في اليوم العالمي للغة العربية التي نالت التكريم والتشريف بأن حملت بكلماتها القرآن الكريم البليغ المعجز نقف بخجل أمامها وهي تأنُّ تحت وطأة الهجر والهجرة وتحكم الحكام الظلام.
إنها يا سادة تشبهنا حتى في أحزاننا وأتراحنا في خيمنا المتناثرة كحبات البذار المشرعة للرياح كيدي طفل لا تعرفان طعم الدفء والحنان.
هي مشردة مثلنا فكما انطلقنا في أرجاء المعمورة نطلب عدلاً لم نجده في بلادنا ونحتمي من بطش حكام لا تجد قساوة مثله حتى في طبع الحيوان أيضاً لغتنا تعيش الغربة والألم ذاته داخل الوطن وخارجه.
داخل الوطن حيث يحلو لعبّاد الكراسي والسلطة التضحية بكل شيء والمراهنة على كل شيء مهما بلغت قيمته وقدسيته في سبيل الابقاء على الامتيازات والمكاسب وإظهار الولاء للقوى الحامية للعرش على جماجم السوريين فالنظام لا يرى غضاضة بأن يدخل اللغتين الروسية والفارسية المحتلتين كلغات أساسية في المناهج السورية منذ العام 2015 بل ويسمح لهذه القوى بنشاطات ثقافية هدامة تغير البنية الديمغرافية للشعب السوري.
خارج الوطن حيث لا جهة مسؤولة تحمي ولا نخب واعية ترشد أو تدافع عن اللغة العربية والهوية في مقابل حضور قوي لمصطلح الاندماج الذي يبرز كأحد شروط البقاء على قيد الحياة وبالتالي فالنتيجة الطبيعية لهذه المعادلة غير المتوازنة هي الانسلاخ التدريجي المقصود عن الهوية واللغة العربية لنصبح هجينين نحمل من كل الثقافات مع قشور بسيطة من الثقافة الأصلية.
ربما جيلنا يمتلك مناعة كافية تحميه من أثار هذا الانسلاخ لكن هل ستصمد المناعة بعد جيل أو جيلين؟
ستحسم المعركة بالتأكيد مع عِظم الضغوط وقلة المدافعين ونخسر الأبناء وتكون هناك قطيعة بينهم وبين هويتهم وتراثهم وهم الذين تربوا على التفكير والتعبير بغير لغتهم فاللغة ليست حروفاً وكلمات تقال بل قيم وعواطف ووجدان ينساب بين الحروف وينقل من جيل لآخر.
وحتى لا أتهم بالسوداوية وعدم الموضوعية فلا بد أن أشير الى جهود فردية على مستوى الأسر نفسها وجمعيات تسعى لإبقاء حبال التواصل بين الطفل ولغته الأم وهويته العربية التي يعتز بها وعلى هذه الجهود ينعقد الرجاء والأمل بالحفاظ على لغتنا وهويتنا في وجه عولمة متوحشة تخطت كل الحدود والقيود.
وكل عام ولغتنا لغة القرآن بخير
محمد مهنا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع