وتناول التقرير كذلك الدور السعودي في تلك الصفقات.
ويقول تقرير الوكالة، إنه عندما أعلنت المملكة العربية السعودية في الأسبوع الماضي استثمار عشرين مليار دولار في صندوق للبنى التحتية داخل الولايات المتحدة الأمريكية تديره مجموعة بلاكستون إل بيه، لاحظ كثيرون أن ذلك جاء بعد وقت قصير بعد أن قام صهر الرئيس جاريد كوشنر شخصيا بالتفاوض على بيع ما قيمته 100 مليار دولار من الأسلحة للمملكة. إلا أن ما مر دون أن يلاحظه كثيرون – وهو غير معلوم إلى حد بعيد – هو مدى أهمية بلاكستون للشركة التي تملكها عائلة كوشنر.
وحاول التقرير الوصول إلى العلاقة بين جاريد كوشنر وشركة بلاكستون.
منذ عام 2003 قدمت بلاكستون من القروض ما قيمته 400 مليون دولار لتمويل أربع صفقات أبرمتها شركة تعود ملكيتها إلى كوشنر– مع العلم أن اثنتين من هذه الصفقات لم يبلغ عنها– وبذلك تكون بلاكستون واحدة من أكبر الشركات المقرضة. إلا أن ما بينهما يتجاوز مجرد الاقتراض، فأحد مؤسسي بلاكستون والمدير التنفيذي فيها ستيفين شوارزمان، يرأس مجلس ترامب الاستشاري في مجال التجارة والأعمال، وكان مرافقا للرئيس ولكوشنر في أثناء وجودهما في الرياض. عندما وعد السعوديون بالاستثمار في صندوق بلاكستون نجم عن ذلك ارتفاع أسعار أسهم الشركة بما يزيد عن 8 بالمائة.
وتنقل بلومبيرغ عن كريستين أندرسون، الناطقة باسم بلاكستون، قولها إن الشركة بدأت المحادثات مع السعوديين قبل عام، أي “قبل أن يصبح الرئيس ترامب مرشحا للحزب الجمهوري بوقت طويل”.
تعتبر شركة بلاكستون واحدة من أكبر شركات العقارات المقرضة غير المصرفية، وعادة ما يتم الإعلان عن الصفقات التي تبرمها في أثناء الزيارات الحكومية الرسمية، إلا أن ناطقا باسم شركة كوشنر رفض التعليق على ذلك.
إلا أن تعاقب الصفقات والعلاقات المتداخلة بين كبار المسؤولين في الشركات، تثير شبهات بوجود تضارب مصالح وتطرح تساؤلات حول ذلك. وشوارزمان هذا، الذي يعتبر واحدا من أكثر رجال الأعمال ثراء في العالم، جمهوري، ومثله مثل ترامب يقيم في نيويورك وفي بالم بيش. ويذكر أن إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس وزوجة كوشنر، هي واحدة من المستثمرين في صندوق أوجدته بلاكستون في عام 2010 لبذر صناديق التحوط، بحسب ما كشفت عنه تقارير مالية.
وكشفت بلومبيرغ أن كوشنر قام بتحويل ملكية بعض ممتلكاته إلى أفراد في عائلته، ويقول البيت الأبيض إنه سينقذ نفسه إذا ما استدعى الأمر ذلك. (ذكرت الواشنطن بوست يوم الخميس بشكل منفصل وضمن تقرير يتعلق بقضية مختلفة وغير مرتبطة بهذا الموضوع، نقلا عن أشخاص لديهم اطلاع على التحقيق الجاري، بأن كوشنرهو الآن قيد تحقيق يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالية إف بي آي حول احتمال التواطؤ مع الروس في أثناء حملة ترامب. وفي تصريح للواشنطن بوست قالت واحدة من محامي كوشنر، واسمها جامي غورليك، بأن موكلها قد تعاون مع تحقيق أجراه الكونغرس حول الموضوع، وأنه “سوف يفعل الشيء نفسه إذا ما تم الاتصال به بشأن أي تحقيق آخر.”)
الهيئة الاستشارية
لا تخضع الهيئة الاستشارية التي يرأسها شوارزمان– والتي تشتمل أيضا بين أعضائها على المديرة التنفيذية لشركة جنرال موترز ماري بارا، والشريك المؤسس لشركة تيسلا ومديرها التنفيذي إيلون ماسك، وجامي ديمون المدير التنفيذي لشركة جيه بيه مورغان تشايز– لقواعد أخلاقيات المهنة. على كل حال فيما لو ثبت وجود ارتباط بين كل من صفقات السلاح والاستثمارات السعودية والقروض، فإن ذلك من شأنه أن يجعل الخطوات المستقبلية تبدو عسيرة.
تجد العلاقة بين شوارزمان وترامب صداها لدى الجيل التالي، ولا أدل على ذلك من أن جون غراي، الرئيس الدولي للعقارات داخل شركة بلاكستون، كان قد التقى مع ترامب حينما كان الرئيس المنتخب يجري المقابلات مع المرشحين لمنصب وزير التجارة، وذلك على الرغم من أن هذا المرشح كان من داعمي هيلاري كلينتون.
يذكر أن غراي، البالغ من العمر 47 عاما، وكوشنر، البالغ من العمر 36 عاما، يعرفان بعضهما بعضا منذ أربعة أعوام على الأقل؛ فقد كان كلاهما في غاية الغبطة في عام 2013 حينما شاركا معا في الحفلة السنوية التي تنظمها صحيفة نيويورك أوبزرفر، التي يملكها كوشنر. كان غراي حينها قد أنهى عاما شهد إنجاز بلاكستون لما قيمته 13.3 مليار دولار من الاستثمارات في رأسمال، ما كان حينها أكبر صندوق عقاري في العالم. وقد رُشح ليكون عضوا في مجلس إدارة بلاكستون، فيما اعتبر مؤشرا على أنه كان يُعد للمنصب الأعلى في شركة شوارزمان.
خمسة وعشرون واعدون
قبل ذلك بأيام كانت صحيفة الأوبزرفر قد رشحت غراي من بين “الواعدين الخمسة والعشرين” ضمن قائمتها “لأكثر مائة شخصية نافذة في نيويورك”. ولطالما كالت الصحيفة المديح لمن كان يتوقع دخولهم في صفقات تجارية مع مالكيها. وكانت التوصية بترقب الواعد غراي أشبه بالنبوءة. تضاعفت قيمة أسهم بلاكستون في عام 2013، وذلك إلى حد كبير بفضل الصفقات العقارية التي كان يبرمها غراي، والتي كان منها في ديسمبر 2013 عرض هيلتون العالمية القابضة للاكتتاب العام، والتي غدت أكبر صفقة ملكية خاصة مربحة في التاريخ، ثم ما لبثت بعد ذلك أن أدت دورا أساسيا وحيويا في بحث بلاكستون عن مستثمرين خارج الولايات المتحدة، وبشكل خاص في الصين.
كان كل ذلك يحدث بينما كانت بلاكستون تمول بهدوء اثنين من مشاريع كوشنر.
في شهر يونيو/ حزيران من عام 2013 اشترى كوشنر بالشراكة مع مجموعة سي آي إم، وهي شركة عقارية استثمارية مقرها في مدينة لوس أنجيليس، بناية للمكاتب التجارية في الحي المالي داخل مانهاتن. على الرغم من أن الوثائق التي قدمت إلى السلطات المعنية في نيويورك أظهرت أن مصرف دويتش بانك إيه جي زود المجموعة بقرض قيمته 88 مليون دولار لشراء العقار الذي يقع في رقم 2 ريكتور ستريت، كانت بلاكستون أيضا من بين الجهات التي أقرضت المشروع، وذلك بحسب ما أفاد به شخص مطلع على المعاملة. سددت مجموعة سي آي إم وكوشنر القرض بشكل كامل في شهر آذار/ مارس 2016 وذلك من خلال بيع العقار بما يقرب من 225 مليون دولار لمستثمرين، بما في ذلك كوف بربرتي غروب وبينتول كينيدي.
شركاء غير معلنين
ومن خلال ترتيب مشابه تمكنت شركة كوشنر في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من ذلك العام، من شراء خمسة مخازن كانت تعود ملكيتها إلى شهود يهوه، بالإضافة إلى مبنى كان يستخدم للطباعة والنشر. تظهر الوثائق أن ناتيكسيس العقارية أقرضت كونسورتيام كوشنر 249 مليون دولار لتمويل الصفقة. وتارة أخرى كانت بلاكستون من بين الشركاء غير المعلنين.
كانت تلك المباني في حي بروكلين المعروف اختصارا باسم دمبو، هي الخطوات الأولى نحو تحقيق حلم كوشنر بتشكيل محور أعمال جديد للشركات المبتدئة في مجال التكنولوجيا. أما المقر الرئيسي لشهود يهوه الذي يشتهر بعلامته التي ترمز إلى مبنى واتشتاور أحمر اللون، فلم تأت إلا بعد حين.
في شهر آب/ أغسطس الماضي اشترت شركة كوشنر وشركاؤها المبنى بمبلغ 376 مليون دولار على شكل قروض، حصلت عليها من شركة ذات مسؤولية محدودة تهيمن عليها مؤسسة تعرف باسم بلاكستون مورتغيج تراست. أبرمت الصفقة بعد أسابيع قليلة من تفوق ترامب لفترة قصيرة في استطلاعات الرأي. أعلن حينها كوشنر، الذي كان مايزال المدير التنفيذي للشركة خططا لتحويل العقار “إلى واحد من مجمعات المكاتب التجارية التي تنتشر في مختلف أنحاء البلاد، وبالتأكيد داخل مدينة نيويورك.”
لا يوجد ما يضمن نجاح هذا المشروع في المستقبل وذلك نظرا لأن مستأجري المكاتب الكبيرة لا يرغبون في الانتقال إلى بروكلين بعد، وهذا ما ذكرته بلومبيرغ في تقرير لها في وقت مبكر من هذا الشهر. على كل حال، سوف تبدأ شركة كوشنر قريبا بالبحث عن شركات لديها الرغبة في الانتقال إلى بناية واتشتاور.
القوة الشرائية
إلا أن شيئين يمكن الجزم بهما، أما الأول فهو أن السعوديين كانوا في غاية السعادة إزاء صفقة بيع السلاح. وأما الثاني فهو أن بلاكستون بضمانها التعهد الذي صدر عن صندوق الاستثمار العام في المملكة العربية السعودية، تشعر بأنها تقترب أكثر فأكثر من هدفها المتمثل في الحصول على ما يزيد عن مائة مليار دولار من القوة الشرائية لمشاريع البنى التحتية، وهي نوع من الموجودات حيث يتم تقييد الاستثمار الخاص بسبب عمليات التخطيط المطولة وإجراءات الحصول على الرخص اللازمة.
بفضل الدعم السعودي ارتفعت أسهم بلاكستون تارة أخرى لتتجاوز سعر عرضها الابتدائي البالغ 31 دولارا، بعد أن تراجعت لما يقرب من عامين. وهذا يعني أن شوارزمان، إضافة إلى أنه يحظى باستماع ترامب له، بات لديه ما يقرب من 500 مليون دولار صافية أضيفت إلى قيمة شركته.