صبحي فرنجية
تعيد الأطراف الدولية ترتيب أولوياتها في المشهد السوري الذي تتزايد تعقيداته بشكل متسارع منذ خروج التظاهرات في شوارع دمشق قبل 4 سنوات، حيث ظهرت مؤخرا ملامح توافقات دولية على جولة جديدة من المفاوضات، بين النظام السوري ومعارضيه، دون اغلاق الباب امام بحث ما يمكن أن يؤول إليه الملف رئاسة البلاد .
الاستعداد الروسي للاستماع الى المعارضة السورية جميعها، وابلاغ رئيس ائتلاف المعارضة الاسبق معاذ الخطيب ، بأن موسكو تفكر في عقد مؤتمر يضم أطياف المعارضة السورية، سعياً وراء التوافق على خطوط أساسية، والإشارة إلى عدم تمسك روسيا بالرئيس الاسد، كان أبرز المؤشرات التي ظهرت خلال اليومين الماضيين.
الخطيب وصف زيارته إلى موسكو بالإيجابية، مشيراً في مقال كتبه على صفحته الشخصية في “الفيسبوك” أن الوفد طلب من الروس السعي بالتفاهم مع الأميركيين، والتوافق على صيغة، يمكن تسميتها بجنيف 3 إن شاؤوا ، لفتح نوافذ حل سياسي تفاوضي.
ومن جهته أكد حسام الحافظ الذي رافق معاذ الخطيب في زيارته لروسيا في تصريح لـ “مدار اليوم” أنهم استمعوا إلى ما يحمله الروس من أفكار وتحيليلات “غيرجديدة، وإن كانت تنطوي على إيجابيات” .
الحافظ أوضح أن الروس غير متمسكين بالأسد، وأنهم ركزوا على الحل التفاوضي للأزمة، مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن الآليات التي تم تداولها في الاجتماع، إلا أن خطة المبعوث الدولي دي ميستورا لم تكن بعيدة عن الحوار الذي تم في روسيا.
في ذات السياق، أكدت الخارجية البريطانية على لسان وزيرها فيليب هاموند أنه لا يمكن أن يكون للأسد دور في سوريا، كما أشار الوزير في حديثه مع رئيس الائتلاف هادي البحرة الى أن بريطانيا تدعم المعارضة السورية المعتدلة في كفاحها ضدّ تطرف تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ونظام بشار الأسد.
اختلفت تفاصيل الحدث بعض الشئ في دمشق، عن أجواء مداولات لندن بين مجموعة أصدقاء سوريا، فقد أعلن المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا أن التهديد المشترك الذي يمثله مقاتلو الدولة الإسلامية “داعش” على كل فصائل سورية المتنازعة ربما يساعد على حمل الحكومة والمعارضة المسلحة على عقد اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار، في حين أن المجلس العسكري في حلب رفض خطة دي ميستورا إلا بشروط، أولها انسحاب المليشيات الداعمة للأسد، ووقف القصف بالبراميل عن المناطق السورية.
وكان لمثل هذا الطرح صداه الإقليمي حيث عبر أمين جامعة الدول العربية نبيل العربي عن اعتقاده بأن خطة دي ميستورا بإنشاء “مناطق مجمدة” وجهوده في الشأن السوري قد تسفر عن عقد مؤتمر جنيف3 بين النظام و المعارضة للوصول إلى حل سياسي للأزمة، مؤكداً أن الجامعة العربية تتابع باهتمام بالغ جهود المبعوث الأممي في دمشق .
على صعيد آخر، يسعى رئيس الائتلاف السوري المعارض هادي البحرة إلى الحصول على دور أقوى في المفاوضات المحتملة من خلال المطالبة بزيادة الدعم العسكري للجيش الحر وتدريب كوادر فيه لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية و نظام الأسد ، كما ينتقد البحرة في سياق محاولاته ضربات التحالف الدولي لمواقع التنظيم ويصفها بأنها تخدم مصالح الأسد وتعيق تحرك قوات المعارضة، ويشير في تصريحاته التي أطلقها من عاصمة الضباب إلى أن الائتلاف طالب بدور أكثر فاعلية تقوم به دول أصدقاء سوريا فيما يتعلق بتدريب وتنظيم الجيش السوري الحر الذي يواجه قوتين متمثلتين بداعش ونظام الرئيس الأسد .
تحركات المعارضة وردود فعل النظام تأتي بالتوازي مع دعوات الأطراف الدولية للحوار بعد ما وصل إليه النظام والمعارضة من إنهاك إثر سنوات ثلاث من الحرب، إضافة إلى خطر امتداد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية وسرعة انتشارها على الأراضي السورية الذي يهدد النظام والمعارضة معاً، إلا أن الأمر في جميع الأحوال يبقى رهينة التوافقات الإقليمية والدولية.