على وقع مشاهد اصطياد المقاتلات التركية المسيرة لأرتال الآليات العسكرية في سوريا وليبيا، كشفت أنقرة الليلة الماضية عن طائرة مسيرة جديدة أطلقت عليها اسم “أقنجي”، وتوصف بأنها واحدة من أذكى الطائرات من هذا الطراز عالميا.
وأضحت “بيرقدار أقنجي” ومن قبلها شقيقتها “بيرقدار TB2” اسمًا تردد صداه على كل الأصعدة، وهي ألقاب طائرات مسيّرة تفخر بها تركيا، لا سيما أنها انتقلت بها من مرحلة الاكتفاء الذاتي في إنتاج محركات الطائرات “الدرون” إلى تصديرها ودخول باب المنافسة العالمية في هذا المجال.
و”أقنجي” كلمة عثمانية كانت تطلق على قوات سلاح الفرسان الحدودية في الإمبراطورية العثمانية، المكلفة بشن الغارات على الدول المعادية. أما “بيرقدار” فترمز إلى اسم عائلة “سلجوق بيرقدار” مخترع الطائرة المسيرة التركية.
وعرضت شركة “بيكار” التركية مساء أمس الأحد فيلما وثائقيا حول مراحل تطوير المقاتلة المسيرة “بيرقدار أقنجي” الحديثة، وهي أول طائرة هجومية مسيّرة محلية الصنع وذات قدرات تكنولوجية عالية.
تركيا الثانية عالميا
واستعرض الفيلم مسيرة إنتاج هذه الطائرة المتطورة، مبينا لقطات من عمل فريق الشركة من المهندسين والفنيين أثناء صناعتها، ويظهرهم وهم يترقبون التجربة الأولى لإقلاعها وطيرانها. كما سلط الفيلم الضوء على قدرات “أقنجي”، حيث انتقلت تركيا إلى المركز الثاني عالميا في صناعة هذا النوع من الطائرات، بحسب خبراء عسكريين أتراك.ولعبت الطائرات التركية المسيرة دورا بارزا في تعزيز مكانة تركيا العسكرية، بعد أن حققت نجاحا وسمعة كبيرة في العمليات العسكرية التي جرى استخدامها فيها، وذلك في إطار النقلة التكنولوجية المتقدمة التي حققتها أنقرة بالانتقال من بلد مستورد للاحتياجات العسكرية إلى بلد مصدّر لها، لا سيما في مجال قطاع الطيران.
وفي إطار سعيها للاعتماد على الذات والاستغناء عن الخارج في توريد السلاح، دعمت رئاسة الجمهورية التركية إنتاج العديد من الطائرات المسيرة بقدرات محلية ووطنية.
وبحسب شركة “بيكار”، فقد جرت عمليات تصوير الفيلم لأشهر عديدة في منشآت الشركة لإنتاج وتطوير الطائرات المسيرة المسلحة الوطنية في إسطنبول، فضلا عن التصوير في القاعدة الجوية التي تم اختبار المقاتلة “بيرقدار أقنجي” فيها، في منطقة تشورلو بولاية تكيرداغ شمال غربي تركيا، وتم استكمال مشروع الفيلم الوثائقي الذي انطلق في فبراير/شباط 2019، في غضون 15 شهرا.
ووفق ما عرضه الفيلم الوثائقي فان طائرة “أقنجي” المسيرة تتميز بالآتي:
– القدرة على جمع المعلومات عن طريق تسجيل البيانات التي تتلقاها من أجهزة الاستشعار والكاميرات على متن الطائرة من خلال 6 حواسيب مجهزة بذكاء اصطناعي متطور.
– مزودة بأدوات متطورة عديدة، مثل رادر “AESA”، وكاميرا “EO/IR”، وأنظمة مراسلة عبر الأقمار الصناعية، وأنظمة الدعم الإلكتروني وذكاء اصطناعي متطور، وغيرها.
– سعة الحمولة المفيدة 1350 كلغ (900 كلغ خارجي و450 كلغ داخلي)، وبذلك ستكون “أقنجي” قادرة على أداء المهام عبر تزويدها بذخائر وأسلحة محلية الصنع مثل صواريخ كروز من طراز “SOM”.
– توفر الأجنحة ذات الهيكل الملتوي والبالغ طولها 20 مترا، إلى جانب نظام التحكم الأوتوماتيكي الكامل بالطيران، ونظام الطيار الآلي، أمانا عاليا للطلعات الجوية.
– نظام الذكاء الاصطناعي، دون الحاجة إلى أي مستشعر خارجي أو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
– يتيح رادار الفتحة التركيبية للطائرة إمكانية التقاط الصور حتى في ظروف جوية سيئة.
– مزودة برادار للأرصاد الجوية وآخر للطقس متعدد الأغراض.
– التحليق بمحركين بقوة 240 حصانا محلييْ الصنع.
– تصميم الطائرة بحيث يمكنها الطيران بمحركات مختلفة، والتحليق بمحركين بقوة 750 حصانا.
– التحليق على ارتفاع يصل إلى 40 ألف قدم.
– الطيران دون توقف لمدة 24 ساعة.
– وزن الطائرة عند الاقلاع 5500 كلغ.
– سرعة قصوى 250 عقدة في الساعة.
– قادرة على خوض الحرب الإلكترونية وذكاء الإشارة.
– الطول 12.3 متر.
– استخدام أسلحة ومقذوفات متنوعة، وإلقاء قذائف على أهداف أرضية، إلى جانب إمكانية تزويدها بصواريخ جو-جو.
الأحدث في طرازها
ويوم الخميس الماضي، أعلن المدير الفني لشركة “بيكار” للصناعات الدفاعية التركية سلجوق بيرقدار في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في تويتر، أن شركته على وشك إطلاق الطائرة المسيرة الجديدة “أقنجي”، قائلا إن الطائرة التركية متطورة جدا، وجاء تصميمها وفق أحدث المعايير التكنولوجية الحديثة، وجاء إنتاجها ليعبر عن “حرية شعبنا واستقلالنا عن الخارج”.
وقال رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير في تصريح صحفي إن الطائرات المسيرة التركية أدت دورا في غاية الأهمية وعززت قدرات قوات الأمن في مكافحة الإرهاب، مضيفا “اليوم سنعزز قوتنا أكثر.. مبارك لكم.. تابعوا العمل دون توقف”.
حاسمة في المعارك
وفي هذا السياق، ذكر إسماعيل حقي نائب رئيس الاستخبارات العسكرية السابق في رئاسة الأركان التركية أن أنقرة استخدمت الطائرات المسيرة الاستطلاعية والمسلحة بفعالية كبيرة في مواجهة التنظيمات الإرهابية على رأسها تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، فضلا عن عملياتها في سوريا وليبيا، مما جعلها تتجاوز إسرائيل وترتقي إلى المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة في استخدام هذا النوع من الطائرات.
وأكد حقي للجزيرة نت أن استخدام تركيا لطائراتها المسيرة المحلية غيّر مجرى العمليات في سوريا وليبيا، وخاصة في مدينة إدلب السورية، حيث كبّدت تلك الطائرات قوات نظام بشار الأسد وحلفاءه خسائر فادحة.
وأوضح الضابط المتقاعد أن “الطائرة الجديدة مع سابقاتها بيرقدار وأنكا وسونغار، تستطيع حسم المعارك في ليبيا، وستسهم بشكل كبير في القضاء نهائيا على حزب العمال الكردستاني والتنظيمات الإرهابية الأخرى”.
مميزات أكبر
وعن الفرق بين الطائرة الجديدة “أقنجي” و”بيرقدار TB2″، أوضح حقي أن الأولى تستطيع التحليق على ارتفاع أعلى من الثانية، وتبقى في السماء مدة أطول، وتحمل أوزانا أثقل، ومزودة بتكنولوجيا أذكى.
وأشار نائب رئيس الاستخبارات العسكرية السابق في رئاسة الأركان التركية إلى أن بلاده أبدت اهتمامها منذ عدة أعوام بالطائرات المسيرة، وبالرغم من تحالفها مع الولايات المتحدة فإن الأخيرة كانت تتعامل بانتهازية مع أنقرة في هذا المجال.
ولفت إلى أن تركيا سطّرت نجاحات في مشاريع عملاقة في الصناعات الدفاعية خلال العقد الأخير، من قبيل الدبابة ألطاي، ومدفع العاصفة، والمروحية أتاك “تي-29”.
كما لفت الخبير العسكري إلى أن تركيا باتت تصدر تكنولوجيتها في الصناعات الدفاعية إلى بعض الدول التي تربطها بها علاقات جيدة، مبينا أن حجم الصادرات التركية من الصناعات الدفاعية ارتفع بنسبة 170% في الفترة بين عامي 2014 و2018، وبلغت قيمة الأسلحة التي صدرتها العام الماضي 2.7 مليار دولار.
وأضاف أن “تركيا لن تقف في صناعاتها العسكرية عند طائرة أقنجي، بل هي ماضية لأبعد من ذلك بكثير، فهي تخطط لإنزال حاملة طائراتها إلى البحر خلال العام الحالي، ومقبلة على صناعة سفينة الهليكوبتر العسكرية، كما تخطط لتصدير طائرة أقنجي وصناعتها العسكرية الأخرى إلى أكبر عدد من الدول”.
وزاد الخبير حقي أن “تركيا تستخدم في صناعتها العسكرية مواد خاما في معظمها محلية، وتخطط للاستغناء تماما عن استيراد المواد الخام في التصنيع”.
وتُظهر تقارير الصادرات العسكرية التركية أن الولايات المتحدة أكبر المستوردين للسلاح من تركيا بقيمة 748 مليون دولار بزيادة قدرها 16.27%، ثم ألمانيا بقيمة 242.21 مليون دولار بزيادة قدرها 14.42%، وحلت سلطنة عمان ثالثة في قائمة الدول المستوردة للسلاح التركي، تلتها قطر ثم الإمارات العربية المتحدة وبعدها هولندا وبريطانيا والهند وبولندا وفرنسا أخيرا.
نقلا عن الجزيرة