حذر رئيس حزب “حركة التغيير” اللبنانية، المحامي إيلي محفوض، من تحول حزب الله اللبناني إلى “حرس ثوري” أو “حشد شعبي”، مشددا على أن “إشكالية سلاح حزب الله هي دوما موضع خلاف بين اللبنانيين”.
وبتصريح للرئيس اللبناني، ميشال عون، أيد فيه وجود سلاح حزب الله في المرحلة الراهنة في مواجهة إسرائيل، عادت قضية هذا السلاح، وبقوة، إلى واجهة الحياة السياسية في بلد يحكمه اتفاق الطائف، الموقع بين الفرقاء اللبنانيين عام 1989، والذي أنهى حربا أهلية امتدت 15 عاما.
وتابع محفوض، في تصريح للأناضول، أنه “عندما بدأت طاولة الحوار (اجتماعات عقدت بين القيادات اللبنانية في مجلس النواب ثم القصر الجمهوري) بعقد اجتماعاتها كان الهدف هو الحديث عن إشكالية السلاح خارج إطار الدولة، لكن حزب الله أخذ الحوار إلى مكان آخر”.
ومضى قائلا إنه “بسبب هذا السلاح المتفلت المتمثل في ميليشيا حزب الله، وتحت ضغطه، إضطر فريق 14 من آذار (تنتمي إليه حركة التغيير) إلى تقديم تنازلات أكثر من مرة، وأذكر الذين يدافعون عن سلاح حزب الله وعن حامليه بأن خمسة من عناصر وقياديي هذا الحزب لا يزالوا متهمين أمام القضاء الدولي باغتيال رئيس الحكومة السابق، رفيق الحريري (يوم 14 فبراير/ شباط 2005)”.
ويتنافس في الساحة السياسية اللبنانية فريقان، هما فريق “14 آذار”، بقيادة سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، الدعوم من السعودية، وفريق “8 آذار”، بقيادة حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة حزب الله، المدعوم من إيران.
ومع اندلاع النزاع في الجارة سوريا، في مارس/ آذار 2011، انقسمت الساحة اللبنانية بين مؤيد لنظام بشار الأسد، على رأسهم فريق 8 آذار، ومؤيد للمعارضة السورية، في مقدمتهم فريق 14 آذار، ثم تسبب قتال قوات حزب الله بجانب قوات النظام السوري، منذ عام 2013، في تعميق هذا الانقسام.
** حرس أو حشد
رئيس حركة التغيير اللبنانية أبدى تخوفه “من تشريع سلاح حزب الله، فيتحول الحزب في لبنان مثل الحرس الثوري في إيران، أو الحشد الحشد الشعبي في العراق، لذا من المفترض على قوى 14 من آذار، أو من تبقى منها، أن تلملم صفوفها؛ لأنه عندما غاب التنظيم الإداري لهذه القوى بهُتت الحياة السياسية في لبنان”.
محفوض، وهو عضو الأمانة العام لقوى 14 آذار، تابع بقوله: “لا شك أن البعض سيستغل المواقف الأخيرة (منها تصريح عون المؤيد لهذا السلاح) لتأسيس معادلة جديدة في لبنان، لتحويل حزب الله إلى تنظيم لبناني شرعي، كما هو الحال في إيران والعراق”.
ولمواجهة مثل هذه التحركات، رأى أنه “يجب اتخاذ خطوات منها، أن تلملم قوى 14 من آذار نفسها وتجميع القوى السيادية، ثم وضع إطار تنظيمي جديد لقوى 14 من آذار، وأيضا العودة إلى طرح الشعار الأساسي الذي انطلقت منه قوى الاستقلال، وهو لا سلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية”.
وأعرب محفوض عن أسفه “لأن التسوية في كل مرة تكون على حساب فريق واحد، والذي يقدم التنازلات تلوى التنازلات، في وقت لم يتراجع فيه حزب الله عما يريده”.
واعتبر أنه “مخطىء من يظن أنه يمكن مطالبة المجتمع الدولي بمساعدة لبنان في وقت تتخلى فيه القيادات اللبنانية عن دورها السيادي، لذا عندما تتوحد الصفوف في لبنان يمكننا الضغط على دول العالم لمساعدتنا”.
وحركة التغيير هي حزب مسيحي تأسس عام 1985، ومنذ عام 1990 قام الحزب بحملات وتظاهرات مناهضة للوجود السوري في لبنان، بعد انتهاء الحرب اللبنانية عام 1989، حتى الخروج العسكري السوري عام 2005.
** رد استباقي
وإن اتفق على أن “سلاح حزب الله كان دائما موضوعا خلافيا بين الفرقاء السياسيين في لبنان”، فإن الكاتب السياسي في جريدة الجمهورية اللبنانية، جوني منير، اعتبر أن “الجديد في الموضوع أنه، وللمرة الاولى، يتحدث رئيس الجمهورية عن هذا الموضوع، وهو بكلامه أعطى طابعا شرعيا لهذا السلاح، أما الموقف الدولي فجاء كردة فعل على هذا الكلام، واكتفى بالتذكير بموقفه التقليدي من هذا السلاح”.
منير، وفي حديث للأناضول، تابع أنه “للمرة الأولى بعد عام 2005، أي بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، يتكلم رئيس الجمهورية عن سلاح حزب الله، ولو أن كلام الرئيس جاء ردا على سؤال، وليس ضمن خطة مسبقة، وفي هذا الكلام تحصين لواقع السلاح وحزب الله”.
ورأى الكاتب السياسي اللبناني أنه “إذا كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية نية للبدء بالضغط على حزب الله في سوريا، ومن ثم في لبنان، فإن الجواب على ذلك جاء استباقيا من خارج لبنان ومن داخله”.
وموضحا، تابع: “ففي الخارج تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن الحاجة إلى حزب الله في سوريا، كما قالت دمشق إن الحزب يقاتل هناك بناء على طلب سوري رسمي، أمّا في الداخل اللبناني فجاء الجواب الاستباقي على لسان رئيس الجمهورية”.
وختم منير بأن “المرحلة القادمة بالنسبة لسلاح حزب الله لها علاقة بالموضوع السوري”.
ومنذ نحو 6 أعوام، تشهد سوريا صراعا مسلحا بين قوات النظام والمعارضة، أودى بحياة ما يزيد عن 310 آلاف شخص، وشرد أكثر من نصف السكان، البالغ عددهم حوالي 17 مليون نسمة، فضلا عن دمار مادي ضخم.
** عون والحريري
وردا على سؤال بشأن سلاح حزب الله، خلال مقابلة مع فضائية “سي بي سي” المصرية الخاصة، بثتها الإثنين الماضي، قال عون إنه “طالما هناك أرض (لبنانية) تحتلها إسرائيل، التي تطمع أيضا بالثروات الطبيعية اللبنانية، وطالما أن الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود هذا السلاح، لأنه مكمّل لعمل الجيش، ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية”.
فيما قال رئيس الحكومة، سعد الحريري، خلال كلمته في الذكرى الـ12 لاغتيال والده: “نعم هناك خلاف حاد في البلد حول سلاح حزب الله وتورطه في سوريا، وليس هناك توافقا على هذا الموضوع، لا في مجلس الوزراء، ولا في مجلس النواب، ولا على طاولة الحوار، ولكن ما يحمي البلد هو أنّ هناك إجماعا حول الجيش والقوى الشرعية والدولة فقط”.
وتولى عون، أحد أبرز وجوه فريق 8 آذار، رئاسة لبنان، يوم 31 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ضمن صفقة برلمانية قادت إلى تكليف الحريري، زعيم فريق 14 آذار، بتشكيل الحكومة الحالية، وهي الضفقة التي أنهت فراغا رئيسا دام 29 شهرا؛ جراء الخلاف بين الفريقين.
الآناضول