طالما اشتهرت المرأة العربية بشجاعتها وجلادتها، كما وقف التاريخ لها وقفة إعجاب، فعلى مر العصور والأزمان روى تاريخنا قصصا ترفع المرأة العربية رأسها عاليا لما لها من عزة وإباء، تلك الأنفة التي توارثتها جيل بعد جيل جعلت منها بطلة ترفع لها القبعات ومدرسة يتعلم منها الرجال قبل النساء، فهن نساء للفخر ونساء صنعت الرجال وكنّ وراء كل فتح وانتصار.. وعلى ذلك تشهد كثير من الأمثلة.
هناك عديد من الشخصيات التي كتب عنها الإعلام وتحدث عنها الأدب فخلدها بين الصفحات وجعلها أنموذجا يحتذى به إلا أن هناك كثيرات ممن لم نسمع بهنّ ولم نعلم سيرتهن الذاتية أو نعلم بطولاتهن التي سطرْنها، ومن اللائي أثبتن شجاعتهن ضد الاحتلال ابنة بلدٍ كان بلد المليون شهيد أو بالأحرى المليون بطل، ابنة الجزائر يمنية الشايب أو الاسم الذي اختارته لتعرف به كمناضلة ضد الاحتلال “زليخة عدي”.
من غياهب الظلم والفقر الذي خلفه الاستعمار الفرنسي، ومن عائلة مجاهدة ومناضلة خرجت زليخة من مدينة شرشال الجزائرية، لتنشر الوعي الوطني ومحاولة إفشال مخططات “ASS” لكسر شوكة الثورة الجزائرية آنذاك، وكان من بين نشاطات “زليخة عدي” جمع المال والطعام والدواء للمجاهدين والثوار ضد الاحتلال.
تلتحق فيما بعد بجبهات القتال.. في جبل هو أشبه بقامتها الثورية ” جبل سيدي سميان ” وبالمنطقة الرابعة بالتحديد، التي أبهرت بقوتها وشجاعتها ونشاطها العسكري الاحتلال الفرنسي، ما جعل منها إحدى مطلوبي الرأس، استلمت بعد استشهاد أبو القاسم العليوي قيادة الجيش- الثورة ضد المستعمر في مسقط رأسها شرشال، حيث استشهدت بعد عملية تمشيط قام بها الجيش الفرنسي لجبل “سيدي سميان”.
وبقدر ما فعلته زليخة عدي (يمنية شايب) أفرغ الاحتلال حقده وغله على جسد هذه المرأة، فقام بتعذيبها عشرة أيام متواصلة وقتل ابنها وزوجها بفصل رأسيهما على المقصلة، ومن ثم قاموا بربطها بسلاسل حديدية وجرها بسيارة أمام عيون الجزائريين لتكون عبرة لكل ثائر، ولم يكتف الاحتلال الفرنسي بهذا بل قام برميها من طائرة مروحية “هليكوبتر” ليُظهر افظع وابشع ممارسات القتل ضد من يقاومه.
يمنية الشايب- زليخة عدي الثائرة بوجه ظلم استباح أرضها وأغتصب وطنها، واجهت الاعتقال والتعذيب بقوة وصمود فلم تتفوه بكلمة واحدة، ما جعل المحافظ كوستا الذي أشرف على تعذيبها يقول” ما طبيعة هذا الشعب حتى تكون نساؤه هكذا”.. إنها امرأة كباقي النساء العربيات مشروع بطلة.. مشروع شهيدة ومدرسة تعلّم معنى تحدي الظلم.
المركز الصحفي السوري- آية رضوان