تعمل الحكومة التركية على تحسين القوانين التي تنظم وجود الأجانب في تركيا بما يكفل كافة الحقوق الإنسانية أولاً، وبما يوفر معاملات إدارية تسهل تحركات الأجانب في تركيا، سواء كانوا قادمين إلى تركيا في حالة لجوء سياسي أو حضروا لتركيا لأسباب سياحية أو تجارية أو دراسية وتحولت إقامتهم إلى رغبة في الهجرة أو الإقامة الدائمة أو غيرها.
الخطوة الإيجابية الكبرى هي تحويل قوانين إقامة الأجانب في تركيا من مؤسسات أمنية تابعة إلى وزارة الداخلية، إلى مؤسسات مدنية تابعة لنفس الوزارة، فقد تأسست ‘المديرية العامة لإدارة الهجرة’ وتم تعين إدارة مدنية تشرف عليها، وقد بدأت هذه المديرية العامة لإدارة الهجرة عملها وشرعت في تنظيم إقامات وتصاريح عمل النازحين واللاجئين والمهاجرين الأجانب إلى تركيا، وقد حلت هذه المديرية العامة لإدارة الهجرة مكان ‘إدارة شؤون الأجانب’ التي كانت تتبع مديرية الأمن العام.
يتبع للمديرية العامة لإدارة الهجرة (85) ملحقاَ دبلوماسياً، و (15) مستشاراً، يقومون بتسيير نشاطات المديرية العامة لإدارة الهجرة خارج البلاد، وتمتلك المديرية مكاتب تابعة لها في (81) ولاية ، و(148) منطقة، لرعاية شؤون الأجانب استنادا إلى قانون الأجانب والحماية الدولية، وهذا القانون هو قانون دولي دخل حيز التنفيذ في تركيا منذ 11 نيسان / أبريل من هذا العام 2014.
وقد قامت المديرية بوضع نظام جديد ينظم عمل تأشيرات دخول الأجانب إلى تركيا، وتسهيل منحهم تصاريح إقامة او عمل في تركيا، وفي هذا النظام قوانين لإجراءات الطرد من تركيا بما يكفل حياة الإنسان وحقوقه المعنوية والمادية، كما ينظم قانون المديرية معاملات طالبي اللجوء السياسي واللاجئين.
والنظام الذي ينظم قوانين اللجوء والنازحين يستند إلى ‘قانون الأجانب والحماية الدولية’، أي أنه يستند إلى معايير دولية، تعرف اللاجئ بانه: ‘الشخص الذي أجبر على ترك وطنه بسبب أحداث جرت أو تجري في بلده، أو خوفه من الاضطهاد لأسباب عرقية أو دينية أو قومية او سياسية’، وهذا سوف يوفر ظروفا جديدة لطالبي اللجوء السياسي إلى تركيا مثل باقي الدول الأوروبية.
ومن المؤكد ان من أوائل المستفيدين من هذا القانون سيكون اللاجئين السوريين إلى تركيا التي تقدم لهم الحكومة التركية الآن حماية مؤقتة، ولكن ظروف استمرار القتال في سوريا إلى امد بعيد أو غير معلوم سوف يسمح للسوريين الاستفادة من هذا القانون، وكذلك الكثيرين من اللاجئين السياسيين من الدول العربية، التي اخذت تصنف معارضتها السياسية السلمية والقانونية والشرعية والديمقراطية بانها حركات إرهابية، وتتعرض في بلادها إلى العقوبات والسجن بسبب أفكارها الدينية او أفكارها السياسية.
هذه القوانين الجديدة في تركيا سوف تحسن ظروف إقامة الأجانب في تركيا من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذه القوانين وبالرغم من كونها تحسن من ظروف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنها في الوقت نفسه سوف تحسن من النشاطات الاقتصادية الأجنبية في تركيا، وسوف تزيد من عدد المستثمرين الاقتصاديين في تركيا، لأن تسهيل اقامتهم وتحركهم من وإلى تركيا سوف يساعدهم ويشجعهم على اختيار تركيا على غيرها من الدول لإقامة مشاريعهم الاقتصادية في تركيا.
أما الدواعي الأخرى لصدور هذه القوانين المنظمة لحقوق الأجانب في تركيا فهي ازدياد عدد الزائرين إلى تركيا في العشر سنوات الأخيرة، فعدد الأجانب الذين يزورون تركيا بلغ حولي (30) مليون زائر سنويا، يقيم منهم حوالي نصف مليون شخص بشكل دائم، والقانون الجديد سوف ينظم ويحسن من ظروف وشروط إقامتهم اولاً، ودون ان يؤثر على ظروف اللجوء الاضطراري والجماعي إلى تركيا، مثل لجوء السوريين إلى تركيا بسبب اعتداءات نظام الأسد على الشعب السوري بكافة انواع الأسلحة وقتل المواطنين المدنيين في مجازر جماعية بالأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وغيرها، فهذه ظروف قاسية ولها إجراءاتها الخاصة، ولكنها بالتأكيد سوف تستفيد من القوانين الجديدة لمن يفكر بالإقامة في تركيا بسبب اضطهاده في بلده.
إن التغيرات التي تجري في تركيا ليست على مستوى تحسين حياة الشعب التركي فقط، وانما تمتد لتشمل كل المقيمين في تركيا من غير الأتراك، بما يؤمن لهم حياة كريمة، وبما يوفر لهم ظروف حياة اجتماعية آمنة، وبما يحقق لهم إمكانية النجاح الاقتصادي، وبما يرفع عنهم معانات المظالم السياسية في بلادهم.