المصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وغيرهم.
وأكد الناشط علي التدمري، الموجود في مخيم الرقبان، ارتفاع حالات الوفيات بين الأطفال بعد إغلاق الحدود، وخصوصا بعد إصابتهم بعدوى مرض اليرقان.
وبحسب قول التدمري لـ”عربي21“، فقد سجلت الوفيات بين الأطفال في شهر تموز/ يوليو (10 حالات) وفي آب/ أغسطس (8 حالات). أما آخر وفاة يوم الجمعة فقد سُجلت في 26 آب/ أغسطس، وهي لطفل يبلغ من العمر 9 أشهر بعد أن أصيب بنوبة ربو حادة.
وبناء على إحصائيات غير رسمية، يقول التدمري إن عدد الأطفال داخل مخيم الرقبان يبلغ 25 ألفا، جزء منهم فارق الحياة عند السفر لعلاجهم بمناطق أخرى، بينما يعاني القسم الآخر من انتشار أيضا التهابات الأمعاء والإسهالات المزمنة الشديدة ونقص التغذية وانتفاخ البطن في ظل غياب الرعاية الصحية الكاملة، وعدم توفر عيادة طبية متكاملة ووجود أطباء أخصائيين للأطفال.
ودعا مجلس عشائر تدمر المجتمع الدولي إلى توفير حليب للأطفال بشكل عاجل، إلى جانب معدات فحص طبي، ومعدات إسعافية جراحية وأدوية إسعافية، وجهاز للتعقيم، وحاضنة للأطفال حديثي الولادة، ومولدة كهرباء.
هيومن رايتس ووتش: اللاجئون في خطر متزايد على الحدود
بدورها، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش مما أسمته بـ”الخطر المتزايد على الشريط الحدودي الأردني السوري”.
وقال مدير التواصل والمرافعة في المنظمة أحمد بني شمسي لـ”عربي21“؛ إن “الوضع على الحدود في خطر متزايد بالنسبة لأكثر من 70 ألفا من اللاجئين السوريين العالقين هناك، لم يصلهم إلا القليل من المساعدات الإنسانية منذ هجوم الرقبان في 21 حزيران/ يونيو”.
ودعت المنظمة الأردن السماح “لجميع السوريين الفارين من الحرب والعنف بأن يطلبوا اللجوء، وأهم من ذلك، أنه يجب استئناف تقديم المساعدات الإنسانية”.
وقال بني شمسي إن “هيومن رايتس ووتش تعي أن مخاوف الأردن أمنية مشروعة نظرا للوضع الإقليمي، لكن يجب أن تكون هذه المخاوف متوازنة مع الحاجة إلى ضمان رفاه السوريين الأبرياء الذين يفرون من الحرب”. ودعت هيومن رايتس ووتش الأردن “لضمان رفاه السوريين العالقين على الحدود” .
وحول الصعاب التي تواجه اللاجئين السوريين العالقين خلف الساتر الترابي، وخصوصا الأطفال والنساء وكبار السن، بيّن بني شمسي أن “المشكلة الأشد حدة الآن هي قلة المساعدة الإنسانية والرعاية الطبية”، مضيفا أنه “لم تصلنا إلا أخبار قليلة من داخل المخيمات منذ 21 حزيران/ يونيو، لكن هناك إشارات إلى أن الأوضاع ازدادت سوءا”.
لا مساعدات طبية
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هالة الشملاوي، أنه لا تواجد للجنة على الأرض في مخيم الرقبان بعد إغلاق الحدود من الجانب الأردني وأنها لم تُدخل مساعدات طبية.
وقالت لـ”عربي21” إن اللجنة أبلغت السلطات الأردنية بأنها على استعداد لمعالجة اللاجئين في منطقة الرويشد الأردنية في حال السماح لهم بالدخول.
تصلب حكومي أردني
أما الحكومة الأردنية، وعلى لسان أكثر من مسؤول، فتتمسك بموقفها بشأن منع إدخال اللاجئين السوريين العالقين خلف الساتر الترابي.
وشدد وزير الداخلية الأردني سلامة حماد، في تصريحات للتلفزيون الأردني الرسمي الشهر الماضي، على أن “قرار إغلاق الحدود لا رجعة عنه”.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، في أكثر من تصريح إن قضية هؤلاء اللاجئين على الحدود الأردنية ليست مشكلة أردنية وإنما دولية، وسخر من الدول التي تنتقد رفض الأردن استقبال اللاجئين بالقول: “نحن على استعداد لنقلهم لهذه الدول بالطائرات”.
وكانت السلطات الأردنية قد وافقت في 17 آب/ أغسطس الماضي على إدخال طفل واحد يقطن مخيم الركبان أثيرت قضيته عبر شبكات التواصل الاجتماعي لإجراء عملية جراحية له في القسم السفلي من جسمه بعد إصابته بتفتق شديد.
عربي21- محمد العرسان