نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً اطّلع عليه المركز الصحفي السوري وترجمه بتصرف، عمّا يعانيه اللاجئون السوريون بعد عقدٍ كاملٍ من الحرب السورية.
اتمتة السجل العقاري هل ستساهم بخسارة الأملاك وتثبيت التزوير؟ ماهي الآلية لمراجعة الملكيات؟
نزل المتظاهرون المطالبون بالإصلاح السياسي في سوريا قبل عشر سنواتٍ، إلى الشوارع في مظاهراتٍ كانت سلميةً بالكامل, بل وحتى بهيجة. فقد رأى الشعب السوري الاضطرابات في البلدان العربية الأخرى التي أجبرت مجموعةً من المستبدين الذين حكموا لفترةٍ طويلةٍ على التخلي عن قبضتهم الحديدية في السلطة.
كان الشعب السوري يأمل بالتغيير وربما حتى الديمقراطية الحقيقية في سوريا ذات التاريخ العريق الغارق تحت سيطرة عائلة الأسد منذ عقود.
إلاّ أنّه بدلاً من ذلك لم يكن هناك سوى الخراب والفوضى, فتقول مراسلة شبكة سي إن إن “أروى ديمون” في ملخصٍ كتبته “لقد قتل نظام الأسد بالرصاص أولئك الذين دعوا إلى انتقالٍ سلميٍّ إلى الديمقراطية”
انتهى الصراع السوري بكلّ المقاصد والأغراض كحربٍ أهلية تسيطر فيها قوّات النظام على أكثر من 70 بالمائة من البلاد، وجميع مدنها الرئيسية، مع بقاء فصائل المعارضة داخل طوقٍ متقلصٍ في شمال غرب البلاد بدعم من القوات التركية, فيما تسيطر ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد بدعمٍ من تحالفٍ تقوده الولايات المتحدة.
أدّى دخول إيران وروسيا في الاضطرابات الجيوسياسية، إلى قلب الموازين لصالح النظام, واستهدفت قوات الأسد المراكز السكانية المدنية بالمدفعية والعبوات البدائية الصنع، كالبراميل المتفجرة والألغام البحرية, ثمّ استخدم النظام بعد ذلك أسلحة كيماوية.
لقد حطم العقد الفائت الشعب السوري وشتته, فقد اضطر أكثر من نصف السكان إلى الفرار وقد أوقفت الأمم المتحدة إحصاء عدد القتلى عام 2016 عند 400 ألف وفرّ أكثر من 6 ملايين سوري من وطنهم عبر الحدود إلى البلدان المجاورة ويعيش 5 ملايين في ظروف دون المستوى المطلوب واعتقل النظام عشرات الآلاف ممن شاركوا في الاحتجاجات.
كانت محنة اللاجئين السوريين موجودةً في المخيلة الغربية على أنّها تهديد, وتمّ تسليحها من قبل السياسيين اليمينيين المتطرفين, وعلى الرغم من أنّ المهاجرين السوريين أثبتوا قصة نجاح اندماج في معظم أنحاء أوروبا, فلا يزال الملايين يعانون من النسيان في البلدان المجاورة لسوريا ويعيشون على الهامش ويخافون من المصير الكئيب الذي قد ينتظرهم إذا حاولوا العودة.
أشار تقريرٌ حديثٌ صادر عن الأمم المتحدة، أنّ الظروف تزداد سوءاً مع ازدياد الفقر وانعدام الأمن الغذائي, إضافةً إلى تقلص معدلات الالتحاق بالمدارس والحصول على الرعاية الصحية، وخصوصاً مع انتشار جائحة كورونا التي قضت على الكثير من العمل الذي يعتمد عليه اللاجئون.
قالت كبيرة مستشاري الاتصالات في المفوضية “رولا أمين” أنّ الناس على حافة الانهيار، وخاصةً مع تحول انتباه العالم عن الأزمة السورية واعتقادهم بأنّ الأمر سيصبح سهلاً على اللاجئين, في حين أنّ الأمر يزداد صعوبةً عليهم.
بحسب المجلة الطبية البريطانية “ذا لانسيت” فإنّ أكثر من 23 مليون شخصٍ في سوريا والدول المجاورة التي تستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين، بحاجة إلى مساعدةٍ إنسانيةٍ.
وأضافت أنّ معظم اللاجئين السوريين يعيشون تحت خطّ الفقر.
وقدّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أنّ حوالي 12.4 مليون سوري يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي, أي بما يزيد بحوالي 4.5 مليون شخص عن العام الفائت.
وبحسب معهد التنمية لما وراء البحار, فإنّ 5.8 مليون طفل سوري يحتاجون إلى مساعداتٍ تعليميةٍ، وتقدّر اليونسيف بأن قرابة 3 ملايين طفل سوري داخل وخارج سوريا لا يذهبون إلى المدارس.
مايزال عددٌ كبيرٌ من المعارضين يتمسّك بالأمل, فثمن الانضمام للثورة لم يكن زهيداً، فقد دفع الناس ثمناً باهظاً وتكبدوا خسائر فادحة, فتقول الناشطة “حسناء عيسى” المقيمة في شمال غرب البلاد “نحن لسنا مجرد ضحايا, نحن ناجون, ونربي الجيل القادم بطريقةٍ مختلفة عن أي شيء يمكن أن نتخيله من قبل”
فيما يعيش آخرون مع يأسٍ أعمق ولا يفكرون بالعودة إلى سوريا كاللاجئة “علا دوارشي” التي تقيم في تركيا، وأجابت عند سؤالها فيما إذا كانت تفكر بالعودة إلى منزلها في سوريا “أنا لا أطرح على نفسي هذا السؤال, ولا حتى أفكر بذلك”
ويقول ناشط سوري آخر في وصفه لسوريا حسب وجهة نظره “لم تعد هناك دولة, بل مجموعة من الناس في نفس البقعة من الأرض لا أكثر”.
الجدير ذكره أن لا حلّ سياسي يلوح في الأفق حتى الآن على الرغم من جهود بعض الفاعلين الدوليين على مدى سنوات الحرب الطويلة, وبالرغم من عقوبات الحكومات الغربية على النظام السوري, إلاّ أنها لم تفعل شيئاً يزعزع سلطة الأسد.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع