حرب طال أمدها على السوريين وتفاقمت معها المعاناة والأوجاع وسط انعدام بوادر الأمل لإيجاد حل ينهي هذا الصراع الذي خلف آلاف الشهداء والجرحى بالإضافة لآلاف المعتقلين والمخطوفين والأيتام والأرامل وكثير غيرهم من قصص تختبئ في قلب كل سوري.
ولعل الهروب والبحث عن ملاذ آمن أول مايفكر السوريون به لتوفير حياة طبيعية لأبنائهم بعيدا عن القصف والموت والاعتقال، لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين هو هذا الملاذ وأين الوجهة التي عليهم اتباعها ليسلموا بأنفسهم وبالأخص أهالي المناطق المحررة في الشمال السوري؟.
فقد تقطعت بهم السبل وبالأخص بعد إغلاق جميع الدول سواء الأوروبية أو العربية أبوابها أمامهم، وكانت تركيا الوجهة الوحيدة والأقرب واحتضنت مايقارب 3 ملايين لاجئ سواء في المخيمات الحدودية أو داخل أراضيها، إلا أنها بدأت تحذو حذو مثيلاتها من دول الجوار وتتخذ موقفا قاسيا ومجحفا بحق السوريين القاصدين أراضيها للاحتماء بها، فقد صرحت أنها تعتزم إكمال بناء الجدار الخراساني على طول الشريط الحدودي مع سوريا قبل ربيع عام 2017 فتكون مغلقة بشكل كامل، وليصبح دخولها أمرا مستحيلا في ظل إغلاق معابرها الحدودية.
وكأنه كتب للسوريين الشقاء والعيش بالخوف وانتظار الموت، وخلفت قرارات تركيا المتلاحقة أزمة بحقهم وهنا برز دور تجار البشر أو مايطلق عليهم “المهربين” ليستغلوا حاجتهم بعبور الحدود ويتقاضوا مبالغ خيالية على ذلك، وعن ذلك تخبرنا غصون ذات “40” عاما تجربتها مع أحد المهربين:” أصر زوجي أن نخرج من ادلب بعد الهجمة العسكرية الشرسة عليها، واستدلينا على مهرب عن طريق إحدى صفحات التواصل الاجتماعي، وكان قد وضع أسعارا متفاوتة للعبور، أدناها 300 دولار وهي دون مرافق، وأبهظها 1400 دولار للشخص الواحد وهي مضمونة أكثر وشبه نظامية وذلك بدفع قسم من المبلغ لضابط تركي يؤمن دخولنا””.
وتكمل غصون:” قبلنا بعرضه ودفعنا له المبلغ عن 4 أشخاص، وطوال الطريق وهو يطمئننا ألا نخاف وما إن واقتربنا من الحدود بدأ الرصاص ينهال علينا من كل حدب وصوب، وكنا قد اقتربنا من جدار عال رمينا أغراضنا أرضا ولم نستطع التسلق عليه وألقت (الجندرمة) القبض علينا وضربوا زوجي وعدنا خائبين بعد أن رفض المهرب إعادة كامل المبلغ بحجة أنه دفع أكثر من نصفه للضابط، وأنصح كل من يرغب بالخروج أن يعد للألف قبل أن يقدم على ذلك”.
الجميع يتاجر بدماء السوريين، والجميع يدّعون حرصهم على سلامتهم لكن الحقيقة تختلف كليا عن ذلك، فهم يدافعون عن مصالحهم وقضاياهم ويغلقون آخر باب يمكن أن يطرقوه ليعيشوا بسلام، لكن بات الأمر واضحا وجليا أمامهم فلا أحد يرغب بإنهاء الحرب لأنهم ينتفعون على حساب الشعب المسكين الذي لاحول له ولا قوة، وهنا ليس أمامهم سوى خيار واحد لا ثاني له الصبر والبقاء تحت رحمة الطائرات وانتظار الموت أو الفرج الذي على مايبدو بعيد المنال.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد