موسكو – أطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة على العالم متحدثا عن مفاصل حقيقية ستتحكم بموقع روسيا القادم في المشهد الدولي.
وقدّم بوتين مواقف بلاده من خلال مؤتمر صحافي كبير، ضم 1400 صحافي، أراد من خلاله، التأسيس لقواعد عمل العالم مع روسيا خلال العام المقبل.
ورأى معلقون أن الرئيس الروسي يعتمد على المنبر السوري كأساس يطل من خلاله على العالم أجمع، وكميدان يعكس قوة روسيا الجديدة في المجالين العسكري والجيواستراتيجي.
وتزامن المؤتمر الصحافي مع إعلان الكرملين أن بوتين وقع أمرا بتوسيع القاعدة البحرية الروسية في طرطوس السورية.
وقال بوتين إن روسيا وإيران وتركيا والرئيس السوري بشار الأسد وافقوا على إجراء محادثات جديدة تهدف إلى حل الصراع في سوريا بأستانة عاصمة كازاخستان.
وأضاف أن عملية الإجلاء من حلب “ما كان يمكن أن تتم دون مساعدة روسيا وإيران وتركيا أو حسن النوايا من جانب الأسد”، وأن “الخطوة التالية في سوريا يجب أن تكون وقف إطلاق النار على مستوى كامل البلاد”.
ويرى متخصصون في الشؤون الروسية أن بوتين يعوّل كثيرا على تحالف روسيا مع تركيا وإيران لإحداث محور يمكّنه من تحسين شروط مفاوضاته المقبلة مع الإدارة الأميركية المقبلة والاتحاد الأوروبي.
وحول عملية إجلاء المدنيين من حلب، قال إنه “لولا تركيا وإيران ولولا المشاركة الفعالة لبلاده لما أثمرت العملية عن نتائج”.
وفيما يدور جدل حول اتّساق أو تناقض مؤتمر أستانة الذي دعا إليه بوتين ومؤتمر جنيف الذي دعا إليه دي ميستورا في الـ8 من فبراير المقبل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أنه يتوقع إجراء المحادثات في أستانة منتصف يناير المقبل.
ودافع بوتين عن أداء بلاده العسكري في سوريا، خلال اجتماع مع وزير الدفاع سيرجي شويغو بقوله إن “تحرير حلب من العناصر المتطرفة يشكل خطوة مهمة جدا نحو إعادة الوضع إلى طبيعته بالكامل في سوريا”.
ولفت المراقبون إلى إصرار بوتين على مقاربة جديدة بعد سقوط حلب تهدف إلى وقف شامل لإطلاق النار في سوريا، قائلا “يجب القيام بكل شيء لكي تتوقف المعارك في كل الأراضي السورية. وفي مطلق الأحوال، هذا ما نسعى للحصول عليه”.
ونقل عن شويغو قوله خلال اجتماع مع بوتين “من وجهة نظري نحن نقترب للغاية من التوصل إلى اتفاق لوقف شامل لإطلاق النار في أنحاء سوريا”.
ولاحظ دبلوماسيون غربيون تشديد الرئيس الروسي على متانة علاقات بلاده مع تركيا، كما لاحظوا انضمامه إلى الموقف التركي ضد جماعة فتح الله غولن.
وأعلن بوتين أن اغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف لن يشكل عائقا أمام تطوير العلاقات التركية الروسية. وأوضح أنه في حادثة إسقاط الطائرة خلال نوفمبر من العام الماضي، كان يشكك في مزاعم إسقاط الطائرة الروسية، من قبل أشخاص يسعون إلى إلحاق الضرر بالعلاقات بين البلدين.
وأضاف “لكني بدأت بتغيير رأيي بعد مقتل سفيرنا من قبل شرطي”، مشيرا إلى أن التغلغل في سلكي القضاء والأمن موضوع يحمل طابعا عميقا.
ورأى مراقبون في الولايات المتحدة أن الرئيس الروسي أظهر إيجابية إزاء العالم الغربي بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، لا سيما أن موقف واشنطن كان متعاونا حيال الاجتماع الثلاثي الروسي الإيراني التركي الأخير في موسكو. فقد رحب السفير الأميركي لدى أنقرة، جون باس، بـ”المبادرة التركية الروسية الإيرانية” من أجل وقف إطلاق النار والبدء بعملية سلام دائم، ووضع حد لمعاناة الشعب السوري.
وأضافت أوساط المراقبين الأميركيين أن بوتين قلل من لهجة تغريدة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول ضرورة تطوير الولايات المتحدة لقدراتها النووية واعتبر أنه “لا يرى شيئا جديدا” في هذا الموقف.
كما قلل بوتين من لهجة تصريحاته حول قوة روسيا واعتبر أن بلاده مضطرة للرد على التهديدات التي تشكّلها الولايات المتحدة الأميركية في مجال الأسلحة النووية ولكنها تراعي الاتفاقيات الدولية التي تُعدّ طرفا فيها.
ورصد المراقبون استبعاده تدخل بلاده في شؤون العراق بما اعتبر نأيا بالنفس عن منطقة عمليات أميركية، كما أنه قال إنه “يدعم” سماح الاتحاد الأوروبي للأوكرانيين بالسفر إلى التكتل دون تأشيرة، بما فهم على أنه إشارة ود موجهة إلى الاتحاد الأوروبي.
العرب اللندنية