لجأ مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، إلى القساوسة، إزاء التقدم الكبير الذي تحققه المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، في استطلاعات الرأي، طالبا منهم دعمه في الانتخابات المقبلة، والتصويت له.
ورغم تحقيقه فوزا كاسحا على منافسيه الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية لنيل ترشيح الحزب، فإن ترامب يمر بمرحلة من الشكوك مع تراجع نسبة التأييد له في الحملة الوطنية للانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأثارت تصريحاته الأخيرة كثيرا من الجدل والانتقادات، إثر اتهامه منافسته كلينتون والرئيس الأمريكي الحالي، باراك أوباما، بأنهما أسسا تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتراجع ترامب عن هذه الاتهمات ووصفها بأنها كانت ساخرة، ولا تعبر عن الحقيقة، وظهر بعدها أمام القساوسة الخميس، ليقول لهم: “غالبا ما أمازح بالقول إنه حتى لو كنتم مرضى، ولو كان تشخيص حالتكم هو أسوأ تشخيص يمكن أن يصدر عن طبيب، وكنتم في الفراش ولا تعرفون ما إذا كنتم ستنجون، عليكم رغم ذلك أن تنهضوا في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، وأن تذهبوا للإدلاء بأصواتكم”.
وحض الحضور تسع مرات خلال خطابه على تعميم هذه الدعوة على رعياتهم، حتى يصوتوا جميعا له في الانتخابات الرئاسية.
نهج حملة ترامب
ولم يعد المرشح الجمهوري للبيت الأبيض يخفي شكوكه بشأن نتيجة الانتخابات الرئاسية، كما أن فريقه لا يدري كيف يمكنه تعديل نهج الحملة الذي قاده إلى الانتصار في الانتخابات التمهيدية، للتماشي مع انتقال الحملة إلى المستوى الوطني، بحسب ما أوردته وكالة “فرانس برس”، في تقرير لها.
وكان الملياردير ترامب تجاهل خلال حملة الانتخابات التمهيدية في 2015 و2016 آراء الخبراء والمراقبين الذين كانوا يحضونه على تبني سلوك جدير بالرئاسة، والتوقف عن شتم خصومه، والبدء بكتابة خطاباته والالتزام بنصها، بدل الارتجال. غير أن استراتيجيته الخارجة عن المألوف فاجأت الجميع، وحققت له النصر.
ومنذ أن أصبح المرشح الرسمي للحزب الجمهوري، بات يلقي في بعض الأحيان بناء على إصرار مستشاريه، خطابات تنطوي على مضمون وتتناول مسائل أساسية، يتبع فيها النص المكتوب.
وبحسب الوكالة الفرنسية، فإن ترامب رغم ذلك لا يزال يرتكب بصورة شبه يومية هفوات واستفزازات وتجاوزات سواء مقصودة أو غير مقصودة، حول جملة من المواضيع، مثل روسيا والأسلحة، وتنظيم الدولة، أو حتى هجومه على والدي جندي أمريكي مسلم قتل في المعركة في العراق.
وقال ترامب لمجلة “تايم” الثلاثاء: “لا أحب التغيير. لكن هذا ما فعلت. سوف نرى إلى أين سيقودني ذلك”.
وإذ لا يزال يتردد بين النهجين، يبقى ترامب عاجزا عن توضيح استراتيجيته الانتخابية. وحين تطرح عليه أسئلة، يعتمد على حدسه في الرد. كما أنه يشتت جهوده جغرافيا، فيعقد مهرجانات انتخابية في مناطق لا يمكنه الفوز بها.
توقع فوز كلينتون
يستند ترامب في حملته إلى أربع رسائل باتت معروفة من الجميع، هي: بناء جدار على الحدود مع المكسيك، والحد من الهجرة، والقضاء على تنظيم الدولة، وإعادة الوظائف الصناعية التي انتقلت إلى الخارج.
في المقابل، وضع فريق هيلاري كلينتون استراتيجية مفصلة لتعزيز قاعدتها بين الناخبين السود والمتحدرين من أمريكا اللاتينية، واستعادة ثقة العمال البيض في ولايات أساسية، مثل بنسلفانيا وأوهايو، الأمر الذي يمكن يمكن أن يحسم نتيجة الانتخابات.
وعملا بهذه الاستراتيجية، أقام فريق حملة كلينتون أجهزة محلية مع فتح مكاتب انتخابية ونشر موظفين ومتطوعين.
وتعتمد الحملة الانتخابية على الإعلام والتواصل مع الناخبين عبر الإعلانات. وذكرت شبكة “أيه بي سي”، أن الفريق الديموقراطي أنفق حوالي 93 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية، مقابل 11 مليونا فقط من جانب فريق ترامب.
ولم تنفق لجنة الحملة الرسمية للمرشح الجمهوري حتى الآن أي مبالغ على الإعلانات التلفزيونية، وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
ولا يزال ترامب يتصرف وكأنه يتوجه إلى جمهور الانتخابات التمهيدية الذي لا يتعدى 31 مليون ناخب، في حين أن حوالي 130 مليون أمريكي صوتوا في الانتخابات الرئاسية عام 2012. ولم يتأكد حتى الآن الانتقال الكبير لناخبي الطبقات الشعبية الذي يراهن عليه، لتوسيع صفوف مؤيديه.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن كريستوفر فليزن، الأستاذ في جامعة تكساس في مدينة أوستن، قوله: “لم يعد هناك الكثير من الوقت”، معلقا على أسلوب ترامب الذي لا يمكن التكهن به الذي غالبا ما يتم التعويل عليه لتوقع تقدم مفاجئ له في أيلول/ سبتمبر، قائلا: “هذا قد يساعده، كما أنه قد لا يساعده، لا أحد يدري. لكن على ضوء وقائع الأسبوعين الأخيرين، يبدو أن تاثيره يميل أكثر إلى السلبية”.
فرجل الأعمال لم يتراجع فحسب في استطلاعات الرأي الوطنية، بل هو في خطر في ولايات أساسية غالبا، ما أتاحت للمرشحين الجمهوريين حسم السباق لصالحهم.
وكشف استطلاعان للرأي جديدان أجرتهما صحيفة “وول ستريت جورنال” وشبكة “أن بي سي” تقدم كلينتون عليه في كولورادو وفلوريدا وكارولاينا الشمالية وفرجينيا.
وتجري الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالاقتراع غير المباشر من قبل هيئة ناخبة. وتوقع خبراء نشرة “ساباتوز كريستال بول” في جامعة فرجينيا فوزا سهلا لكلينتون، بأصوات 347 من كبار الناخبين، مقابل 191 لترامب.
وأوضح كايل كونديك رئيس تحرير النشرة: “ترامب متأخر، والخيارات تنحسر أمامه للتعويض عن تأخيره”.
وإزاء إمكانية هزيمته، تبنى المرشح الجمهوري موقفا غير مكترث.
وقال ترامب خلال مقابلة: “سأواصل القيام بما أقوم به. وفي نهاية الأمر، إما أن ينجح الأمر، وإما أن آخذ عطلة طويلة ممتعة”.
عربي 21