السيناتور ديك دوربين – صحيفة بولتيكيو
في كتابها “مشكلة من الجحيم”؛ تكتب “سامانثا باور” عما حدث في 13 مايو 1994؛ عندما اتصل كل من: “بول سايمون”، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في إفريقيا، والسيناتور “جيمس جيفوردز”، نظيره الجمهوري، هاتفيًّا بالجنرال “روميو دالير”، الذي كان قائد قوة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في رواندا، كيغالي.
وطلب سيمون وجيفوردز من دالير معرفة ما يمكن القيام به لوقف الإبادة الجماعية التي كانت تلوح في الأفق. وعبر دالير عن اعتقاده بأن الالتزام بإرسال 5000 جندي سيكون كافيًا لمنعها.
وعلى الفور؛ كتب عضوَا مجلس الشيوخ لكلينتون في البيت الأبيض طالبَيْن من الإدارة دعوة الأمم المتحدة للتحرك. وقالت رسالتهما: “من الواضح أن هناك مخاطر، ولكن لا يمكننا الاستمرار في الجلوس مكتوفي الأيدي بينما تستمر هذه المأساة في التكشف“.
لم يتلق عضوَا مجلس الشيوخ أي رد. وفي أقل من ثمانية أسابيع؛ تم ذبح 800 ألف من الروانديين. وأقر الرئيس السابق (بيل كلينتون) بعدها بأنه كان بإمكاننا فعل المزيد.
وفي حين قد لا يكون ما يحدث في سوريا اليوم إبادة جماعية حسب التعريف الكلاسيكي، إلا إنها واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في عصرنا. وكل بضعة أشهر، يطلب زاهر سحلول، وهو أمريكي سوري يعيش بالقرب من شيكاغو، اللقاء معي. وأرحب بدوري بلقائه، رغم معرفتي بأن الاجتماع سيكون مُفجِعًا ومؤلمًا.
ويجلب سحلول معه إلى مكتبي الأطباء من شيكاغو، الذين خاطروا بحياتهم لعبور الحدود السورية وتقديم الرعاية الطبية لضحايا هذا الصراع المستمر منذ أربع سنوات. وبدورهم، يظهر لي هؤلاء صور الأطفال المشوهين الذين قتلتهم برميل بشار الأسد المتفجرة في حلب.
وفي كثير من الأحيان، ومع تحرك رجال الإنقاذ لمساعدة المصابين في الهجوم الأول، يتم إسقاط براميل إضافية. وما هو أكثر إثارة للخوف؛ هو أن هذه البراميل أصبحت تملأ بغاز الكلور القاتل على نحو متزايد.
وفي عام 2014؛ أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا يدعو لوقف استخدام البراميل المتفجرة في المناطق الحضرية. إلا أنه منذ ذلك الحين -وحتى الآن-؛ سقط ما يقدر بـ2000 برميل آخر، وجرح العشرات من المدنيين السوريين أو قتلوا في هذه الهجمات المروعة.
ويحاول سحلول، وزملاؤه الشجعان، وآخرون كثيرون في سوريا، جلب بعض الإنسانية والرعاية الطبية إلى هذه المناطق المنكوبة، ولكنهم يناضلون ضد عدد لا ينتهي من الصعاب. وغالباً ما تكون المستشفيات أهدافًا عسكرية لنظام الأسد، وقد وثق أطباء من أجل حقوق الإنسان أكثر من 230 من الهجمات على المرافق الطبية منذ عام 2011؛ ما أدى إلى مقتل 600 من العاملين في المجال الطبي. والأجنحة الجراحية هي عيادات بدائية. والأدوية؛ إذا ما استطاعوا العثور عليها، لا بد من شرائها بأسعار باهظة.
وتقود الولايات المتحدة العالم بفخر في مجال الإغاثة الإنسانية المقدمة لسوريا ولاجئيها؛ وليس هناك شك في أنه على الرئيس باراك أوباما أن يتلقى الثناء لإزالته الناجحة لمخزون الأسد من الأسلحة الكيميائية؛ ولكن كل هذا لم يكن كافيًا.
منذ واحد وعشرين عامً؛، دعا اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الإدارة لكي تعمل مع المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهد لمنع ذبح الأبرياء في رواندا. وفي الآونة الأخيرة؛ دعا السيناتورات تيم كين، ليندسي غراهام، وجون ماكين، الرئيس لبذل المزيد من الجهد في سوريا.
يجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع غيرها من قادة العالم على إنشاء مناطق إنسانية آمنة حيث يمكن تقديم العلاج الطبي الحديث، ويمكن للنازحين الهرب بأمان. وتحت رعاية الأمم المتحدة؛ يمكن للولايات المتحدة الانضمام إلى الدول الأعضاء الأخرى في توفير الأمن الدفاعي. ويجب علينا أن نعمل مع حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، تركيا، جنبًا إلى جنب مع إيران، والمملكة العربية السعودية.
إن الجهد المشترك لإنشاء والدفاع عن هذه المناطق الآمنة يقدم الأمل الوحيد لضحايا النزاع السوري. وستكون هناك فرصة مع نمو هذه المناطق، للانتقال نحو الحوار السياسي الذي هو الأمل الوحيد على المدى الطويل بالنسبة لسوريا.
أما إذا تم تجاهل هذه الدعوة؛ فإن هناك احتمالًا بأن تاريخ ما حدث في رواندا سوف يعيد نفسه.