لم تكن سياسة التحالف التركي، مع دول إقليمية وعالمية، وليدة اللحظة، وبالعودة إلى بداية “الربيع العربي”، الذي انتشر في بعض الدول العربية، نرى أن السياسة التركية، كانت تسعى دائما، لخلق تحالفات، مع الحكومات التى تتشابه مع تركيا سياسيًا، بحنكة وذكاء سياسي.
تركيا وتأزم علاقتها مع تونس
فبعد الثورة التونسية، ومع وصول حركة النهضة إلى نظام الحكم في تونس، بدأت تركيا، بإنشاء علاقات قوية، على جميع الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، وتصدرت الثورة التونسية العناويين الرئيسية في معظم الصحف التركية، وأبدى المسؤولون الأتراك استعدادهم لمساعدة تونس على كافة المستويات، كما أصبحت تونس مركزًا لجذب الاستثمارات التركية، ولرجال الأعمال الأتراك.
إلا أن العلاقة التركية التونسية، شهدت في الآونة الأخيرة، تأزمًا حادًا، بسبب تصريح لوزير الخارجية التونسي، “الطيب البكوش”، اتهم تركيا، بأنها تسهل عبور مقاتلين وإرهابيين تونسيين للقتال في سوريا، من خلال أراضيها.
وما لبثت الخارجية التونسية، وباسم المتحدث بلسانها، مختار الشاوشي، معلنة أن ما صدر عن وزير الخارجية، لم يكن بمعنى اتهام تركيا بـ”دعم الإرهاب”، كما وأضاف الشاوشي آنذاك، أن الخارجية التونسية تُولي اهتمامًا كبيرًا للعلاقات مع تركيا، وأن علاقة تونس بتركيا لا زالت “طيبة”.
ومع فتور العلاقة التركية التونسية، وانشغال تركيا بأمورها الداخلية من انتخابات، وإعادة انتخابات، وأعمال “إرهابية” استهدفت البلاد، وصراع الحكومة مع حزب العمال الكردستاني، هل من الصحيح القول بأن تركيا خسرت إحدى القلاع المهمة في المغرب العربي؟ وكيف ستنجح تركيا في إعادة الروح للعلاقة بين البلدين؟
تركيا والتحالف القطري
بالحديث عن العلاقة التاريخية الأقوى، التي تتمثل بين تركيا و قطر، وعلى صعيد العلاقات ووجهات النظر، فهنالك انسجام واضح بين البلدين، فيما يخص المواقف، والأزمات على الساحة الدولية، والإقليمية، كما أن أكبر دليل على قوة التحالف بين البلدين، الزيارات المتكررة لكبار المسؤولين الأتراك والقطرين، لكلا البلدين، وتوقيع الاتفاقيات المتبادلة، والتي كان آخرها التوصل إلى إبرام 16 اتفاقية مُشتركة بين الطرفين، خلال زيارة الرئيس التركي لقطر.
وفي زيارة سابقة لرئيس الوزراء التركي – الرئيس الحالي- ، رجب طيب أردوغان، أكد خلال كلمة له أن “العلاقات التركية القطرية تشهد تطورا كبيرا في شتى الأصعدة، وهذا ما نلمسه من خلال تبادل الزيارات الكثيفة، وأن الاستثمار المتبادل بين البلدين يعزز علاقة الصداقة والأخوة بينهما”، وأضاف: “لنا تاريخ مشترك يمتد إلى قرون، ونحن اعترفنا ببعضنا البعض عام 1972م، بصفة رسمية، وتم افتتاح سفارتي البلدين عام 1979م”.
وعقب تولي رجب طيب أردوغان رئاسة الجمهورية التركية، شهدت العلاقات بين تركيا وقطر منحنى جديد، وأعلن مسؤولون أتراك وقطريون عن إبرام اتفاق، يتعلق بتأسيس مجلس أعلى للتعاون بين البلدين، وتم التصريح بشأن الاتفاقية حينها، بهدف “تعزيز التعاون الثنائي بين الدولتين على أعلى المستويات، في شتى المجالات، السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والمالية، والاستثمارية، إضافة للطاقة، والأمن، والعلوم، والتكنولوجيا”.
كما أن موقف البلدين حيال العديد من القضايا، التي تخص المنطقة مشترك، حيث أن الجانب القطري يتفق مع أنقرة بشأن رفض الانقلاب العسكري في مصر، كما يتشارك الطرفان في رؤية دعم القضية الفلسطينية، وفي الحق الطبيعي للفلسطينين في مقاومة الإحتلال، وكفاحهم العادل، بالإضافة إلى الموقف الموحد بين البلدين بشأن القضية السورية، وضرورة تحرر الشعب السوري، وحمايته من “النظام الوحشي”.
موقف قطر من توتر العلاقة بين تركيا وروسيا
لم تصرح قطر بشكل مباشر تأييدها من عدمه، لإسقاط المقاتلة الروسية عند اختراقها للأجواء التركية، إلا أن وزير الخارجية القطري”خالد بن محمد العطية”، أعرب عن ثقته في أن “تركيا وروسيا ستجدان طريقة للحل السياسي والدبلوماسي”.
كما أن الصحفيين القطريين صرحوا بحق تركيا في الحفاظ على هيبتها وكرامتها، في مواجهة فوضى تقودها روسيا، وكتبوا “بلغت روسيا حدّها من الممارسات غير المسؤولة، بانتهاك سيادة تركيا مرة وأخرى وثالثة، حتى نفذ صبر الجيش التركي، وهو يرى سماءه يتم انتهاكها من قبل المقاتلات الروسية، وسط تجاهل تام للتحذيرات التي أطلقها الجانب التركي”.
ومعتبرين أنه حق مشروع للجانب التركي، ومطالبين بأن يكون موقف كل عربي ومسلم حر يرفض هذه “العربدة الروسية”، في أجواء دولة عربية هي سوريا.
إعلام قطر وزيارة “أردوغان”
اهتمت وسائل الإعلام المحلية القطرية، بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدوحة مؤخرًا، وأولتها اهتماما خاصًا، كما دشن مغردون قطريون أكثر من هاشتاق #الزعيم_في_دوحة_تميم، #اهل_قطر_يرحبون_باردوغان ، #الحلف #السعودي #القطري #التركي.. للترحيب بالرئيس التركي على طريقتهم، إلى جانب التفاعل مع حملات دعم المنتجات التركية، والمطالبة بخطوات عملية في ” التحالف السني”، الذي يشمل السعودية وتركيا وقطر، في مواجهة التحالف الروسي الإيراني.
علاقة تركيا الجديدة، والقوية مع السعودية (التحالف العسكري)
تتجه تركيا إلى الدخول في تحالف استراتيجي عسكري مع السعودية وقطر، ودول أخرى، صرح بها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، حيث يشير محللون إلى أن قوة البلدين الكبيرين تركيا والسعودية، بوصفهما مركزي ثقل كبيرين، يمتلكان القدرة، والرغبة المشتركة في إحداث توازن في المنطقة، يشمل إنشاء “منطقة آمنة” لحماية السوريين، وإنشاء تحالف عسكري يقاتل تنظيم “داعش”، وباقي المنظمات الإرهابية، التي تستبيح الدم السوري، وتحقيق غيرها من الأهداف.
ترك برس
