“جل اهتمامي أن أرسم في ذاكرة أحفادي وأسجل لحظات سعيدة كي يذكروني في مستقبلهم بذكريات جميلة ويترحموا علي وينسجوا حكايات عن جدهم الذي أحبهم وزرع فيهم يوماً من الأيام الخير وعلّمهم الحب والعطاء”، كانت هذه آخر كلمات الفنان الراحل “عامر السبيعي” الذي كان كمن يتنبأ بموته قبل أن يوسّد قبره في مدينة الإسكندرية بمصر طاوياً تجربة درامية وموسيقية غنية بعطائها المميز وتاركاً وطناً ممزقاً ينزف دماً ودموعاً.
عندما أدخل الفنان السبيعي إلى المشفى لم تكن عائلته تتوقع للحظة بأن نهايته المحتومة اقتربت لكنها مشيئة الله -كما يقول- ابنه “رفيق السبيعي” لـ”زمان الوصل” مضيفاً أن والده “أنجز في آخر أسبوع من عمره كل ما يريده في الحياة وودع الأبناء والأهل والأصدقاء”.
وكشف “السبيعي” أن والده “كان يقيم مع أبنائه في الإسكندرية ولكن لكون هذه المدينة لا تضم الكثير من السوريين ومن أصدقائه تحديداً اختار أن يسكن في مدينة أكتوبر”، وهناك –كما يقول ابنه- كان يجلس في المقهى القريب من منزله باستمرار، ويلعب الطاولة مع أصدقائه ويتبادلون أحاديث الثورة والفن”.
وروى ابن الفنان الراحل أن والده “كان يذكر كلمة الموت كثيراً في كلامه اليومي قبل شهرين من وفاته ويشعر بأن شيئاً غريباً يجري له، ولكنه كان قوياً ولم يستسلم للمرض والموت”.
وقبل وفاته بخمسة أيام تقريباً جاء الفنان “عامر السبيعي” إلى أبنائه وكأنه أراد لهذه الزيارة أن تكون الأخيرة له حتى أنه ودّع كل أحبابه وكل من يعرفهم وكأنه كان يشعر باقتراب أجله”.
وكشف النجل الأكبر للفنان الراحل تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاته حيث كان –كما يقول– يبدو في أقوى حالاته و”جبروته” وكان يحاول أن يرفع جسده بيديه عن السرير رغم أن ضغطه كان يقارب الصفر، وكان يطلب منا أن نخرجه من المستشفى وخاصة أنها المرة الأولى التي يدخل فيها مشفى طوال حياته.
منذ أن جاهر الفنان الراحل عامر السبيعي بمعارضته لنظام الأسد كان حريصاً
على الالتزام بالثورة حتى آخر لحظة من حياته، ولكنه في الآن نفسه كان حزيناً على وضع الفن في الثورة –حسب محدثنا- وأكثر ما كان يحزنه أن “نظام الأسد” استمال أغلب الفنانين السوريين الذين ساروا في ركابه، وأصبحوا أداة يضرب بهم الثورة بينما انفضت الثورة عن أبنائها الفنانين، رغم أن هناك المئات من رجال الأعمال المحسوبين عليها وكان جديراً بهم أن يدعموا هؤلاء الفنانين الأحرار”.
والراحل “عامر السبيعي” أو “شيخ الشباب” كما كان يحب أن يُلقب ألف وغنى للثورة السوريّة العديد من الأغاني من أشهرها “دبحوا الولد” “يا ويل يا ويل” و”صار بدها حل”.
فضا عن “ديروا ع القبلة” التي أنتجتها “زمان الوصل” وصولاً إلى أغنية الأخيرة “طوطولوا” التي سخر فيها من زعيم مليشيا حزب الله، واصفاً إياه بـ”حسن زميرة” وللمفارقة فقد توفي في اليوم ذاته الذي قضى فيه المقاتل الذي أطلق هذه التسمية على حسن نصر الله.
المصدر: زمان الوصل