سلّم تاجر مخدرات نفسه للشرطة في لندن بعدما كان قد فر هارباً إلى سوريا قبل خمس سنوات، حيث فضّل في نهاية المطاف العيش في أحد سجون بريطانيا بدلاً من العيش حراً في جحيم الشرق الأوسط الذي مزقته الحروب. حسب ما نقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية، الاثنين 4 أبريل/نيسان 2016.
المهرب “ميثم الأنصاري” وهو لاجئ عراقي حاصل على الجنسية البريطانية، ويشتهر باسم “مستر بيغ”، كان أحد الأعضاء البارزين في شبكة دولية لتجارة المخدرات وغسيل الأموال، وقد عاد حالياً للسجن في بريطانيا بعدما رأى أنه أفضل من الحياة في سوريا. حسب ما نقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية، الاثنين 4 أبريل/نيسان 2016.
يبلغ الأنصاري من العمر 47 عاماً وهو عراقي الأصل، وكان قد فر هارباً إلى دمشق عام 2011 بعدما استغل خطأً إدارياً لاستخراج جواز سفر جديد بدلاً من جواز سفره الأصلي الذي قامت الشرطة بضبطه خلال حملة شنتها على منزله للقبض عليه.
وقد تم سجنه لثلاث سنوات قبل أن يطلق سراحه بشروط، حيث اعتقد رجال الشرطة أنه لن يتمكن من مغادرة البلاد بعدما قاموا بمصادرة جواز سفره، وكان الخطأ الذي ارتكبته الشرطة والمحكمة هو عدم إبلاغ سلطة إصدار الجوازات بالداخلية بأنها قامت بسحب جواز سفره. لذلك، قام الأنصاري بالتقدم بطلب للحصول على جواز سفر جديد، بزعم أنه قد فقد جواز سفره القديم، وعندما حصل عليه، توجه إلى سوريا بعدها بأيام قليلة.
بعد وصوله لسوريا، أرسل الأنصاري رسالة للشرطة من خلال طبيبه زعم فيها أنه مريض ولا يستطيع العودة، إلا أنه تراجع عن هذا الأمر فيما بعد مفضلًا السجن في بريطانيا على جحيم الحرب السورية.
وكان الأنصاري قد واجه تهماً تتعلق بالغش في رهن العقارات بقيم بلغت ملايين الدولارات، من بينها عقارٌ في أغلى مناطق العاصمة البريطانية.
يذكر أن الشرطة كانت قد بدأت البحث في قضية الأنصاري في فبراير/ شباط 2008 عندما ألقي القبض عليه في منزله بهيلينغدون، غرب لندن، في أحد أكبر العمليات التي نفذتها شرطة العاصمة، حيث قام خلالها الضباط باستخدام حفار لتحطيم أحد جدران المنزل، في الوقت الذي قامت فيه طائرة مروحية تابعة للشرطة بالتحليق فوق المنطقة، حيث وجد الضباط مبلغ 3 ملايين جنيه إسترليني في نهاية المداهمة التي تم تصويرها تلفزيونياً بالكامل.
أثناء اقتحام المنزل، تواجد أطفال الأنصاري الثلاثة في المنزل، ومن بينهم ابنته الكبرى غسق (16 عاماً)، والتي قالت أنها احتُجزت في غرفة نوم بالطابق العلوي في الوقت الذي قامت فيه الشرطة باقتياد والدها مقيداً بالأصفاد.
بعد ذلك بثلاث سنوات، أُطلِق سراح الأنصاري بعدما قضى حكماً بالسجن لثلاث سنوات بتهمة غسيل الأموال هو والعصابة التي يعمل معها والمكونة من 33 عضواً وتنشط في تجارة المخدرات بالأساس، بينما كان إطلاق سراحه يلزمه ببعض الشروط بالإضافة إلى مصادرة أكثر من 500 ألف جنيه إسترليني من أمواله.
تلقت الشرطة بعد ذلك خطاباً من طبيب الأنصاري في سوريا يخبرهم فيها أنه مريض للغاية ولا يمكنه العودة إلى بريطانيا، إلا أنه وبعد مرور خمس سنوات على الحرب المشتعلة في سوريا، قرر الأنصاري العودة إلى مطار هيثرو في لندن ليسلم نفسه للشرطة، حيث عاد الآن للسجن نظراً لكسره لشروط إطلاق سراحه في 2011، وتواصل الشرطة في الوقت ذاته بحث إذا ما كان سيتم استكمال تحقيقات قضية الرهن العقاري التي تورط فيها، والتي توقف البحث فيها سابقاً بعد سفره إلى سوريا.
وأصدرت الشرطة بياناً قالت فيه “تم إصدار أمر في يناير/ كانون الثاني 2011 باعتقال ميثم الأنصاري لإعادته للسجن نتيجة لمخالفة شروط إطلاق سراحه، وفي فبراير/ شباط 2016، تم إلقاء القبض عليه بمطار هيثرو بواسطة شرطة العاصمة بعدما وصل إلى البلاد في رحلة من عمَان (الأردن)”.
وأضاف البيان “بالإضافة لتهمة كسر شروط إطلاق سراحه، تم إلقاء القبض عليه أيضاً لعدم سداده الغرامات منذ ذلك الحين، وقد تمت إحالته إلى محكمة ويستمينستر”.
وكانت الشرطة قد ألقت القبض على الأنصاري منذ ثماني سنوات بالإضافة إلى تنظيم كبير تابع له بتهمة ترويج المخدرات وغسيل الأموال، حيث عثرت الشرطة على كمية من الكوكايين تزن 111 كيلوغراماً (تبلغ قيمتها السوقية 5.5 ملايين جنيه إسترليني) بالإضافة إلى مبالغ مالية وعدد من الأسلحة، كما ذكر تقرير الشرطة أن نشاط العصابة يمتد إلى دول أوروبية أخرى، وأنها تحقق أرباحاً تبلغ قيمتها 3 ملايين جنيه إسترليني أسبوعياً.
وكان مكتب الادعاء البريطاني قد ذكر حينها أنها أكبر قضية إجرامية يتعامل معها في لندن، في الوقت الذي اعترف فيه الأنصاري فيما بعد بضلوعه في عمليات غسيل الأموال.
وأخبر مكتب الادعاء محكمة ساوث بارك في ديسمبر/ كانون الأول 2010 أن الأنصاري يعمل كمستثمر في عمليات إجرامية، وأنه انتحل صفة رجل أعمال لتمويل صفقات تجارة المخدرات وتهريبها وغيرها من الأنشطة غير القانونية، في حين تم توجيه اتهامات مختلفة لبقية أعضاء العصابة البالغ عددهم 32، وحصلوا جميعاً –بالإضافة للأنصاري- على أحكام بالسجن مجموعها 200 عام.
وتطالب الشرطة الأنصاري حالياً بسداد غرامات تتعلق بممارسته نشاطاً لغسيل الأموال والتي كان قد حصل على إطلاق سراح مبكر مقابل سدادها، كما سينبغي عليه دفع مبلغ قيمته 535 ألف جنيه إسترليني كان قد صدر قرارٌ بمصادرتها، بالإضافة إلى فوائد هذا المبلغ.
في المقابل، يزعم الأنصاري أنه لا يملك المال لدفع تلك المبالغ، إلا أن المحققين يؤمنون بأن لديه أملاكاً خفيّة في دبي والمغرب وفندقاً قيمته 2 مليون دولار في الهند، وقاموا برفض طلبه لتقليص أو إلغاء العقوبة.
هافينغتون بوست عربي