صادف شهر آذار/مارس الفائت الذكرى العاشرة للثورة السورية التي لا يزال السوريون يتذكرون بداياتها والهتافات المبهجة في الشوارع والأمل بمستقبل ديمقراطي وحر.
نشرت صحيفة “فورين بوليسي” اليوم الأربعاء 7 نيسان/أبريل تقريراً للناشط السوري عمر الشغري نقل فيه شهادته عن فظائع النظام السوري ترجمه المركز الصحفي السوري عنها بتصرف.
فرّ جزء كبير من السكان أو احتجزوا في سجون حكومية وأصبحت ادلب هي آخر معقل للأمل والمعقل الأخير للمعارضة وملجأ النازحين داخلياً والهدف الرئيسي لرأس النظام لاستمرار الهجمات الجوية والمدفعية فيما يعتبره العقبة الأخيرة قبل أن يتمكن من إعلان نصره العسكري.
إذا استمر المجتمع الدولي في إهمال سوريا فسوف يحقق رأس النظام هدفه الوحشي، ولكنّ الشعب السوري لم يستسلم بعد 10 سنوات ولا زالوا يواصلون الاحتجاجات.
يحكي أحد الناجين من فظائع النظام “عمر الشغري” ما زلت أتذكر يوم 18 آذار/مارس 2011 عندما شاركت في إحدى أولى الاحتجاجات السلمية في مسقط رأسي في البيضاء في الساحل السوري عندما كنت في الـ15 من عمري، ورأيت كيف بدأت قوّات النظام إطلاق النار على المتظاهرين وعلت أصوات المدافع على أصواتنا وغمرت الدماء الورود التي ما زالت متمسكة بأولئك الذين سقطوا حينها.
اليوم في سن الـ25 أنا مثل ملايين السوريين الآخرين، نزحت من منزلي وفقدت الكثير من الأحباء، وبصفتي مدير شؤون المعتقلين في فرقة الطوارئ السوري وناج من التعذيب في سجون الأسد، آمل أن تلامس قصتي قلوب الشعب الأمريكي، فقد مرّ عقد على اعتقالي بسبب مشاركتي في مظاهرة سلمية، مرّ عقد والعالم لا يزال متفرجاً على مذابح الإبادة الجماعية التي تتكشف في سوريا.
لا أزال أتذكر كيف وقفت معصوب العينين أمام المحقق في حجرة التعذيب في السجن، كان بإمكاني فقط أن أسمع وأشعر بمحيطي، وأتوقع أن تأتيني لكمة من أي جانب “أمريكا؟ إسرائيل؟ القاعدة؟” أدركت أنهم كانوا يسألونني لصالح من أتجسس، وكطفل مصاب بصدمة نفسية، كل ما كنت أفكر في قوله هو “أنا مجرد طفل، لم أفعل شيئاً من هذا القبيل”.
يكمل الشغري، صدموني بالكهرباء وفقدت الوعي واستيقظت لاحقًا دون أن أفهم كم مر من الوقت، قيدني الضباط على كرسي، وأزالوا عصابات عيني للمرة الأولى وعلى الجانب الآخر من الغرفة، رأيت ابن عمي بشير معلقاً من معصميه من السقف المقابل لي.
قالوا لي: “قل لنا كلما عذبناه أكثر، كم عدد الضباط الذين قتلتهم؟ ” بينما كان كلانا بريء، علمت أن صمتي سيكلفني ابن عمي، ولم أستطع تحمل سماع صراخه، فقدمت لهم اعترافات كاذبة وبعد نصف عام من الاعتقال، علمت أن قوات الأسد دمرت قريتي وذبحت عائلتي، قتلوا والدي، وقتلوا إخوتي الذين كنت أشاركهم في نفس الغرفة لسنوات عديدة في السراء والضراء.
تمّ تهريبي خارج السجن بأعجوبة عندما كنت على وشك الموت واكتشفت أن والدتي قد نجت من المذبحة في بلدتنا ودفعت رشوة باهظة لتهريبني من السجن.
شققت طريقي إلى إدلب في شمال غرب سوريا على الرغم من الضربات الجوية والبرية المستمرة التي شنتها الحكومة بدعم روسي وإيراني، فقد كان المكان الأكثر أماناً بالنسبة لي. فهناك، كنت أعلم أنني سأحصل على الرعاية وبعيداً عن سجون النظام.
بعد لم شملنا مع والدتي في تركيا بدأت أنا وأخي البالغ من العمر 10 سنوات الرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر إلى أوروبا في عام 2015 مع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الآخرين وأنا اليوم في الولايات المتحدة أدافع عن ملايين السوريين الذين يقاتلون من أجل حريتهم.
لا تزال الأمم المتحدة تفشل في حماية المدنيين السوريين وفي إيجاد حل للنزاع، وقد كلفتني هذه الإخفاقات حياة والدي وأخي، لكنني أؤمن بقدرة الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية على تعويض إخفاقات المجتمع الدولي في سوريا وإنقاذ الآباء والإخوة الآخرين.
حددت فرقة العمل المعنية بالطوارئ السورية توصيات سياسة واضحة للولايات المتحدة تشمل متابعة انتقال سياسي نحو حكم شامل وديمقراطي وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 والعمل على منع المزيد من الفظائع الجماعية ودعم البنية التحتية المدنية في إدلب وتكثيف جهود الردع والمساءلة من خلال قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019 ونحن كسوريين عانينا لأننا نطمح لأن نصبح أمة حرة وديمقراطية ومناشدتنا وأملنا هو أن يتمكن الشعب الأمريكي وممثلوه من المساعدة في وقف الفظائع وإنهاء لحظة “يجب ألاّ تتكرر أبداً”.
الجدير ذكره أنّ الشغري هو لاجئ سوري وناشط في مجال حقوق الإنسان ويشغل حالياً منصب مدير شؤون المحتجزين في فرقة العمل المعنية بالطوارئ السورية.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع