انتشر تطبيق “الواتس اب” في الآونة الأخيرة وأصبح من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشاراً بين جميع فئات المجتمع.
ورغم الشعبية الواسعة التي عرفها هذا التطبيق إلا أنه أثر وبشكل كبير على العلاقات الأسرية والاجتماعية.
“أم توفيق” البالغة من العمر 65 عاماً خلال لقائنا معها: “بس بدي أعرف مين الي اخترع هالوتس؟ بيجو ولادي وأحفادي لعندي الصغير قبل الكبير وراسن براس هالموبايل لك بشتهي حدا منن يحكي معي كلمة يسليني، كل واحد ماسك هاتفو، يلي عم يضحك لحالو والي فجأة بتلاقيه عصب، آخر شي صرت قلن جيبولي هاتف ولا بقى تجو لعندي شو بدي مضيها قاعدة وأنا عم اتفرج عليكن”.
كشفت دراسة أمريكية الأقنعة الخفية وراء استخدام هذا التطبيق وآثاره السلبية على فئة الشباب خاصة طلاب المدارس في المراحل الثانوية الذين يمضون معظم أوقاتهم في كتابة الرسائل النصية دون ان يكون هناك من يراقب محادثاتهم الهاتفية، الأمر الذي تسبب بإصابة البعض بالاكتئاب واضطرابات الأكل والهروب المتكرر من المدرسة.
لم يقتصر الأمر على فئة الشباب بل أصبح هذا التطبيق في متناول الأطفال الصغار الذين لا يعرفون حتى الكلام بعد، لكنهم يمسكون الهاتف مقلدين آباءهم وأمهاتهم بتحريك أصابعهم حول الشاشة والتقليب يميناً ويساراً.
“أم سليم” البالغة من العمر 25 عاماً، لديها طفلة صغيرة بعمر السنتين تكشف لنا بعض السلبيات الخطيرة لاستخدام الأطفال الصغار للموبايل بعد تجربتها قائلة: “بنتي سارة صارت تبكي وما كانت تسكت لحتى شغلتلها أغاني عالهاتف وتركتها ورحت كمل شغل البيت، فجأة بيتصل فيني أخي الكبير وبقلي لك ليش عم تبعتيلي صور عرسك، فتذكرت أنه الهاتف مع بنتي وركضت اخدتو من ايديها”.
كما يرى بعض الأخصائيون في علم النفس، أن هذه التقنية تقطع صلة الأرحام والعلاقات الاجتماعية التي اضمحلت إلى درجة الصفر وحل “الواتس اب” مكانها علماً أن؛ بعض الأمهات انشغلن عن تربية أبنائهم والاهتمام بهم وبدراستهم بعد الانتشار الواسع للبرنامج.
من جهة أخرى؛ لتطبيق “الواتس اب” إيجابيات متعددة منها تقريب البعيد، فقد أصبح اليوم بإمكان الأشخاص الحديث مع بعضهم من أي مكان في العالم خاصة بعد الحرب التي جعلت الأبناء في غربة ضمن بلادهم.
“أبو محمد” البالغ من العمر 45 عاماً من أبناء مدينة ادلب: “عندي ابني محمد وحيد وخفت عليه كتير لهيك بعتو مع عمو وطلعو تهريب بالبحر لهولندا، ولهلأ ماقدر محمد يعمل لم شمل ليطالعنا أنا وأمو لعندو والطريقة الوحيدة لأتطمن عليه هو الواتس، كل يوم بيتصور وبيبعت بهالصور لأمو لحتى تحس أنو جنبها وتتطمن عليه”.
يتابع قائلاً: “عندي أخ عايش بحماة وأنا ساكن بادلب، ومستحيل أقدر روح لعندو لهيك هالواتس أجانا رحمة لحتى نقدر نحكي ونتطمن على بعض خاصة أنه ما في أي وسيلة تانية للتواصل بيننا وبين مناطق النظام”.
حسب دراسة أعدها “معهد رويترز وجامعة أوكسفورد البريطانية” شملت 71805 شخص في 36 دولة تحت عنوان “تقرير الأخبار الرقمية”، فإن اعتماد مستخدمي الوسائل الالكترونية على تطبيق “واتس آب” كمصدر للأخبار قفز بشكل واضح وبسرعة كبيرة، خاصة بعد قلق المستخدمين من الأخبار الكاذبة التي يتم نشرها عبر الفيسبوك، الأمر الذي دفعهم لاستخدام الواتس كمصدر للأخبار.
حول هذا الموضوع يشير لنا “أبو جميل” من ريف ادلب قائلاً: “أحلى شي بهالبرنامج مجموعات الأخبار والمراصد، أحياناً مابنسمع صوت انذار الطيران.. بتجينا رسالة عالواتس أنه الطيران بالجو فكنا ناخد احتياطنا، ومابس هيك الفيس مصروفو كبير ولبين ماتفتح صفحة الأخبار بروحو الميغايات بس الواتس أسرع ومصروفو أخف”.
ليس فقط “الواتس اب” إنما جميع تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر سلاحاً ذو حدين، سلاحاً إيجابياً يقودنا نحو العلم والتطور وسلاحاً سلبياً يسبب دماراً وفساداً في عقول الناس.
المركز الصحفي السوري – ديانا مطر