” أكثر الأشياء وجعاً عندما تزيد العلاقات الاجتماعية توتراً فيغدو الصمت حينها واجباً والهدوء أجمل مفرداته” تلك كلمات أم أمجد(35 عاماً) من ريف إدلب المحررة متأثرة بأوجاعها الأسرية، التي خلفتها الحرب فهي لم تقتصر على الهدم والاعتقال والقتل، بل خلفت دماراً نفسياً وألماً عميقاً في نفوس السكان، وأثرت اجتماعياً واقتصادياً..
تكشف أم أمجد” لم أستطع التوفيق بين عملي في المدرسة لساعات طويلة واهتمامي بصحة طفلي المعاق، الذي فقد ساقه اليمنى حين قُصفت المدرسة التي كان يرتادها.. ما أجبر زوجي على التواجد المستمر في البيت.. وهذا ما زاد من التوتر بيننا”.
في الآونة الأخيرة تزايدت نسبة النساء العاملات تماشياً مع الوضع الاقتصادي المتردي، إذ إن هذا الأمر لم يكن منتشراً بكثرة قبل الثورة، فقد كان عمل المرأة الأول مقتصرا في الغالب على رعايتها لأولادها –هذه الوظيفة الفطرية- وشؤن بيتها وخصوصاً في مجتمعنا الشرقي الذي يرفض عمل المرأة خارج البيت، وخروجها من البيت تكون لضرورة متزايدة أو في ظل غياب الزوج.
أما اليوم فقد أصبحت أوليات الحياة تفرض وضعاً معيشياَ قاسياً، دونك عن عجز الزوج عن تأمين عمل يضمن له تأمين قوت يومه، فالرجل أكثر استهدافاً من قبل النظام، تقول هالة (25 عاماً) من مدينة إدلب” عمل زوجي في مؤسسات الدولة سنين طويلة، وبعد تحرير المدينة العام الماضي وخروجها عن سيطرة النظام رفض زوجي الالتحاق بعمله في مناطق النظام فهو من الرجال المطلوبين للاحتياط ولا يرغب في خدمة شخص بشار ونظامه المجرم، ومتل ما بتقول “التيته”.. انكشف الوضع وظهر العوز.. آه.. إن الانسان المليء بالشجون، لا بد أن يعرف أن ما يمتلئ به ليست شجونه وحدها وإنما هي شجون غيره أيضا.. وها أنا أعمل بورشة خياطة وعدة نساء برعاية جمعية خيرية في المدينة، أترك زوجي وأطفالي في البيت ساعات طولة.. لقد تبدل الحال أسرياً”.
كما تكشف أم هاني عن وضعها في المنزل “الأرق والانفعال المستمر جعل حياتي الزوجية لا تطاق، فوجود زوجي المستمر في البيت بعد فقدانه لمحله التجاري وخسارته في البضائع التي استولى عليها النظام وهي في طريقها للمدينة بحجة أنها تحتوي بضائع تركية، فقررت العمل بأعمال تحضير الطعام المسبق للأهالي، والمطاعم مثل لف ورق العنب، وصنع الكبة والسمبوسك تلك الوجبات التي تتطلب مهارات وجهدا، لتحسين الوضع الاجتماعي المرهق اقتصادياً”.
عظيمة أيتها المرأة السورية يفنى جسدك لينمو جسد أبنائك الصغار وتتعب أعصابك لترتاح أعصاب زوجك المعاني ويتعب فكرك لتشرق شمس الحياة في منزلك المقدس، تدمدم هالة “سيأتي اليوم يكبر فيه الأبناء ويعرفون فيه عطائكن الكبير رغم ومعاناتكن وآلامكن العميقة” .
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد.