” يا ربي ليش أنا ؟! شو عملتلن أنا ؟! ” صرخت بها الطفلة الصغيرة فاطمة، حيث فقدت ساقها إثر غارة جوية شنتها الطائرات الروسية على مدينة دوما في ريف دمشق في 30أكتوبر 2015 .
أبو أحمد والد الطفلة : ” اختلف علينا نوع الطيران الحربي، إذ كان قبل التدخل الروسي مميزاً بشكله وصوته، بالإضافة إلى أن الجو غائم و لا يساعد على خروج طيران الاسد المعتاد في الأجواء للقصف، فلم نسمع سوى هدير الصاروخ قبل سقوطه، لكن قوته التدميرية كبيرة، وبعدها لم أجد ابنتي التي رافقتني إلى السوق، كان الغبار الكثيف يعج بالمكان، و أشلاء المدنيين تملأ المنطقة “.
ارتكب الطيران الروسي مجزرة مروعة بقصف صاروخي على سوق شعبية مكتظة، وقد بلغ عدد الشهداء فيها 100 شخص وعشرات الجرحى، معظمهم من المدنيين و الأطفال.
استفاق أبو أحمد و ملامح وجهه أخفتها الدماء المختلطة بالغبار بعد أن رُمي على الأرض من قوة الضربة، نهض دون وعي همّه أن يجد ابنته على قيد الحياة، سمع صوتها تصرخ من شدة الألم حملها وأخذ يركض عشوائياً إلى أن وجد مسعفاً لنقل ابنته لأقرب مشفى ميداني، وفي الطريق تبكي الطفلة من الألم والرعب معاً، يزداد خوف والدها من عدم شفائها بأسرع وقت ممكن، و هو على علم بضعف الخدمات الطبية في مدينته، يصلون إلى المشفى يهرع الاطباء لتقديم أقصى جهودهم لإنقاذ ألم الطفلة التي ترى ساقها متدلية وتنزف دماً، وهي تقول لوالدها : “بابا ليش هيك رجلي؟!” يقف والدها صامتاً بألم أمام أسئلتها التي لا جواب لها إلا بعد إجراء العملية لساقها، لكن لم يكن بوسعهم إجراء العملية اللازمة لها، بسبب نقص عدد النقاط الطبية في المنطقة جراء قصف الطيران للمشافي الميدانية، ما اضطر الأطباء الموجودين لبتر ساقها، علماً أنه كان من الممكن علاجها لو نقلت إلى مشفى مختص ومجهز بكافة المعدات الطبية الحديثة والمتطورة.
رغم كل هذه المعاناة التي عاشها “أبو أحمد” والد فاطمة، لم يستسلم الأب لأصعب الظروف من حصار و تجويع و تدمير، و الخوف الذي أنساهم جوعهم من قصف الطيران و المجازر التي يرتكبها بحق المدنيين و الأطفال .
تحت ضغط كل هذه الظروف التي يعاني منها أهالي دوما، لازال لديهم أمل بالمستقبل القادم، و أن ” بعد كل محنة منحة ” مقولة زادت من عزيمتهم و صبرهم على الحياة.
يؤكد “أبو أحمد” متحدياً أسوء الحالات محاولاً إدخال البهجة لقلب ابنته، وإخراجها من الواقع الذي فرض عليها، مع إصراره على معالجة ساقها، واستمرار تواصله مع منظمات ترعى ضحايا الحرب، مناشداً الحكومة المؤقتة لدعم الأشخاص الذين أفقدتهم الحرب أحد أطرافهم، وتقديم لهم العون الطبي بزرع أطراف صناعية لهم لاستمرار حياتهم بشكل طبيعي.
المركز الصحفي السوري – ظلال سالم