أعلنت لجنة الشؤون العربية في “مجلس نواب ما بعد الانقلاب”، في تطور مثير، أن استمرار المقعد الشاغر لسوريا في مجلس الجامعة العربية لم يعد مقبولا، بحسب وصفها، فيما اعتبره مراقبون دعوة مصرية واضحة إلى عودة نظام بشار الأسد إلى شغل المقعد.
جاء هذا التطور في بيان أصدرته اللجنة عقب اجتماع عقدته الاثنين، وغلب عليه -وفق مراقبين- ممالأة النظام السوري، مستبقا بذلك القمة العربية المقرر عقدها في 29 آذار/ مارس المقبل بالأردن.
ويتماهى موقف اللجنة مع موقف النظام المصري، بقيادة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الذي لا يعترف بالثورة السورية، ولا يعبأ بالجرائم والانتهاكات التي ارتكبها نظام بشار للبقاء في الحكم على حساب الملايين من أبناء الشعب السوري، الذين تعرضوا للقتل والاعتقال والتشريد.
وفي بيانها، قالت اللجنة إن البيان يأتي محصلة لمناقشة تطورات الأزمة السورية على الصعيد العسكري، بحسم معركة حلب لصالح النظام السوري وحلفائه، والصعيد السياسي بعقد مؤتمر الأستانة برعاية روسية تركية إيرانية، في غياب عربي كامل، وكذلك مؤتمر جنيف (4) المنتظر عقده في وقت لاحق هذا الشهر، أو الصعيد الإنساني من استمرار معاناة الشعب السوري في مناطق عدة، من نقص أو انعدام الإمدادات الغذائية والطبية، وفي شأن متصل، ما أعلنته موسكو من إعداد مسودة للدستور السوري.
وعلقت اللجنة على هذه التطورات بالقول إنه إذا كانت معركة حلب قد تم حسمها، فإن الحرب في مناطق أخرى ما زالت مستمرة، سواء بين الجيش النظامي والمعارضة، أو في الحرب على تنظيم داعش وجبهة النصرة وحلفائهما، وفق وصفها.
وتابعت، في بيانها، أن “ما يربط مصر وسوريا من علاقات استراتيجية، وكفاح مشترك عبر التاريخ، فضلا عن وضع مصر العربي الريادي، يفرض عليها ضرورة التدخل بإيجابية وفاعلية في هذا الملف”.
وأضافت أن “الغياب الكامل لدور جامعة الدور العربية، وبالتالي الدور العربي في الأزمة، مع استمرار مقعد سوريا الشاغر في مجلس الجامعة، لم يعد أمرا مقبولا”، حسبما قالت.
وشدَّدت اللجنة، برئاسة اللواء سعد الجمال، على “سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامة أراضيها، (تقصد نظام بشار الأسد)، وعدم جواز التنازل عن أي جزء منها، مع رفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، (في إغفال واضح للتدخل الروسي)، بحيث يقرر السوريون وحدهم مستقبل بلادهم عبر الوسائل الديمقراطية، من خلال صناديق الاقتراع، وامتلاكهم الحق الحصري في اختيار شكل نظامهم السياسي”، وفق نص البيان.
وزعمت أن البيان الختامي لمؤتمر الأستانة “استحضر كل ما نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسي لحل الأزمة السورية، وأهمها الوقف الفوري لإطلاق النار، والمحافظة على وحدة الأراضي السورية، ودعم الجيش الوطني السوري (تقصد جيش بشار الأسد)، وأن المؤتمر أقر بضرورة التعاون لمكافحة التنظيمات الإرهابية، مثل داعش والنصرة والقاعدة وأحرار الشام”، وفق زعمها.
والأمر هكذا، دعت اللجنة المجتمع الدولي إلى التشديد، وضمان وقف تدفق السلاح إلى مَن دعتهم “المجموعات الإرهابية” في سوريا، (تقصد المعارضة المعتدلة المسلحة)، والعمل على حشد الجهود لتثبيت وقف إطلاق النار، ورفع الحصار عن الكثير من المدن المحاصرة في سوريا، مع تقديم المساعدات وإعادة إعمار المدن؛ من أجل عودة المهجرين إلى بيوتهم.
وأكد البيان أيضا ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ووحدتها، وسيادتها على كامل أراضيها (المقصود نظام الحكم السوري)، مع التشديد على صيانة الهوية العربية للمجتمع السوري، مشيرا إلى أن مؤتمر “الأستانة”، كما أُعلن، لن يكون بديلا عن مفاوضات الحل السياسي في جنيف، وبمشاركة جميع الأطراف السورية، وإنما يسعى فقط لتهدئة النزاع المسلح، وفرض الهدنة.
وأخيرا، طالبت اللجنة بمراجعة مسودة الدستور السوري الجديد، ومشاركة أطياف الشعب السوري في إعداده قبل طرحه للاستفاء الشعبي، محذرة من “مخاوف حول مسودة الدستور السوري الجديد، الموضوعة في روسيا، إذ يُعدّ محاولة لطمس الهوية العربية والإسلامية للدولة السورية”، حسبما رأت.
من هو سعد الجمال؟
ورئيس لجنة الشؤون العربية، اللواء سعد الجمال، هو الرئيس المؤقت لائتلاف “دعم مصر”، ظهير السيسي في “برلمان ما بعد الانقلاب”، وقد فاز بمنصبه هذا بالتزكية، ودون منافسة من أحد.
و”الجمال” لواء شرطة متقاعد، تخرج في كلية الشرطة عام 1966، وتدرج في شغل المناصب المختلفة بوزارة الداخلية، حتى رُقي إلى رتبة اللواء. وفي عام 1993، عين نائبا لمدير أمن أسيوط، ثم في 1994 عين نائبا لمدير أمن القليوبية، إلى أن تم تعيينه مدير أمن قنا، ومساعد وزير الداخلية منذ عام 1995، حتى خروجه من الخدمة الشرطية في آب/ أغسطس 1997.
وفيما يتعلق بعمله السياسي والبرلماني، فقد شارك في برلمانات العقد الأخير من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، التي اتسمت بالتزوير الفج، فانتخب من عام 2000 إلى 2005 عضوا بمجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل بدائرة الصف بمحافظة الجيزة.
ثم تم انتخابه بداخل هذا المجلس وكيلا للجنة الدفاع والأمن القومي. ومن عام 2005 إلى عام 2010، كان رئيسا للجنة الشؤون العربية داخل المجلس نفسه، ثم عاد إلى البرلمان الأخير -بعد الانقلاب الدموي- في انتخابات عام 2016، كأبرز قيادات ائتلاف “دعم مصر”.
وكثيرا ما يتعمد السيسي ذكر سوريا بخطبه، في معرض تحذير المصريين من أن تلقى مصر المصير ذاته فيما لو قام المصريون بالثورة على نظام حكمه، كما يحتفظ السيسي بعلاقات دافئة مع نظام بشار الأسد، وأرسل إليه أكثر من وفد إعلامي، كما يرفض الرؤية الخليجية بزعامة السعودية لحل الأزمة السورية، التي تطالب برحيله عن الحكم، باعتباره جزءا من المشكلة، داعما -في المقابل- للموقف الروسي.
عربي 21