الجمعة 24/4/2015
المركز الصحفي السوري- عاصم الإدلبي
لا شك أن تركيا هي اللاعب الرئيسي الذي لا غنى عنه في أي تحرك عسكري محتمل في سوريا، حيث أنها تمسك بكل خيوط اللعبة العسكرية “الفعالة”، و التوافق مع تركيا هو المفتاح لحل هذه الأزمة.
منذ بداية الأحداث في سوريا كانت تركيا هي السباقة لأي جهد دولي لحل الأزمة في هذا البلد، وكانت تتخذ لغة حادة في أغلب الأحيان ضد النظام السوري ورأسه بشار الأسد، وذلك في العام الأول من انطلاق الاحتجاجات في سوريا، لكن الجهود الدولية المترددة وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية جعلها تتخذ سياسة أقل حدة في العامين الماضيين، لكنها بقيت تتخذ سياسة حذرة بما يحفظ أمنها القومي على الحدود الجنوبية لتركيا مع سوريا.
في لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي يوم الثلاثاء الماضي ذكرت مصادر إعلامية أن وزير الخارجية التركي طالب بوجود غطاء جوي في شمال سوريا لكي يبدأ مقاتلو المعارضة السورية” المعتدلون” عملهم في سوريا، وهو ما يعيد إلى الواجهة الجهود الدولية لإقامة مناطق آمنة في شمال سوريا، وهذا ما دعا إليه أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي لإقامته في شمال سوريا في رسالة وجههوها للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال العضوان الجمهوريان جون مكين ولينزى جراهام والعضوان الديمقراطيان ريتشارد ديربن وتيم كين في الرسالة إلى أوباما :”النزوح البشرى الهائل والقتل والدمار إهانة للعالم المتحضر ويجب أن تتوقف”.
هذه المؤشرات قد تشير إلى تحول “محتمل” في الموقف الدولي إزاء ما يحدث في سوريا، وضرورة مواكبة التطورات العسكرية على الأرض خصوصاً في إدلب وحلب ودرعا، وبعد التقارب السعودي التركي القطري لإيجاد مقاربات جديدة فعالة على الساحة السورية، والعمل أكثر لإنجاز اختراقات عسكرية على الأرض تشكل ضغطاً قوياً على النظام.
مهدت “عاصفة الحزم” التي قامت بها المملكة العربية السعودية مع تسع دول أخرى وذلك لإيقاف تمدد “ميليشيات الحوثي” في اليمن لإيجاد تحرك مماثل تقوده تركيا في سوريا، هذا التحرك –إن حصل- سيكون له تأثير مهم جداً بالنسبة للمعارضة السورية المسلحة، كما لوحظ في الفترة الأخيرة تناغم ما بين التنسيق الإقليمي بين تركيا والسعودية وقطر والانتصارات الواضحة التي تحققها قوات المعارضة المسلحة في إدلب ودرعا بالتحديد، وهذا التنسيق لم يكن ليؤتي أكُلَه لولا الرغبة التركية الواضحة في إيجاد حل للأزمة السورية والضغط بشكل حقيقي على النظام السوري الذي تريد هذه الأطراف إسقاطه بأي حال من الأحوال.
أبدت تركيا منذ بداية العام الحالي رغبة واضحة من جهتها لتدريب مقاتلين “معتدلين” من المعارضة السورية، ووعدت ببدء برنامج التدريب بداية مارس /آذار الحالي، لكن تركيا تعلم أن خطة الولايات المتحدة لتدريب وتسليح المعارضة لن تجدي نفعاً دون الأخذ بعين الاعتبار للمخاوف التركية و الاستراتيجية التي تريد أنقرة تنفيذها في سوريا، فهي أعلنتها صراحة على لسان مسؤوليها أنها تريد محاربة تنظيم الدولة وقوات الأسد في سوريا، وليس فقط التركيز على محاربة تنظيم الدولة، وهذا ما أدى لتوتر بين تركيا وواشنطن على خلفية هذه التحفظات التركية بشأن محاربة التنظيم في سوريا والعراق.
التقى أمس وفد من الائتلاف السوري المعارض مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وضم الوفد كلاً من رئيس الائتلاف ونوابه والأمين العام وعدداً من أعضاء الهيئة السياسية والهيئة العامة ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، وزيارة الائتلاف السوري إلى قطر ومن قبلها زيارة خالد خوجة رئيس الائتلاف إلى السعودية تشي بتحرك محتمل قطري سعودي تركي على مستويين الأول هو جمع المعارضة السورية المشتتة وتشكيل جسم مفاوض جديد يكون معترفاً به لدى جميع دول العالم ويضم كافة أطياف المعارضة، والثاني العمل على إحداث تغييرات جوهرية على المستوى العسكري الميداني تمهيداً لإحداث مناطق آمنة أو منطقة حظر جوي لجعل هذه المعارضة تأخذ دوراً فاعلاً على الأرض في داخل سوريا، وسيكون لتركيا الدور الأساسي في أي خطوة مقبلة ستتخذ في هذا الإطار.
بهذه المعطيات السابقة ربما يكون هناك بوادر حلحلة للوضع المتأزم في سوريا، لكن الأمر الأساسي الذي يجب أن يدركه الداعمون في الخارج أن الثورة في سوريا ستستمر – رغم الكلفة الباهظة – التي دفعها ويدفعها السوريون كل يوم، وسواء كان هناك تحرك أم لم يكن فإن الثوار على الأرض لن يتوقفوا في ابتكار أساليب جديدة لاستمرار ثورتهم حتى نيل الحرية والكرامة والدولة المدنية الديمقراطية.
خاص المركز الصحفي السوري