في ظل التحركات الأميركية المتواصلة لإحياء الحوار بين السلطات الانتقالية في سوريا وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وصل وفد عسكري وأمني من الأخيرة إلى العاصمة دمشق، لبحث ملفات شائكة تتعلق بالجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية، بعد التوترات التي شهدتها مدينة حلب مؤخرًا
تأتي هذه الزيارة بعد أسبوع من الاشتباكات في حيي الأشرفية والشيخ مقصود، والتي أدت إلى تعثر اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، على الرغم من الجهود الأميركية المبذولة لإعادة تثبيته. ووفق مصادر مطلعة، فإن اللقاءات الجديدة تهدف إلى إعادة تفعيل الاتفاقية الموقّعة في العاشر من آذار الماضي بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، والتي تنصّ على انضمام القوات الكردية إلى وزارة الدفاع الناشئة ضمن هيكلية الدولة الانتقالية
الاتفاقية كانت قد دخلت مرحلة من الجمود نتيجة خلافات عميقة حول شكل نظام الحكم المقبل، إذ تصرّ السلطات الانتقالية على نظام مركزي موحّد، بينما تتمسك “قسد” بنظام لا مركزي يمنح المناطق الكردية إدارة ذاتية موسّعة للحفاظ على مكتسباتها السياسية والعسكرية التي حققتها خلال السنوات الماضية
وتأتي هذه المفاوضات بالتوازي مع أنباء عن مباحثات غير معلنة حول آلية إدارة منابع النفط في محافظة دير الزور، التي تضم مناطق تخضع لسيطرة الطرفين. وتشير تقارير إعلامية إلى أن هناك طرحًا أميركيًا لإنشاء إدارة مشتركة لتلك الحقول، إلا أن مصادر كردية لم تؤكد أو تنفِ صحة هذه الأنباء، مكتفية بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة تعمل على صياغة آلية تدريجية لحل الخلافات، تتضمن تشكيل لجان تقنية مشتركة وتعديلات على الإعلان الدستوري لضمان حقوق المكوّن الكردي، وهو ما لم يتحقق بعد
في السياق نفسه، تزامنت هذه التطورات مع تحرك دبلوماسي أميركي جديد في مجلس الأمن الدولي، حيث وزعت واشنطن مسودة مشروع قرار يقضي بـ تخفيف بعض القيود المفروضة على سوريا ويتضمن المشروع رفع أسماء الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم الإرهاب الأممية، مع الإبقاء على إدراج “هيئة تحرير الشام” ضمنها، في خطوة اعتبرتها مصادر دبلوماسية محاولة من واشنطن لتجاوز الاعتراض الصيني على مشروع سابق كان يشمل إزالة اسم “الهيئة”
وكان الموقف الصيني قد أوقف سابقًا التحرك الأميركي لدعم السلطات الانتقالية، تزامنًا مع زيارة الشرع إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد حصوله على استثناء خاص من قيود السفر المفروضة عليه
وتُظهر هذه التطورات المتسارعة أن الملف السوري يعود مجددًا إلى دائرة التحرك الأميركي والدولي، وسط مساعٍ لإعادة ترتيب التوازنات في شمال سوريا، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين دمشق و”قسد” بما يضمن استمرار الهدوء الميداني وفتح الباب أمام تسوية سياسية أوسع
