كانت المساجد في سوريا عبارة عن دور عبادة للمصلين وأماكن لأداء الطقوس الدينية و لكن بعد اندلاع الثورة السورية أصبحت تشكل دوراً هاماً في مسيرة الثورة.
” نظراً لمكانة المساجد عندنا و تجمع المواطنين الكبير فيها، أصبحنا نتخذ منها أماكن تجمع واعتصام ومنطلق للمظاهرات” هكذا بدأ خالد حكايته عن المسجد الذي كان في حيه حيث قال: “لم أكن أرتاد المسجد قبل اندلاع الثورة، لكن صيحات المتظاهرين كانت تشدني “.. كان دور المساجد كبيراً خلال الثورة، إذ كان المتظاهرون يؤدون صلاتهم فيها، ليخرجوا للتظاهر ضد النظام، فتقابلهم قوات الأمن بالرصاص الحي، و أول مظاهرة انطلقت في 18 آذار 2011 من جامع العمري في درعا إلى أن أصبحت المظاهرات تخرج من جوامع المدن السورية كافة.
أبو صالح أحد الأطباء في حمص يروي قصته فيقول: ” عندما بدأ النظام باستهداف المشافي و النقاط الطبية، اضطررنا لاستخدام المساجد كمشافي ميدانية لإسعاف جرحى القصف على اعتبارها أكثر أمانا من غيرها “.
إذ تم تحويل بعض المساجد لملاجئ للمدنيين بسبب تدمير مئات المنازل، واستخدام ما يقارب 100 مسجد كمشفى ميداني لطبابة جرحى القصف.
بعد أن علم النظام بدور المساجد الفعال في مسيرة الثورة، لم يكن يحتاج للتفكير ملياً من أجل أن ينتهك حرمة المساجد، فأخذ يستهدف المساجد بشكل رئيسي في قصفه وأخذ يسقط المآذن، و عندما يحتل منطقة ما يقوم بدخول المساجد والعبث بها و تمزيق المصاحف، ففي 10 حزيران من عام 2013 قامت قوات النظام برفع راية سوداء على مأذنة مسجد عمر بن الخطاب في القصير بحمص مكتوب عليها “يا حسين”، و كانت أولى المآذن التي استهدفها نظام الأسد مئذنة مسجد عثمان بن عفان 23 تموز من عام 2013 في دير الزور شرق البلاد، ليمتد العنف ضد المساجد بعدها إلى جميع المحافظات السورية.
لم تكتف قوات النظام بهذه الانتهاكات، بل استخدمت بعض المآذن كمأوى للقناصين التابعين لها، فكانوا يقومون بقنص المدنيين و المارة، و ذلك ما دفع كتائب الثوار لاستهداف ما لا يقل عن 4 مآذن، ومثال على ذلك ما حصل في مئذنة مسجد أبو بكر الصديق في نيسان من عام 2013 في حي درعا البلد، الواقع على تلة مرتفعة تطل على كامل المدينة، و كان فيها قناص، حيث قتل أكثر من 27 مدنياً من أهالي الحي.
أبو أحمد والد أحد الشهداء يقول : “بينما كان ابني يعبر الشارع، قام قناص النظام بقنصه من مئذنة المسجد، و بقيت جثته أربعة أيام ممددة على الأرض حتى استطعنا سحبها”.
لم يكن كل ما تعرضت له المساجد في مختلف أنحاء سوريا عائقاً أمام المدنيين، بل زادهم إصراراً على ترميم كل المساجد التي تضررت، ففي مدينة ادلب دمر عدد من المساجد أثناء تحرير المدينة، إضافة إلى المساجد التي قصفها النظام بالطائرات الحربية كجامع الأبرار و جامع الحسين فأخذت الإدارة المدنية التي تشكلت بعد التحرير على عاتقها إعادة ترميم هذه المساجد. العم أبو محمد أحد المواظبين على الصلاة يقول: ” بعد قصف النظام لجامع الحسين الذي كنت أرتاده أصبحت أذهب لجوامع أبعد للصلاة، ولكن صحتي لم تعد تسمح لي وبعد ترميمه من قبل الإدارة المدنية لمدينة ادلب، عدت للصلاة في الجامع دون المشي لمسافة طويلة .
ظنت قوات النظام في سوريا أنها ستخمد الثورة من خلال استخدام أسلوب القصف الهمجي وانتهاك حرمة المساجد، ولم تدري انا المساس بحرمة المساجد زاد الشعب إصرارا على إسقاط النظام ومحاربة حلفائه.
المركز الصحفي السوري -محمد المحمود