علقت مجلة «تايم» الأمريكية في تقرير لها على تصريحات المستشارة الألمانية الأخيرة، والتي حذرت من خلالها من أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف. ورصدت «تايم» في تقرير نشرته قبل يومين محاولات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدفع العلاقات الألمانية الأمريكية قدمًا حتى قبل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
وقال التقرير: إن الألمان فعلوا ما يمكنهم فعله. قبل يوم من حفل تنصيب الرئيس الأمريكي، حاولوا التوصل إلى شروط ودية مع الرئيس ترامب للحفاظ على العلاقات التي استغرقت أكثر من نصف قرن من أجل بناء أممهم. وكان الجهد جدير بالثناء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الصبر الذي انتهجته المستشارة الألمانية، لكن الأمر لم ينجح كثيرًا في نهاية المطاف، وفق ما ذكر التقرير.
وأضاف التقرير أن ترامب لم يغير موقفه. وكانت وجهات نظره التي تبناها بشأن ميركل وألمانيا والاتحاد الأوروبي هي ذاتها في أغلب الأحيان منذ حملته الرئاسية إلى البيت الأبيض، ولم يكن منحنى التعلم في المكتب البيضاوي كبير بما فيه الكفاية لإقناعه بأهمية العلاقات الأمريكية الألمانية.
وفي يوم الأحد الماضي، وبعد بضعة أيام من لقاءات عقدتها مع ترامب وغيره من القادة الغربيين، تخلت ميركل بالفعل عن الرئيس الأمريكي. وقالت أمام حشود من مؤيديها في ميونيخ: «الأوقات التي نستطيع فيها الاعتماد الكامل على الآخرين قد انتهت. هذا ما تعلمته في الأيام القليلة الماضية».
وقد تشكل هذا الانطباع في الواقع على مدى عدة أشهر. في مارس (أذار) الماضي، أثناء التقاط للصور داخل المكتب البيضاوي، تحولت ميركل إلى ترامب وطلبت منه المصافحة، ولكن يبدو أنه تجاهلها. في مؤتمر صحفي في نفس اليوم، أدلى الرئيس بنكتة عن حقيقة أن الولايات المتحدة قد راقبت هاتف ميركل لسنوات. وقال ترامب: «على الأقل لدينا شيء مشترك ربما»، مشيرًا إلى ادعاءاته التي لم يثبت صحتها من أن الهواتف في برج ترامب تم مراقبتها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة.
على الرغم من علامات الدهشة التي علت حاجبيها، واصلت ميركل ابتسامتها. وكان فريقها يعمل بالفعل على استراتيجية جديدة للوصول إلى قلب الرئيس. قبلت ابنته ايفانكا دعوة ميركل لحضور قمة في برلين مكرسة لقضية تمكين المرأة التي تتبناها الابنة الأولى. لم يسر الأمر على ما يرام. عندما حاولت إيفانكا أن تثني على والدها للدفاع عن حقوق المرأة، تعرضت لانتقادات من حشد من النشطاء والمثقفين الألمان.
تابع التقرير بقوله: إن ميركل ثابرت. وجاءت فرصتها التالية للاجتماع مع ترامب شخصيًا خلال قمة مجموعة السبعة في إيطاليا الأسبوع الماضي. ولما كانت هذه الزيارة الرسمية الأولى لترامب إلى الاتحاد الاوروبي، فقد أعربت الحكومة الألمانية عن أملها في جعله يهتم بالقضايا التي تهم الأوروبيين على أقل تقدير. وقال كريستوف هيوسجن، كبير مستشاري السياسة الخارجية للمستشارة إنجيلا ميركل: «إننا متفائلون بحذر».
لم يكن لزامًا على ترامب – بحسب التقرير – أن يبقي هذا التفاؤل حيًا. في قضية التغير المناخي، على سبيل المثال، كان الألمان قد وضعوا خطة من أجل مساعدة ترامب لمنح دعمه لمحاربة التغير المناخي: فقد أرادوا أن يقترحوا، بالإضافة إلى المساعدة على إنقاذ الكوكب، أن الاستثمار في الطاقة البديلة أيضًا سيخلق الكثير من الوظائف الأمريكية. وقال ممثل المانيا في مجموعة السبعة، لارس هندريك رولر، للصحافيين في مؤتمر صحافي عقده في برلين: «إنها طريقة للحصول على دعم ترامب».
ذكر التقرير أنه من الصعب تحديد متى بدأت الآمال الألمانية في الرئيس الأمريكي تتبدد. ربما عندما كان ترامب يحث حلفاءه الأوروبيين يوم الخميس بشأن حاجتهم إلى إنفاق المزيد على الدفاع. أو ربما كان مع قراره بعدم الانضمام إلى بقية قادة مجموعة السبعة في دعم اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، ولكن على الأرجح كان التأثير تراكميًا؛ مما دفع ميركل لتغيير المسار. وقالت أمام الحشد في ميونيخ: «يجب أن نحدد مصيرنا بأنفسنا».
وردًا على سؤال حول ما قد يبدو عليه مصير ألمانيا بدون حلفائها عبر الأطلنطي، أوضح المتحدث باسم المستشارة أنها ستواصل العمل لتحسين العلاقات الأمريكية الألمانية. وستكون فرصتها المقبلة للاجتماع مع ترامب شخصيًا خلال قمة مجموعة العشرين لقادة العالم التي ستستضيفها ألمانيا في يوليو (تموز). ولكن وبالنظر إلى بيانها الأخير في ميونيخ، فإنها سوف تذهب إلى تلك المحادثات مع فهم أكثر واقعية لشخصية ترامب، والقليل الذي يمكنها فعله لتغييرها.
صدى الشام