بعد انتخاب ترامب، كان أردوغان من بين أوائل الزعماء الذين هنأوا الرئيس المنتخب، وأعرب عن أمله في أن تنتهي الأزمات العالمية مثل “الحرب في فلسطين والحرب بين روسيا وأوكرانيا”. وفي حين اعتبرت وسائل الإعلام التركية انتخاب ترامب في المقام الأول بمثابة عامل محتمل لتيسير العلاقات بين الزعماء، فإن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته تسبب القلق داخل الدوائر المؤيدة للحكومة والمعارضة على حد سواء.
وفيما يتصل بالحروب الجارية في المنطقة، يتفق العديد من المعلقين على أن تركيا ربما تعرض أن تكون وسيطاً في إطار جهود ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ولكن ما حظي بقدر أقل من الاهتمام هو التهديد الأمني الذي قد يشكله اتفاق سلام لصالح روسيا ويسمح لها بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت نفسه، ونظراً لموقف تركيا القوي المؤيد للفلسطينيين والمعادي لإسرائيل، فإن الدعم القوي المتوقع من جانب ترامب لإسرائيل قد يخلق توتراً في العلاقات الأميركية التركية.
وعندما يتعلق الأمر بالنزاعات الأمريكية التركية القائمة، ونظرا للأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي وربما مجلس النواب الأمريكي، فقد اقترحت بعض التقارير الإعلامية التركية أن ترامب سيكون لديه المزيد من الحرية في قضايا مثل رفع العقوبات ضد تركيا، وتسليم طائرات إف-16 الأمريكية المقاتلة، وتجديد صفقة إف-35 ، مما قد يعزز موقفه في التعامل مع تركيا.
ولعل القضية الأكثر أهمية في العلاقات الأميركية التركية هي سوريا، وخاصة الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب، وهي مجموعة مرتبطة بجماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية. وفي حين لم يتمكن ترمب من تنفيذ قراره لعام 2019 بسحب القوات الأميركية من سوريا بالكامل، هناك توقع في الدوائر التركية بأن الانسحاب المماثل للانسحاب من العراق قد يكون أسهل في ظل إدارته. ومن ناحية أخرى، يزعم العديد من المعلقين أن تصعيد العنف في الشرق الأوسط، وخاصة في لبنان وسوريا، وخطر اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وإيران قد يدفع الولايات المتحدة إلى البقاء في سوريا ومواصلة دعمها لقوات سوريا الديمقراطية. ويعتقد بعض الخبراء أن تركيا قرأت هذا الوضع مسبقًا وأن “الانفتاح الكردي” الجديد للائتلاف الحاكم، والذي يبدو أنه يركز على السياسة الداخلية، هو في الواقع جهد لمنع عنف حزب العمال الكردستاني داخل البلاد والتفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي تعزيز موقف تركيا في المفاوضات بشأن سوريا مع جهات فاعلة أخرى.
وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية الثنائية، فإن سياسات الحماية التي ينتهجها ترامب، بما في ذلك التعريفات الجمركية على الصلب التي فرضت خلال ولايته الأولى، قد تسببت بالفعل في أضرار جسيمة لتركيا. ومن الممكن أن تؤدي التعريفات الجمركية الجديدة، إلى جانب حرب تجارية محتملة مع الصين، إلى خلق توترات مع تركيا، خاصة وأن تركيا تسعى إلى تنويع أسواقها وتعزيز العلاقات مع جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا من خلال مبادرة آسيا الجديدة، فضلاً عن محاولاتها الانضمام إلى مجموعة البريكس الاقتصادية التي تضم الصين وروسيا والهند وغيرها.
في حين أن هناك نقاشًا كبيرًا في أوروبا والولايات المتحدة حول الانسحاب المحتمل لترامب من حلف شمال الأطلسي وأمن الغرب، فإن هذا لا يحظى بمثل هذا النقاش الواسع النطاق في تركيا. ومع ذلك، نظرًا للمخاطر المحتملة لمثل هذا الانسحاب، بدأنا نشهد تليينًا في العلاقات بين تركيا وأوروبا قبل الانتخابات الأمريكية. على سبيل المثال، وافقت ألمانيا على صادرات الأسلحة على نطاق واسع إلى تركيا لأول مرة منذ سنوات، والتقى شولتز مع أردوغان في تركيا، حيث كان بيع طائرات يوروفايتر تايفون إلى تركيا أحد الموضوعات الرئيسية للمناقشة. يمكن أن يؤدي هذا إلى تعزيز التعاون الدفاعي والأمني مع الدول الأوروبية على المستوى الثنائي وفي إطار حلف شمال الأطلسي.
عن صحيفة Atlantic Council بقلم بينار دوست 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024.