كشفت تركيا عن نواياها في التقدم نحو مدينة منبج التي يهيمن عليها أكراد سوريا في خطوة هادفة إلى اختبار قوتهم، وكذلك دفع الولايات المتحدة إلى الخروج من حالة الغموض تجاه الموقف من الصراع بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية وكلاهما حليف لها.
ولم يمض يوم على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي أكد فيها مهاجمة مدينة منبج، حتى بدأت القوات التركية وقوات سورية حليفة اشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم مجلس منبج العسكري “إن الجيش التركي وجماعات سورية مسلحة متحالفة معه هاجمت قرى تسيطر عليها فصائل تدعمها الولايات المتحدة قرب مدينة منبج في شمال سوريا”.
وأكد شرفان درويش المتحدث باسم مجلس منبج العسكري، وهو عبارة عن قوات كردية، قيام قوات درع الفرات والجيش التركي بهجوم على منطقة منبج من الغرب بالتزامن مع هجوم داعش من الجنوب.
وفي تصريح لـ”العرب” أضاف درويش قائلا “بينما تدور اشتباكات على الجبهتين، تستنفر إدارة منبج المدنية والعسكرية لإغاثة وتأمين الآلاف من النازحين الذين يتوجهون وسط منبج هربا من المعارك والقصف التركي”.
ويعتبر درويش منبج منطقة استراتيجية بالنسبة إليهم، فقد سيطروا عليها بعد أن طردوا داعش ولا يوجد مبرر شرعي للجانب التركي بالهجوم على المنطقة الخالية من الإرهاب.
وتعتبر منطقة منبج ذات أهمية استراتيجية لتركيا لاعتبارات عديدة أبرزها أنها تضعف النفوذ الكردي على الحدود الجنوبية التركية.
وهي إلى ذلك تعزز قدرة تركيا على إقامة منطقة عازلة شمال سوريا تشكل ما يمكن وصفه بقاعدة عسكرية كنتيجة “أمر واقع”″ من خلال الدعم التركي لفصائل سورية تسمّى درع الفرات.
ويقول درويش “خيارنا نحن في المجلس العسكري يتمثل في أن ندافع عن مدينتنا ضد الهجمات التركية وميليشيات داعش”.
وتؤكد مصادر كردية أن قرى كورهيوكه وهولاشه وخالدة الواقعة جنوب وغرب منبج تعرضت لهذه الهجمات الثنائية.
وتزامن هجوم درع الفرات مع هجوم داعش على قريتي مستريحة وجديدة الواقعتين على بعد 20 كيلومترا جنوب مدينة منبج.
واستبعد متابعون للشأن التركي أن تغامر أنقرة بخوض معركة معقدة وغير محسوبة النتائج، مرجحين أن تكون قد حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة التي قد تجد نفسها مضطرة إلى التدخل للتهدئة بين حلفائها الأتراك والأكراد السوريين.
واعتبروا أن غموض الموقف الأميركي من التنافس التركي الكردي في الحرب على داعش دفع الطرفين إلى الاعتقاد بوقوف واشنطن معها.
وأشار المتابعون إلى أن التسريبات المتناقضة التي نقلها قادة أتراك وأكراد على لسان مسؤولين أميركيين غذّت من حالة الاحتقان بينهما.
وجاءت المواجهة بعد يوم من اختراق حققه الجيش السوري نجح من خلاله في الالتفاف على الجيش التركي والفصائل المتحالفة معه شرق الباب، ما خول له وصل مناطق سيطرته بمناطق سيطرة الأكراد جنوب منبج.
ويقول الباحث والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش “إن الطريق إلى الرقة انطلاقا من الباب باتت مقطوعة أمام الأتراك الذين لم يعد بإمكانهم بالتالي مهاجمة منبج من جهة الجنوب”.
ورغم أن دمشق تعارض رغبة الأكراد في إقامة حكم ذاتي بشمال البلاد، لكن يبدو أن الطرفين وضعا خلافاتهما جانباً بحكم الضرورة لمواجهة تركيا.
العرب اللندنية