دخل فصل الشتاء منازل الكثير ولكل منزل قصة مختلفة مع فصل يعتبر من أقسى الفصول في السنة، ففيه الثلوج والجليد التي تعود على بردها أهل سوريا في أيام تعتبر الأشد حلكة عليهم.
أم محمد تجفف عشر الرمان استعدادا للشتاء
تبحث أم محمد ذات العقد الثالث من العمر عما يدفئها وأطفالها السبعة وزوجها الذي لا يستطيع العمل بسبب شظية أصابته، بينما أسعار المحروقات ما زالت بارتفاع مقارنة مع السنوات الماضية، وفي هذه الأثناء أخذتنا إلى منزلها المكون من غرفة واحدة ومطبخ، تروي لنا تفاصيل منزلها الذي كانت تسكن فيه بمدينة حلب قبل أن تستهدفه الطائرات الحربية الروسية والأسدية لتدمير جزء كبير منه ما جعلها تخرج من المدينة مع عائلتها متجهين إلى ريف ادلب وبالتحديد مدينة كفرنبل وعلّهم يجدون بعض الأمان الذي فقدوه.
وتعتمد عائلة أم محمد في عيشها على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الخيرية بالإضافة إلى ما يتصدق به أهل الخير على العائلات المحتاجة، وتسرد أم محمد بخجل عملها الذي تقوم به وهو مساعدة العائلات ميسورة الحال لدى أجر على عملها، بينما لا تنسى الحديث عما تخشاه من قدوم فصل الشتاء وتصفه بـ “الكابوس” الذي لا ترغب أن تتذكره فهي لا تستطيع أن تشتري المحروقات، والخشب بطبيعة الحال أصبح نادر، لتلجأ إلى جمع الأكياس والمواد البلاستيكية من الحاويات المنتشرة في البلدة علها تقيهم شيئا من البرد الذي يعصف بالمنطقة، أما قشور الرمان والفاكهة تعرضه لأشعة الشمس ثم تحتفظ به لتستخدمه في المستقبل لتحمي أطفالها من شبح البرد المتوقع مع عدم وجود ما يحرق في حاويات البلدة.
ترفع رأسها وفي عيناها الدمع وتقول :”حتى الحطب أصبح حلما بسبب غلائه أو ربما غاليا فقط على الفقراء “.
جمع الحطب منذ بدء الصيف أسلوب يعتمد عليه أمثال أبو علي ذو الأربعين عاما أفضل حال من غيره، ليستخدمه في الشتاء، ويقول:” إن الخشب الرفيق الوحيد للفقراء الذين لا يملكون المال الكافي لشراء المحروقات، وبات قطع الأشجار المثمرة هو الطريق الوحيد للحصول على الحطب أو الحل الأمثل لمعظم الأسر للتدفئة في الشتاء في ظل ارتفاع أسعار الوقود وصعوبة تأمينه”.
استخدام تفل الزيتون للتدفئة الخيار الأفضل
وسائل كثيرة يلجأ إليها الأهالي لتفادي البرد المتوقع في الشتاء، حيث تشتري أم معتز وهي زوجة شهيد ولديها خمسة أطفال العرجوم أو ما يعرف ب”البيرين” وهو تفل الزيتون الناتج عن بذور الزيتون أثناء عصره، وهو قابل للاشتعال بعد تجفيفه و نشره وتعريضه لأشعة الشمس.
وتتحدث أم معتز عما يعيشه أهالي ريف إدلب من مخاوف أهمها تهديدهم بالطيران من التحالف إلى النظام، وليس أقل منها ارتفاع الأسعار لترفع رأسها باتجاه السماء قائلة “يارب فرجك و الطف بالعباد” ربما نموت في أي لحظة فالطيران لا يغادر السماء،”.
وفي هذه الأثناء يدخل معتز (١٣عاما) ليخبر أمه أن جارهم يشتري برميل مازوت ويلح عليها أن تشتري لهم أيضا برميلا كغيرهم، تخرج لترى سعر اللتر المكرر ٤٥٠ أما العادي ب٣٠٠ ليرة تنظر إلينا وتقول كيف سنمضي هذا الشتاء ، لا توجد أجوبة على هذا السؤال ولكن مصير عائلات كثيرة بخطر بسبب النقص الحاد بكل شيء وفصل الشتاء بات يطرق كل باب ليدخل مصطحبا معه بردا قارسا كسابقة من الأعوام فهل سيكون هذا الشتاء آخر الفصول التي يعاني منها الشعب السوري هذا ما نرجوه.
# المركز_الصحفي_السوري_آلاء_كرم