يبدو أن السوريين صاروا منبوذين فوق الأرض وتحتها، وبات حلم اللاجىء السوري في لبنان “البلد الشقيق” أن يجد حفرة يوسد إليها رأسه ليرتاح من عناء الحياة كما عاينها خلال سنوات خمس عجاف.
الحاج “محمد سليمان عوض” (65 سنة) من قرية الزارة بريف حمص الغربي ووالد الشهيدين “سليمان وجمال عوض” فارق الحياة فجر الثلاثاء الماضي، وحينما حمل مشيعوه جثته لدفنها في بلدة “الكواشرة” دخل بعض المشيعين إلى مكتب رئيس بلديتها للحصول على تصريح بالدفن، فقوبلوا منه بالشتم والكلام النابي” -حسب ما روى الناشط “محمد القصاب”.
وأضاف “القصاب” لـ”زمان الوصل” أن “أهل الميت ومشيعيه حملوا التابوت كاتمين في دواخلهم حزناً فوق حزنهم، وقصدوا –كما يقول- قرية “عمار البيكات” كون أهلها على صلة قرابة مع أهل الميت، وهناك كانت الطامة الكبرى -حسب القصاب- فقد قام أهالي القرية المذكورة بمعارضة دفن الجثة في مقبرتهم بشدة أيضاً مهدّدين بإخراج الجثة إن دُفنت، وأطلق أحدهم النار على المشيعين لمنعهم من دفنها ثم طردوهم من القرية.
ويردف محدثنا الذي كان شاهد عيان على القصة المحزنة أن “أهل الميت وقفوا إزاء ذلك حائرين تائهين مذهولين مما يجري وظلوا حوالي 8 ساعات انتفخت خلالها الجثة وهم يبحثون عن مكان لدفنها دون جدوى”.
وبعد أن سمع أهالي “وادي خالد” بما جرى أخبروا أهل المتوفى بإحضار الجثة على الفور إلى الوادي لدفنها بأي أرض يختارونها، وبالفعل تم نقل الجثة ودفنها في قرية (الرامة) وغطّى أهالي وادي خالد كل تكاليف الدفن والعزاء، حسب “القصاب”.
وليست المرة الأولى التي يُمنع فيها دفن وفيات اللاجئين في هاتين القريتين –كما يؤكد محدثنا- إذ “تم إخراج جثة طفل توفي في الأيام الأولى من ولادته بفعل فاعل في منطقة (الكواشرة) وتم اتهام أحد رجال الدين السوريين بأنه لم يحسن دفنه، وكادوا -كما يروي القصاب- أن يودوا بالشيخ إلى السجن”، والمحزن في القصة أكثر –كما يقول- أن “جثة الطفل تعرضت لنهش الكلاب، دون أن تجد من أهل القرية من يدفنها لأنهم لا يريدون دفن موتانا في أراضيهم”.
وأكد الناشط أن “أهالي قرية الكواشرة سمحوا من قبل لعدد قليل جداً من اللاجئين ممن يسكنها بدفن موتاهم، أما في الوقت الحالي فلم يعودوا يسمحون بالدفن فيما لم يسمح أهالي قرية “عمار البيكات” بدفن أي سوري، مشيراً إلى أن “أغلب موتى اللاجئين يتم دفنهم في وادي خالد الذين خصصوا مشكورين بكل قرية قطعة أرض لدفن السوريين”.
المصدر: زمان الوصل