كشف المتحدث المنشق عن ما يُسمى بـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، طلال سلو، تفاصيل مثيرة عن الدعم العسكري الضخم الذي تقدّمه الولايات المتحدة الأسلحة لـ”حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي)، المصنف في لوائح الإرهاب التركية والأمريكية والأوروبية.
جاء ذلك خلال مقابلة مع وكالة الأنباء التركية الرسمية (الأناضول)، في أول ظهور له بعد إعلان انشقاقه عن “قسد” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ووصوله إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، وجاء في المقابلة:
سؤال: قال قائد القوات الخاصة الأمريكية ريموند توماس، إن إطلاق اسم قوات سوريا الديمقراطية على “وحدات حماية الشعب” (واي بي جي)، “حملة ذكية من أجل إكسابها الاعتبار”، ألم تتكون بعد هوية خاصة بقوات سوريا الديمقراطية؟
الجواب: السبب الأساسي (لهذه التسمية) هو اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية مع القيادة الكردية، ليس لدي علم (بالتفاصيل)، لكن بحسب المعطيات التي رأيناها، كان هناك توجه من قبل القيادة الأمريكية لدعم الأكراد بالسلاح والعتاد، ولئلا يحدث صدام لدى الرأي العام بخصوص تقديم الدعم للأكراد فقط، شكلوا قوات سوريا الديمقراطية. السلاح كان يرسل لقوات سوريا الديمقراطية قبل التشكيل والتسمية.
تكلموا عن وحدة المكونات (الخاصة بقسد) ولكن لا وجود لهذا الأمر. والمكون الأساسي هو الكردي، والقيادة الأساسية التي تمتلك كل القرارات هي قيادة “بي كي كي” الإرهابية. تكلموا عن القضاء على الإرهاب، وتفاجأنا لأنه حين يجري القضاء على الإرهاب نرى عملية تهريب لعناصر تنظيم داعش، ووجدنا أن العملية تمت بالاتفاق بين قيادة “قسد” وشاهين جيلو والقيادة الأمريكية.
كل الذي رأيناه أن الهدف من التشكيل هو مجرد شعارات، وتبين لي أنها شعارات زائفة وبعيدة عن الواقع، وأرادوا من خلالها التأثير على تفكير المواطن الموجود في تلك المناطق والإيحاء بأن قوات “قسد” لديها قوات محررة وقوات تعمل على القضاء على الإرهاب وقوات ستجلب للمواطن الحرية والكرامة والعدالة وغيرها.
غير أنه للأسف الذي حصل هو تدمير للمدن وتشريد وقتل السكان حتى عند وضعهم ضمن مناطق محمية، كانوا يقومون بعملية ابتزاز للسكان، وقتلوهم وشردوهم ودمروا ديارهم وبيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم.
إذا الغاية من التأسيس تمثلت في شعارات كاذبة فقط لا غير، تمت بموجب اتفاق بين الإدارة الأمريكية وشاهين جيلو وقيادة “بي كي كي”. طبعا هناك أهداف للولايات المتحدة، وهذا الأمر تبين لنا لاحقا. فأمريكا هدفها أولا من خلال دعمها ما يسمى “قسد” هو إيصال السلاح والدعم العسكري لـ “ب كي كي”. طبعا أرادوا أن يظهروا بصورة المنتصر، وأن يصوروا الإدارة الأمريكية على أنها قضت على الإرهاب وعلى عاصمة الإرهاب، الرقة، وعلى “داعش”.
سؤال: الولايات المتحدة زعمت في وقت سابق أنها زودت العرب بالأسلحة وليس تنظيم “واي بي جي”، هل كان ذلك صحيحا؟
الجواب: في المراحل الأولى كنا نوقع فقط على تسلم الأسلحة (على وثائق الأمريكيين)، ولكن جميع الأسلحة كانت تذهب إلى شخص يدعى “صفقان” وهو قيادي لدى “بي كي كي” من أكراد تركيا، وهو كان يرسلها إلى مكان لا يعرفه أحد غيرهم، وهذا الأمر مستمر حتى الآن.
وعلى سبيل المثال، سلموا جميع الأسلحة خلال عملية “منبج” لشخص عربي الأصل يدعى عدنان أبو أمجد (على الورق)، وكانت هذه خطوة متعمدة، ولكنها كانت عبارة عن مسرحية، لأن “أبو أمجد” كان يقول لي: “أتلقى (على الورق) كميات ضخمة من الأسلحة ولكن لا يتم تسليمي ولا قطعة منها.. كانت مهمتي وصلاحيتي التوقيع فقط”.
سؤال: لماذا اختارت واشنطن هذه الطريقة؟
الجواب: كل الأفكار كانت توضع من قبل بريت ماكغورك، المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد داعش. أثناء عمليات تحرير الرقة، طلب تشكيل قوة باسم التحالف العربي. مهمة هذه القوات تمثلت فقط في تسلم الأسلحة، وقد تم تسلم كميات كبيرة من الأسلحة بالفعل، غير أنه لم يوزع على العرب والتركمان والسريان فعليا سوى أسلحة خفيفة، التحالف حمل اسم العرب إلا أنه لم يملك شيئا.
والمجلس العسكري لدير الزور (التابع لقسد) كانت مهمته التوقيع فقط. أمريكا كان لديها علم بهذا، وهم أرادوا عمدا هذه المسرحية، كل هذه الألاعيب حيكت من أجل عدم ظهور حقيقة وصول هذه الأسلحة إلى “بي كي كي”، إلا أننا كنا على ثقة بأن الأسلحة المتطورة كانت تذهب لـ “بي كي كي” و”واي بي جي”.
سؤال: من يدير الكيان الذي يعرف بقوات سوريا الديمقراطية؟
في الحقيقة الولايات المتحدة هي التي تديرها. فكل ما يجري كان عبارة عن مسرحية حتى ولو جرت انتخابات. الجميع يعرف حقيقة شاهين جيلو. وأن هذا الشخص كان على رأس “قسد”. ومساعده كان اسمه “قهرمان” وهو أحد قيادات “بي كي كي”. وكنت أنا المسؤول الثالث. وكنا نجد في كل مكان نقاط تفتيش ومراقبة. سواء في المحكمة أو المجلس المدني أو الصحة، وكان لا بد من تواجد عنصر من “بي كي كي” على الأقل (في هذه الأماكن).
سؤال: ما دور شاهين فرهاد عبدي الملقب بـ “شاهين جيلو” ـ المدرج في القائمة الحمراء للمطلوبين لدى السلطات التركية التي وضعت مبلغ 4 ملايين ليرة (أكثر من مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقاله ـ في عمليات تقديم السلاح؟
الجواب: بعد إعداد قائمة الأسلحة المطلوبة، كان شاهين جيلو يرسلها للأمريكيين، الأسلحة المقدمة كان يحظر ظهورها على وسائل الإعلام، وكان التكتم شديدا على نوع الأسلحة المقدمة (من الولايات المتحدة).
هل تراقب الولايات المتحدة وجهة الأسلحة والطرف المستهدف بها؟
الجواب: الأمريكيون لا يهتمون إلى أي مكان ستذهب الأسلحة، ولم يسألونا يوما عما نفعله بتلك الأسلحة، حتى أنهم كانوا يصدقون “واي بي جي” عندما يقول إن الأسلحة نفدت، ليشرعوا فورا في إرسال دفعات جديدة. كما أن الجانب الأمريكي يعلم بأن العرب والتركمان والسريان ليس لهم مكان في هذه المعادلة، وكان هناك دعم محدود في عهد (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما، وتغير شكل الدعم بعد تسلم (دونالد) ترامب للرئاسة. في عهد أوباما كانت تصلنا أسلحة مستخدمة أيضا، وبعضها كان غير صالح للاستخدام، وعندما جاء ترامب بدأت تصلنا عربات مدرعة.
سؤال: ما هو موقع قيادات “بي كي كي” المتواجدة في جبال قنديل داخل قوات سوريا الديمقراطية؟
الجواب: حتى لوكان جيلو القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، إلا أن هناك سلطة أعلى منه تتدخل في الأمور. وهذه السلطة هي باهوز أردال. وباهوز كان يتلقى تعليماته من جبال قنديل (معقل “بي كي كي”)، أي من صبري أوق.
بعد انتقال أردال إلى قنديل جاء مكانه نور الدين صوفي، وبدأ بإعطاء التعليمات لجيلو. وحاليا جيلو هو القائد العام ونائبه قهرمان. يوجد العديد من المكاتب، مثل العلاقات العامة والمالية والتسليح والأرشيف إلا أنها ليست في القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، وبسبب النزاعات، لم يتم ترشيح أسماء جديدة للقيادة العامة.
والمناطق في سوريا تدار على الشكل الآتي: في عفرين ثلاث شخصيات تدير المنطقة، حج أحمد خضرو ومحمود بيرخودان القياديان في “بي كي كي” ونوجين (مسؤولة عن المرأة في عفرين). وباقي المنطقة من منبج ـ كوباني حتى نهاية الجزيرة السورية تدار من الناحية الإدارية من قبل خليل تفدام، الذي يتلقى التعليمات من قبل باهوز إردال.
ومنبج كانت تدار من قبل إسماعيل ديريك وهو من قيادات “بي كي كي”، والمسؤول العسكري فيها هو جميل مظلوم وهو أيضا من “بي كي كي”. أما مسؤول الرقة المدني والعسكري فهو زوهاد كوباني تحت تسمية “حسن” الذي أتوا به من أوروبا. أما مسؤول دير الزور فهو بولات جان، أحد أبرز قادة “بي كي كي”.
كل الأشخاص الذن ذكرتهم ينتمون إلى منظمة “بي كي كي” ويتلقون تعليماتهم منها، وأنا بسبب علاقتي بباهوز، تلقيت دعوة من قنديل للقاء مراد قره يلان (قيادي في “بي كي كي”). ثم ألغوا اللقاء خشية انتشار صور لقائنا في وسائل الإعلام، والربط بين قيادات “بي كي كي” وقوات سوريا الديمقراطية.
أما نور الدين صوفي، فذهب مطلع الشهر الحادي عشر (نوفمبر الماضي) إلى قنديل ليحضر اجتماعا ثم عاد، وظهر في تسجيل مصور لقره يلان. كانوا يذهبون ويعودون بسرية.
“بي كي كي” استفادت من دور صالح مسلم كواجهة من خلال وسائل الإعلام ونجحت في استغلاله، وأنا بقيت بينهم سنتين وأربعة أشهر ولم ألتق بصالح مسلم، وفي الحقيقة لم يكن له أي دور، حتى أنهم أجلسوه في الصف السابع في حفل الذكرى السنوية الثالثة لإعلان الإدارة الذاتية (في شمال سوريا)، وصالح مسلم عبارة عن ورقة انتهت بالنسبة إليهم.
سؤال: ما عدد المسلحين المنتمين لما يسمى قوات سوريا الديمقراطية؟
الجواب: ليس هناك إحصائية ثابتة، لأن أرشيف “قسد” غير جاهز حتى الآن، لكن بالنسبة إلى الإحصائية التقريبة يمكننا القول إن هناك حوالي 50 ألفا بين مقاتل ومقاتلة تتشكل منها قسد، وأكثر من 60 ـ 70 % من هؤلاء هم “واي بي جي” و”ي ب ج (وحدات حماية المرأة)”، ثم تأتي باقي المكونات.
أما المكون التركماني فنحن كنا عبارة عن فصيل صغير بقيادتي أنا، ضمن قرية حمام التركمان، يضم نحو 65 مقاتلا، وكان هناك طرح من قبل إدارة “بي كي كي” وخاصة من قبل شاهين جيلو، أن يكون هناك اسم فقط وبشكل رمزي (دون أي مقاتلين للتركمان). كما أن المجلس العسكري السرياني يضم حاليا حوالي 50 عضوا فالتسمية كبيرة غير أن العدد صغير.
وكانت هناك فكرة طرحها جيلو علي بشأن تشكيل مجلس عسكري تركماني، ولكن طلب مني أن يكون عبارة عن 3 فصائل وبشكل رمزي، فقلت له ليكن عددهم 150 شخصا، فأجابني: لماذا 150؟ يكفي 50. فالمسألة إذا عبارة عن أسماء فقط تعلن ليوهموا للرأي العام أن كل هذه المكونات موجودة ضمن “قسد”.
بالنسبة إلى المكون العربي (في قسد) هناك عدد كبير، غير أنه في الفترة الأخيرة لم يكن يشارك. وتوجد ضمنه قوات الصناديد من عشيرة الشمر وقائدهم الشيخ بندر، غير أنه نتيجة لتهميشه من قبل “بي كي كي” أيضا، فقد اتخذ هو الآخر موقفا سلبيا تجاه القوات (قسد).
طبعا هناك مكونات أخرى. في ريف الرقة، انضم بصراحة الكثير إلى “قسد” لكن شاهين جيلو كان يطلب منهم الانضمام إلى وحدات حماية الشعب “واي بي جي” على أفواج.
عقب تحرير الشدادة (مدينة تتبع الرقة) انضم المكون العربي بالآلاف (إلى قسد). في بداية الحملات (المفترضة ضد داعش) نلاحظ أن من كانوا يسقطوا في معارك ما يسمى التحرير، 80 % منهم كانوا من المكون الكردي و20 % من المكونات الأخرى.
أما حاليا، فقد انعكست الصورة، نرى أن عدد الذين يسقطون 80 % منهم من المكون العربي و20 % من المكون الكردي. وهذا دليل على زيادة أعداد العرب ضمن القوات من جهة، من جهة ثانية دليل أيضا على أن العرب خدعوا كما خدع الباقون.
فقد قيل لهم: “أنتم ستكونون جزءا من المكونات الأساسية لهذه القوات، وهذه القوات هي قوات وطنية تسعى لتحرير الوطن”، وعلى هذا الأساس انضم العرب بدافع وطني، كي يكونوا جزءا من القوات وكي يحرروا المناطق العربية، ولكنهم انضموا فعليا عبر أفواج إلى “وحدات حماية الشعب” وليس ضمن “قسد”.
سؤال: ما هو وضع الملتحقين بصفوف “واي بي جي” من البلدان الغربية؟
الجواب: نحن (عندما كنا) بقوات سوريا الديمقراطية كنا نحاول توضيحه لكن “واي بي جي” لم تكن تقبله وهو أن “واي بي جي” جزء من “قسد”، إلا أنهم لم يكونوا يرضون بذلك، وكانوا دائما يقولون نحن مستقلون، يعني أنهم مستقلون بالكامل عما يسمى قسد. ولكن أصلا وكما ذكرت “قسد” هي عبارة عن تسمية وهمية فقط لا غير، وبصراحة لا وجود لها على الأرض.
حاليا عندنا شيء اسمه مقاتلون أمميون هم من عدة دول على مستوى العالم جاؤوا وانضموا إلى وحدات حماية الشعب وانضمت منهم نساء إلى “ي ب ج” (وحدات حماية المرأة)، وهناك من انضم إلى “واي بي جي”، كان هدف وجود بعضهم محاربة الإرهاب والقضاء على داعش، والبعض الآخر كان هدفه دعائيا.
رأينا شخصا هناك ذكروا أن اسمه مصطفى وأنه ممثل عالمي، غير أنه موجود للدعاية فقط. حتى أن إحدى السيدات وكانت تدعي أنها مقاتلة، وهي بالأساس عارضة أزياء بكندا، أجرت مقابلات (صحفية خلال وجودها مع القوات) لمدة 3 سنوات ثم عادت إلى بلدها.
سؤال: ما هو حجم الرواتب التي يتقاضاها منتسبو التنظيم؟
الجواب: تتراوح الرواتب بين 170 و200 دولار شهريا، وكان القادة دون رواتب لكنهم يكسبون الأموال من التهريب والرشاوي، وأنا كنت أتلقى راتبي مباشرة من شاهين جيلو بآلاف الدولارات، لذلك كان وضعي جيدا للغاية.
أما المسلحون، فكانوا يتقاضون الرواتب بالليرة السورية، فيما كان الفريق القيادي لـ”بي كي كي” دون رواتب لكن جميع طلباتهم كانت تلبّى، وفي وقت لاحق ظهرت حالات الفساد.
ترك برس