اتفق خبراء على أن قرار البرلمان الأوروبي، حول تجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، من شأنه أن يفتح الطريق أمام آفاق جديدة في العلاقات بين الجانبين أكثر من أن يؤدي إلى أزمات.
ووصف البروفيسور مسعود حقي جاشين، عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة “أوزيين” التركية، القرار بأنه “انتكاسة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي”.
وفي حديثه للأناضول، أشار إلى أن تركيا تعرضت لسياسة إقصائية واستبعاد من قبل الأسرة الأوروبية منذ عام 2004.
واعتبر جاشين القرار الأوروبي بأنه “محاولة لإرسال رسالة قوية ولكن قاسية وجائرة إلى تركيا”.
قبل أن يعود للقول، إن “التعاون بين الطرفين ليس قائمًا فعليًا.. ينبغي العمل على خلق تعاون جديد بدلاً من مفاوضات العضوية الكاملة”، في إشارة إلى أن القرار قد يقود لفتح سبل جديدة للتعاون.
ووفق جاشين، فإن الاتحاد الأوروبي لم يتبن سياسة طويلة الأجل بشأن المفاوضات الجارية مع تركيا، وأن إغلاق الأبواب بوجهها من أجل اتخاذ مواقف شعبوية تخدم أغراض السياسة الداخلية، لا يخدم كل من مصالح أوروبا وتركيا معًا.
وشدد على أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يقرر أولاً إذا ما كان يرغب بالاستمرار في العمل مع تركيا أم لا.
البروفيسور نورشين أتش أوغلو، عضوة هيئة التدريس في جامعة “يلدز” التقنية بتركيا، رأت أنه “بالنظر إلى العلاقات بين الطرفين طيلة السنوات الـ 53 الماضية، نرى أنها شهدت من وقت لآخر بعض الانتكاسات والتوترات”.
ولفتت إلى أن “قرار البرلمان الأوروبي غير ملزم من الناحية القانونية، فضلًا عن أنه لا يملك تأثيرًا على تركيا”.
أتش أوغلو، أشارت أيضا في حديثها للأناضول إلى أن القرار لم يشأ قطع جميع الحبال تمامًا، بل فضل إرسال رسالة تشير إلى إمكانية إعادة العلاقات في ظل ظروف معينة.
واعتبرت أن فتح 16 فصلًا في مفاوضات العضويّة طيلة 53 عامًا، وتجميد أحد الفصول مؤقتًا بناءً على طلب من الشطر الجنوبي لجزيرة قبرص، ومواقف الاتحاد المتأخرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، تسبب بخلق خيبة أمل وتصور سلبي لدى الشارع التركي تجاه الاتحاد.
وأضافت أتش أوغلو أن عدم وفاء الاتحاد الأوروبي بالتزاماته المتعلقة باتفاقية إعادة القبول (موقعة بين الاتحاد وتركيا قبل أشهر) فاقم الأزمة بين الجانبين، في الوقت الذي تعرض فيه الاتحاد لمشاكل خطيرة عقب قرار الانسحاب البريطاني.
وشددت على ضرورة إعادة تركيا النظر بـ “شراكتها المميزة مع الاتحاد الأوروبي”، ورسم خريطة جديدة للعلاقة.
ومقللة من القرار، قالت إنه ” ليس نهاية العالم .. من وقت لآخر تعاني العلاقات بين الدول جراء بعض الانتكاسات.. القرار حمل الكثير من الظلم ضد تركيا”.
وبحسب أتش أوغلو، فإن التوقعات التركية كانت “ترى بضرورة أن يمد الاتحاد المدافع عن القيم الإنسانية يده لها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، ذلك اليوم الذي دافع فيه الشعب عن الديمقراطية، رغم تعرضه للإرهاب”.
وزيرة شؤون الاتحاد الأوروبي السابقة في الحكومة التركية، البروفيسور بيريل داده أوغلو، اعتبرت أن قرار الاتحاد “غير ملزم، ويهدف لتوجيه الرأي العام، والتأثير على وعي الجمهور، لذا فمن الصعب التقدم نحو الأمام على المستوى المجتمعي”.
وفي حديثها للأناضول، لفتت داده أوغلو إلى ضرورة انتهاج سياسات أكثر حذرًا من الحالة الراهنة في العلاقات مع أوروبا، مشيرة إلى أن القرار المذكور سيأخذ حيزًا مهمًا في المحادثات المستقبلية بين المسؤولين الحكوميين في الطرفين.
واعتبرت أن قرار الاتحاد “يشكل في الواقع فرصة لإيجاد طرق جديدة أكثر مما هو مساحة لخلق المزيد من الأزمات”.
وصوّت نواب البرلمان الأوروبي، أول من أمس الخميس، لصالح مشروع قرار غير ملزم، يوصي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لفترة مؤقتة.
ويعزو مشروع القرار، التعليق إلى الظروف التي شهدتها تركيا بعد إعلان حالة الطوارئ إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة لـ”منظمة غولن” الإرهابية في 15 تموز/يوليو الماضي.
ودعا مشروع القرار إلى إنهاء حالة الطوارئ في تركيا، من أجل استئناف المفاوضات من جديد، وبين أنَّ البرلمان والاتحاد الأوروبيَين أدانا بشدة المحاولة الانقلابية، وأكدا على حق تركيا في مقاضاة المسؤولين عن تلك المحاولة.
وأشار مشروع القرار إلى أن العلاقات الأوروبية التركية تعد ذات أهمية استراتيجية للجانبين، وأن تركيا حليف مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وجاء في النص أيضا “الشراكة تستوجب إبداء إرادة من الجانبين للتعاون، وهذه الإرادة لم تظهر من الجانب التركي في الآونة الأخيرة”.
ولا يملك البرلمان الأوروبي صلاحية اتخاذ قرار ملزم بتجميد أو إنهاء مفاوضات انضمام أي دولة، إنما تعدّ بمثابة رسالة سياسية للمجلس الأوروبي والحكومات الأوروبية.
الأناضول