نظمت مجموعة غير ربحية أميركية تطلق على نفسها “التحالف الدولي للقضاء على القاعدة وداعش” (غافتا) يرأسها أميركي من أصل عراقي هو ” مكي كبة” ندوة صحافية الأسبوع الماضي استضافت فيها بثينة شعبان عبر “السكايب” ، الندوة كانت صادمة بكل المقاييس ، فحجم نكران الوقائع الذي تم تناوله في كلام وتصريحات شعبان غير مسبوق في عالم الإعلام والسياسة.
تصريحات السيدة بثينة شعبان استحضرت في ذاكرتي تلك النكتة التي تداولها اللبنانيون بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري وتشكيل بشار الأسد لجنة تحقيق سورية داخلية في 30 أكتوبر من عام 2005 للتحقيق في الاغتيال حيث تقول النكتة اللبنانية ” أن لجنة التحقيق السورية توصلت إلى أن رفيق الحريري مات منتحرا ”
واستحضرت في الذاكرة أيضا تصريحات أخر وزير إعلام عراقي في عهد الرئيس صدام حسين الذي كان يعلن فشل الهجوم الأميركي على مطار بغداد الدولي وينفي بشدة دخول القوات الأميركية إلى شوارع بغداد فيما كانت الفضائيات العربية والأجنبية تصور في بث حي ومباشر قيام المارينز بإزالة تمثال صدام حسين من ساحة الفردوس في قلب بغداد.
قبل محمد سعيد الصحاف بـ 36 عاما كان هناك المذيع احمد سعيد صاحب العبارة الأكثر شهرة في تاريخ الحروب العربية ألا وهي ” تجوع يا سمك ” كان يقولها احمد سعيد في إذاعة صوت العرب من القاهرة لكل العرب ليقول لهم ” انتهت إسرائيل وجيشها سيصبح طعاما للأسماك في البحر ، كان يرددها بينما كانت القوات الإسرائيلية تحتل الضفة الغربية والقدس والجولان وسيناء.
تعود مدرسة ” الكذب السياسي ” في الإعلام إلى بول جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية لهتلر والذي نجح في ترويج الفكر النازي لهتلر لدي الشعب الألماني باعتبار هتلر هو المنقذ والمُخلص لهم وصانع الحرية للعالم كله ، وهو صاحب المقولة الشهيرة ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ”
لا نريد مناقشة بؤس هكذا نظرية فقد أثبتت فشلها مع سقوط ألمانيا النازية وهزيمتها في الحرب العالمية الثانية ، ولكن الأكثر بؤسا هو ان نكتشف أن هناك من يعيش في القرن الحادي والعشرين ورغم ثورة الاتصالات الهائلة وتطور وسائل الإعلام مازال هناك من يؤمن بنظرية غوبلز المخترعة في اربعينيات القرن الماضي أي قبل 75 عاما.
إنها ظاهرة تستحق الدراسة العلمية لنستطيع التعرف على طبيعة تفكير من يتجاهل التطور المذهل في عالم الإعلام والاتصال وانتهاء عهد الحدود والمعلومات المعلبة وعهد التلفزيونات الوطنية التي تبدأ بصورة الديكتاتور صباحا وتختم بصورته مع منتصف الليل ، ولماذا يصاب هذا البعض بهذا الداء ” داء الانفصال عن الواقع ” ؟
السيدة بثينة شعبان واحدة من تلك الحالات ” الغوبلزية ” التي اعتقد أنها عصية على العلاج ، فمن سمع تصريحاتها وإجاباتها حول ما يجرى في سوريا سيصدم وستنتابه حالة من الضحك الهستيري ، وتعالوا لنرصد بعض الإجابات على الأسئلة الموجهة لها ولنرى كم هي الغوبلزية متغلغلة في نفسية وعقلية مستشارة الرئيس السوري.
• تقول شعبان في ردها على احد الأسئلة: لا أحد يموت جوعاً في داريا…داريا هي سلة الغذاء لدمشق ، والسوريون معتادون على أكل الخضروات والفواكه الطازجة، ولا يتحملون الأطعمة المعلبة والمعكرونة التي ترسلها إليهم وكالات الإغاثة…الشعب السوري قادر على إطعام نفسه”.
الواقع: داريا محاصرة من قبل قوات النظام منذ 2012 وصور ومشاهد المجاعة فيها كانت قاسية جدا ونشرتها وسائل الإعلام العالمية وتحدثت عنها منظمات الأمم المتحدة.
• تنفي شعبان أن قوات النظام تستخدم البراميل المتفجرة منذ بداية عام 2012 وبناء على نصيحة بوتين والتي دمرت العديد من القرى والبلدات وحصدت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء ، رغم أن زيارة بسيطة لموقع ” you tube ” يظهر لأي باحث عن تلك البراميل عشرات الأفلام التي صورها النظام نفسه عن هذه القنابل وتلك الجرائم.
• أما أم ” الكبائر ” فقد كان نفيها كل ما يحدث في سوريا من قتل ودمار وتهجير وادعاؤها أن هذا كله أكاذيب يصنعها الإعلام الغربي ، الأمر الذي يعني ببساطة لا حرب في سوريا ولا موت ولا دمار ولا مهجرين ولا لاجئين
…. علينا منذ الآن شطب ” غوبلز” من تاريخ الدعاية السياسية ونظرية الكذب واعتماد نظرية مستشارة الرئيس الأسد بان كل ما يجرى في سوريا هو مجرد فيلم من أفلام هوليود أنتج خصيصا للنيل من الرئيس بشار الأسد والنظام السوري !
الرأي الأردنية