أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجية الأمن القومي الأمريكية المكونة من 68 صفحة. لا يخدعنكم عدم ورود اسم تركياولا مرة واحدة في النص. فتركيا حاضرة لكن بين السطور.
عند النظر إلى قسم السياسات الإقليمية الأمريكية أول ما ترونه أن منطقة آسيا- المحيط الهادئ ترد تحت اسم منطقة المحيط الهادئ الهندي أو “الهندو-باسيفيك”.
بطبيعة الحال تسمية المنطقة بـ “الهندو- باسيفيك” عوضًا عن آسيا- الهادئ، تدل على خطاب معارض لمساعي الصين من أجل الهيمنة على المنطقة.
تأمل الولايات المتحدة بكسر الهيمنة الصينية من خلال زيادة العمل مع الهند وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وتوسيع الشراكة بين هذه البلدان. وبرأيي الشخصي فإن الصين ستخرج فائزة من هذا الصراع.
يأتي بعد ذلك القسم الخاص بأوروبا
هناك أمر لفت نظري، وهو أنه خلال تعداد البلدان التي تأذت من داعش لم يرد اسم بريطانيا بين البلدان المذكورة. وباستثناء ذكرها بين البلدان الواجب تطوير العلاقات الاقتصادية معها، لم يأتِ النص على ذكر التحالف الأنكلو- ساكسوني المنتظر التأكيد عليه في الأحوال العادية.
ونصل إلى القسم الخاص بالشرق الأوسط.. المقطع الأول منه هو التالي:
“تعمل الولايات المتحدة من أجل شرق أوسط لا يسمح بظهور الإرهابيين الجهاديين، ولا يؤمن لهم منطقة آمنة، ولا يوفر السيطرة لأي قوة تتصرف بشكل معادٍ ضد الولايات المتحدة، ويساهم في سوق الطاقة العالمي المستقر”.
كونوا على ثقة أن تركيا واحدة من البلدان التي تتحدث عنها كواليس واشنطن في سياق البلدان المشمولة بوصف “قوة تتصرف بشكل معادٍ”
ستقولون: “هل يحق للولايات المتحدة أن تفكر بهذه الطريقة، وهي التي أغدقت الأسلحة على التنظيمات الإرهابية المعادية لنا، وقدمت لها الدعم والحماية؟”.
لكن الأمر ليس مسألة حقوق وقوانين.. فنحن قمنا بتجارة النفط مع إيران عن طريق “بنك خلق” التركي، ولم نقدم الخراج للبنوك الأمريكية.
جريمتنا كبيرة.. وعدم ورود اسم تركيا، التي سمتها الولايات المتحدة على مدى سنوات “الشريك الاستراتيجي”، ولا مرة واحدة في وثيقة استراتيجية الأمن القومي هو بحد ذاته رسالة كافية.
ولهذا لم يكن من المفاجئ أن تتداول وكالات الأنباء خبر تأجيل الولايات المتحدة بدء إجراءات التأشيرة بالنسبة للأتراك حتى يناير 2019.
في الأقسام الأخرى من الوثيقة، رغم ذكر روسيا والصين على أنهما المنافس/ العدو رقم واحد، إلا أن إيران تحتل الصدارة في هذا الخصوص في الشرق الأوسط.
وفي حين يصف نص الوثيقة إيران بـ “الإرهاب المدعوم من الدولة”، نرى أن إسرائيل والسعودية تبرزان على أنهما حليف وثيق. ويرد اسم مصر أيضًا في الوثيقة.
وعلى الرغم من عدم ذكر قطر بالاسم إلا أن الوثيقة أكدت على أهمية وحدة مجلس التعاون الخليجي، وأومأت إلى موقف أمريكي معارض للحصار المفروض على قطر.
اسم تركيا لم يرد في نص وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، لكنها موجودة في الحقيقة وستواصل إزعاجها لواشنطن.
ترك برس