ثار الجدل مجددًا حول ما إذا هناك تحول في الموقف التركي، مع إقامة أنقرة تعاونًا في سوريا مع موسكو وطهران.
من المؤكد أن للتوتر بين تركيا والولايات المتحدة دور كبير في ذلك. لكن في المقابل، فكرة “التقارب مع روسيا عوضًا عن الغرب” خاطئة أيضًا. فأنقرة تعمل على إقامة توازن حساس بين واشنطن وموسكو.
لماذا روسيا وإيران؟
تقول أنقرة إن السبب الأول في التعاون التركي مع روسيا وإيران هو عدم قدرتها على إقامة شراكة من هذا القبيل مع الولايات المتحدة. فهي لم تستطع إقناع واشنطن باستخدام الجيش الحر والفصائل الأخرى المدعومة تركيًّا، كقوة برية في سوريا.
ومع أن واسنطن وافقت في البداية على دعم هذه المعارضة إلا أنها خفضت مساعدتها بسرعة فيما بعد. وعلى الإثر دعمت أنقرة هذه الفصائل من الخلف بقواتها الخاصة؟ ولم تنجح أيضًا في إقناع الولايات المتحدة باقتراحها أن يقاتل الجيش التركي مباشرة إلى جانب القوات الأمريكية. وفضلت واشنطن التعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي.
ومع قطع وكالة الاستخبارات المركزية مساعداتها تمامًا للجيش الحر هذا الشهر، أصبحت تركيا الداعم الوحيد له.
أما السبب الثاني الذي دفع تركيا للتعاون مع روسيا وإيران فهو الاضطرار إلى إلزام طهران بالحل. لأن إيران كانت أكبر داعم للأسد منذ اندلاع الحرب، وكانت تعرقل التعاون التركي الروسي، ففي ديسمبر 2016، انتهكت إيران اتفاقًا برعاية موسكو وأنقرة لوقف إطلاق النار في حلب.
مسؤول تركي رفيع أخبرني أن أنقرة بذلت الكثير من الجهود لضم الولايات المتحدة إلى هذه المعادلة، وأنها قامت بمساعٍ في هذا الإطار من أجل ربط مسار أستانة، برعاية تركية روسية إيرانية، مع مسار جنيف، الذي تشرف عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد المسؤول أن واشنطن منزعجة جدًّا من قمة سوتشي ومباحثات أستانة ، وأن أنقرة بذلت جهدًا خاصًّا حتى ترسل واشنطن مبعوثُا لها إلى هذه المباحثات.
اتفاق غير مباشر مع دمشق
ومن الواضح أن أنقرة تعمل على إقامة تعاون مع جميع جيرانها كي لا تجد نفسها محاصرة من جانب القوى العظمى. وتخطط للتخلص بهذه الطريقة للتخلص من الوضع الحرج في مسألة وحدات حماية الشعب، أي بالحصول على دعم بغداد ودمشق.
لكن هل من الممكن إقامة تعاون مع النظام السوري؟ في الواقع، منذ اتفاق حلب في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وهناك تنسيق غير مباشر بين أنقرة ودمشق. ولعلكم تذكرون أن الجيش السوري انسحب آنذاك من أجل السماح بخروج المعارضة.
بمكن لنظام الأسد أن يبدي تعاونًا مشابهًا في عفرين أيضًا. فكما هو معروف تشعر أنقرة بالانزعاج من دعم روسيا لحزب الاتحاد الديمقراطي في عفرين. بل إن مسألة مشاركة الحزب في مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده برعاية موسكو تعتبر مشكلة عالقة بين البلدين.
المسؤول الذي تحدثت معه يقول إن أنقرة لم تتفق بعد مع موسكو على خارطة طريق نهائية في هذا الخصوص. لكن لا تندهشوا إذا أعلنت روسيا في وقت قريب عن انسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي من عفرين وتسليم المدينة للنظام السوري. واتهام الأسد قبل يومين حزب الاتحاد الديمقراطي بالخيانة والعمالة يدعم هذا الاحتمال.
وفي المقابل ينبغي ألا ننتظر حدوث اتصال مباشر بين أنقرة ودمشق في القريب العاجل. غير أنه في حال إبداء النظام تعاونًا بخصوص حزب الاتحاد الديمقراطي، قد ينشأ جو إيجابي تجاه دمشق بعد بدء مرحلة الانتقال السياسي في سوريا.
ترك برس