بدأت مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، تتكشف ضخامة الصادرات الروسية لأسواق السلع العالمية، بما فيها النفطية، في وقت يعاني حليفها في سورية من شح في المقومات الأساسية، التي يستوردها منها ومن أوكرانيا.
ربع حاجة العالم من الحبوب من روسيا وأوكرانيا
مع توالي نهج القوة العسكرية التي بدأها فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا في ٢٤ من شباط، تتوالى المخاوف من تفاقم وضع المجاعة لأكثر من ٤٥ مليون شخص على مستوى العالم، بسبب تعطل واردات القمح والحبوب والذرة من البلدين اللتين تستحوذان بحسب موقع اقتصاد الشرق قبل يوم على ربع سلة العالم من القمح.
وأشار الموقع أن أسعار القمح على مستوى العالم تضاعفت بنسبة ٥٠ بالمئة، للمرة الأولى منذ ١٤ عاما، ومثلها تسعيرة الذرة الصفراء التي ارتفعت بنسبة ٢٠ بالمئة للمرة الأولى من عشر سنوات.
وحذر بوتين في اجتماع مع حكومته أمس الخميس، من نهج العقوبات ضد بلاده، جعلها بالمرتبة 1بعد فرض 2778 عقوبة جديدة، منذ بدء غزو أوكرانيا، لترفع العدد إلى 5530 عقوبة دولية، وفق موقع تتبع العقوبات Castellum. A، والتي من شأنها باعتراف بوتين، مضاعفة أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي إلى جانب إمدادات الاسمدة والنفط.
تحذير بوتين مع تطبيق حكومة النظام
مع ما تعيشه مناطق سيطرة حليفه في دمشق منذ سنوات، من معاناة وأزمة طوابير على أبسط مقومات الحياة، دون أدنى اهتمام من الروس والإيرانيين، باعتراف رئيس غرف الصناعة فارس الشهابي قبل أشهر، معلناً أن السوريين مع مشاهد الطوابير، باتو يدفعون ثمن وقوفهم مع روسيا والصين، اللتين لم تحركا ساكناً، لاستثمار إمكانياتهما للتخفيف من وطء مقومات الحياة في مناطق النظام.
بدأت الطوابير بالخبز، الذي بدأ توزيعه عبر البطاقة الذكية حسب أفراد الأسرة قبل أكثر من عام، قبل قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في كانون الثاني/ يناير الماضي، استبعاد شريحة كبيرة من المستفيدين من دعم الخبز، بما فيهم عوائل العسكريين الذين شاركوا بالقتال، ليحلق سعر الربطة من ٢٥٠ ليرة إلى ١٣٠٠ ليرة.
إلى أزمة اختفاء الزيت النباتي مؤخراً مع عدد من السلع من الأسواق، والذي حلق بارتفاع وصل فيه سعر اللتر لأكثر من ١٥ ألفاً، بدل ٨٤٠٠ بعد تخلي روسيا عن عقد توريد الشحنة بسبب الحرب الأوكرانية، وإعلان عمرو سالم وزير التجارة، التحضير لاستيراد ٢٥ ألف طن من أحد الدول الشرقية، لتخفيف الطلب.
الغاز والنفط والسماد روسيا تتربع أسواق التجارة بها وتزويد النظام بالقطارة
ورغم الوعود الروسية المتكررة بالتخفيف من وطأة العقوبات المفروضة على النظام، والتحضير بلسان رياض حداد سفير النظام في موسكو في أب وأيلول الماضي، لإرسال النفط والغاز والأسمدة، إذ فاقم شح المحروقات خلال موسم البرد معاناة أكثر من ٥٠ بالمئة من العائلات، التي لم تحصل على مخصصات المازوت، بسبب شح الكميات ومشاهد العديد من الأهالي يقبعون تحت المطر والثلج في أحياء حمص والقلمون، ينتظرون على الطابور قبل أن تتخلى عنهم لجان الدعم، بحجج عدم التزامهم بالأماكن المخصصة للتوزيع.
مقابل أكثر من خمس مليون برميل نفط يتم تصديرها يومياً من روسيا لأسواق النفط العالمية، وأوروبا التي تعتمد على ٢٥ % من حاجاتها من النفط القادم من حقول النفط الروسية، ومثلها الغاز الذي يشكل ٤٠ %، بينما يقبع أطفال المدارس في مناطق سيطرة النظام في ريف دمشق تحت البرد بسبب عدم توفر كميات المازوت للتوزيع.
ومع ما تشكله الزراعة من مورد اقتصادي لغالبية السوريين قبل الأزمة، تحولت في الآونة الأخيرة لمعاناة بسبب كلف الإنتاج وتولي الروس زمام إنتاج السماد في معمل صناعة شركة حمص، بموجب اتفاقية مع النظام في تشرين الأول العام ٢٠١٨ ، والتي تتيح لشركة ستروي ترانس غاز ٦٥ %من المربح الصافي مقابل ٣٥% للنظام، لترتفع أسعارها لأكثر من ١٢٠ ألف ليرة لكيس السماد بالسوق السوداء على مسافة عشرات الكيلو مترات من المنطقة الغنية، التي تعج بالمواد الأولية الداخلة في صناعتها في مناجم الفوسفات ببادية تدمر.
رغم غضب الأهالي بمناطق سيطرة النظام تواصل روسيا نهب الموارد
ولجني ثمار تدخلها بجانب النظام، يواصل الروس نهب ثروات البلاد وحرمان أبنائها من الاستفادة مما تبقى من موارد للحياة، التي لم تستثنِ مقايضة الآثار والفوسفات بشحنات الأسلحة، وسط حالة النغمة التي بدأت تتعالى في طرطوس واللاذقية، بعد إلغاء الروس قبل أكثر من عام عقد أكثر من ٣ آلاف موظف في مرفأ بانياس، والتحضير للتدخل بحجج تسيير دوريات في مرفأ اللاذقية في كانون الثاني/يناير الماضي، الأمر الذي آثار غضب الأهالي الذين تخوفوا من مصير مشابه على غرار بانياس.
تقرير خبري/نضال بيطار
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع