كشفت دراسة جديدة عن أن تيارات المحيط المتجمد الشمالي والعواصف تنقل بكتيريا تتغذى على عوالق نباتية من طحالب المحيط إلى الغلاف الجوي، حيث تساعد هذه الجسيمات على بذر السحب.
ويمكن للجسيمات المعلقة في الهواء أن تسرع -في بعض الأحيان- تكوين بلورات الجليد في السحب، مما يؤثر على المناخ وأنماط الطقس.
وكتب الباحثون في بحثهم -المنشور في عدد أغسطس/آب الماضي من دورية “جيوفيزيكال ريسيرش لترز” العلمية الأميركية- “يمكن أن تؤثر هذه الجسيمات، ذات الأصل البيولوجي، على أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم”.
بذر السحب
تحتوي الجسيمات المعلقة في الهواء، والتي تسمى الهباء الجوي، على أنوية للجليد مثل الغبار والدخان وحبوب اللقاح والفطريات والبكتيريا.
وأظهرت الأبحاث السابقة أن البكتيريا البحرية كانت تسهم في بذر السحب في القطب الشمالي، ولكن كيفية انتقالها من المحيط إلى السحب شكلت لغزا محيرا للعلماء.
في الدراسة الجديدة، أخذ الباحثون عينات من الماء والهواء في مضيق بيرنغ، وفحصوا العينات للكشف عن جزيئات تشكل أنوية الجليد البيولوجية.
ووجد الباحثون أن البكتيريا الموجودة عادة بالقرب من قاع البحر تتواجد في الهواء فوق سطح المحيط، وأظهر البحث الجديد أن أنظمة الطقس جلبت البكتيريا التي تتغذي على الطحالب إلى رذاذ البحر فوق سطح المحيط، مما يشير إلى أن البكتيريا يتم حملها جوا نتيجة التيارات البحرية والعواصف الجوية.
وقالت جيسي كريميان -عالمة الغلاف الجوي في جامعة ولاية كولورادو في فورت كولينز بكولورادو، والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة في بيان صحفي- “هذه الأنواع الخاصة من الهباء الجوي يمكنها في الواقع بذر السحب، بطريقة مماثلة لكيفية بذر بذور النبات.” وأضافت أن “بعض هذه البذور فعالة حقا في تشكيل بلورات الثلج السحابية”.
العوالق نباتية/البكتيريا الموجودة في الطحالب المزدهرة يمكن أن تكون بذورا لتكوين السحب (بيكساباي)
فهم أنماط الطقس
بذور السحب، مثل البكتيريا الموجودة في الطحالب المزدهرة، يمكن أن تخلق مزيدا من السحب بكميات متفاوتة من الجليد والماء، ويمكن أن تؤثر زيادة السحب على مقدار الحرارة المحصورة في الغلاف الجوي، التي يمكن أن تؤثر بدورها على المناخ.
وازدهار الطحالب هو زيادة كبيرة في التمثيل الضوئي في الكائنات الحية الدقيقة التي تشبه النبات، والتي تتغذى عليها العديد من حيوانات المحيطات، وبعض أنواع البكتيريا.
ويمكن أن تؤثر تركيبة السحب على دورة المياه في القطب الشمالي، وتغيير كمية الأمطار والثلوج التي يتم إنتاجها.
وقال مؤلفو الدراسة الجديدة في بحثهم: إن زيادة عدد السحب وتغيير تكوينها في القطب الشمالي يؤثران أيضا على أنظمة الطقس الشمالية، مما قد يؤثر على اتجاهات الطقس في جميع أنحاء العالم.
من المحيط إلى الغلاف الجوي
للتعرف على كيفية انتقال “البذور السحابية” البيولوجية من أعماق المحيط إلى الغلاف الجوي، أخذت كريميان وزملاؤها عينات من عمق ثمانية أمتار تحت سطح الماء، وعينات من الهواء على بعد نحو عشرين مترا فوق سطح الماء في مضيق بيرنغ أثناء ازدهار الطحالب.
ووجد الباحثون في العينات بكتيريا معروفة ببذر السحب في العوالق النباتية المزدهرة، ووجدوا البكتيريا نفسها على بعد نحو 250 كيلومترا شمال غرب الازدهار، مما يشير إلى أن تيارا قويا ينقل البكتيريا إلى بقعة جديدة.
ووجد العلماء البكتيريا أيضا في الهواء فوق سطح الماء، حيث نُقلت بذور السحب البكتيرية إلى الهواء في قطرات الماء.
ونظرا لأن العلماء كانوا قادرين فقط على أخذ عينات من ارتفاع عشرين مترا، فهم لا يعرفون حتى الآن كيف تصعد جزيئات أنوية الجليد إلى ارتفاع السحب، الذي يبدأ في المتوسط من على ارتفاع 1.9 كيلومتر (1.2 ميل) فوق السطح.
وتعاني المناطق القطبية من ارتفاع سريع في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ. ووفقا للباحثين فقد يؤدي الاحترار المتسارع في منطقة القطب الشمالي إلى ازدياد ازدهار الطحالب، بالإضافة إلى إنتاج المزيد من البكتيريا الباذرة للسحب.
وقالت كريميان “هذا هو جزء من اللغز في ما يتعلق بكيفية تشكل هذه السحب في القطب الشمالي، التي ربما تؤثر على أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم”.
المصدر : مواقع إلكترونية ، الجزيرة