قال الباحثون إن (سورية واصلت توفير الدعم والملاذ الآمن لفصائل فلسطينية) تسعى إلى تجسد حق تقرير المصير، وسمحت (لهم بالاحتفاظ بمكاتب في دمشق) وكان هذا كافياً بالنسبة للحكومة الأمريكية كي تصف سورية دولة راعية للإرهاب، وتابع الباحثون إن دمشق، إضافة إلى دعمها (الإرهابيين) الفلسطينيين، دعمت أيضاً (إرهابيين) لبنانيين بسماحها بـ(إمدادات إيرانية إلى ميليشيا حزب الله في لبنان عبر دمشق)- ألفريد بي برادوس، (سورية: العلاقات الأمريكية والقضايا الثنائية، خدمة بحوث الكونغرس، 13 آذار 2006).
جاء وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كولن باول إلى دمشق في 3 أيار 2003 ليقدم شخصياً طلباً إلى الحكومة السورية بقطع علاقاتها مع المنظمات الكفاحية الساعية إلى تجسيد حق تقرير المصير الفلسطيني ووقف توفير قاعدة لها في دمشق تنشط منها، وفي شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 12 شباط ،2004 اشتكى باول من أن (سورية لم تنفذ ما طلبنا منها بالنسبة لإغلاق المكاتب بشكل دائم وإخراج هؤلاء الأفراد من دمشق).
رفضت الحكومة السورية وصف حزب الله والمناضلين الفلسطينيين بـ(الإرهابيين) ولاحظت أن أعمال هذه الفصائل مثلت مقاومة مشروعة (المصدر السابق) حاولت واشنطن بوضوح الحط من شأن السعي إلى تجسيد حق تقرير المصير الفلسطيني والسيادة اللبنانية بوصف أبطال هاتين القضيتين بالإرهابيين.
أسلحة الدمار الشامل (الدفاع عن النفس)
(في خطاب أمام وقفية التراث في 6 أيار ،2002 ضم نائب وزير الخارجية الأمريكية آنذاك جون بولتون سورية إلى ليبيا وكوبا كدول مارقة.. تسعى إلى تطوير أسلحة دمار شامل) (المصدر السابق). وفي وقت لاحق من ذلك العام كرر بولتون اتهامه السابق، وأخبر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أن إدارة بوش قلقة جداً بشأن برامج نووية وصاروخية سورية، وفي أيلول 2003 كان بولتون يحذر من (سلسلة من برامج أسلحة الدمار الشامل السورية) (المصدر السابق).
امتلكت سورية أسلحة كيميائية (دُمّرت الآن) وإن لم تكن بالكميات نفسها الموجودة في ترسانات الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل). (وقّعت (إسرائيل) معاهدة حظر إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية، ولكنها لم تصدقها أبداً)، وأشار باحثو الكونغرس، مقتبسين عن صحيفة (واشنطن بوست) إلى أن سورية (تطلعت إلى تعزيز قدراتها في مجال الأسلحة الكيميائية والصواريخ كـ(قوة موازنة) لمواجهة قدرات نووية إسرائيلية) (المصدر السابق)، ولكن ينبغي التذكير بأن الفكرة القائلة إن الأسلحة الكيميائية يمكن أن تعمل كقوة موازنة للأسلحة النووية يتعذر الدفاع عنها، لا بل هي مضحكة، فقد تطلب الأمر في الحرب العالمية الأولى سبعين ألف طن من الغاز لإحداث ذلك العدد من الوفيات الذي أحدثته في هيروشيما قنبلة ذرية أمريكية واحدة.
كي يكون لمفهوم أسلحة الدمار الشمال أي معنى على الطلاق يجب أن يشمل الأسلحة التي تقتل أعداداً كبيرة من الناس (الأسلحة النووية) ويستبعد تلك التي لا تفعل ذلك (الأسلحة الكيميائية) وإلا يتحول إلى عبارة بروباغندا تستخدم لتضخيم اللا تهديد الذي تشكله بلدان تبحث عن الاستقلال خارج مدار الولايات المتحدة والتي تملك أسلحة كيميائية وأسلحة بيولوجية، ولكنها أسلحة لا تجاري الأسلحة النووية الأمريكية وتعد قزماً بالمقارنة مع ترسانات البنتاغون من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، إن الوسم المضلل لهذه الأسلحة بأسلحة الدمار الشامل يجعل من اللا تهديد تهديداً كبيراً من خلال تدخل عسكري
أما بالنسبة لتأكيد بولتون أن سورية امتلكت سلسلة واسعة من برامج أسلحة الدمار الشامل، فلم تتمكن وكالة الاستخبارات المركزية من تقديم أي دليل يؤيد زعمه، عدّد ألفريد برادوس، معدّ تقرير خدمة بحوث الكونغرس لعام 2005 بعنوان (سورية: العلاقات الأمريكية والقضايا الثنائية) تخمينات وكالة الاستخبارات المركزية. أشارت وكالة الاستخبارات المركزية، على سبيل المثال، إلى أنها (كانت ترصد بقلق النيات النووية السورية) ولكنها لم تقدم أي شيء سوى (النيات) لإظهار أن دمشق كانت تعمل لاكتساب أسلحة نووية.
رئيس الولايات المتحدة الأسبق جورش بوش الأب هو المسؤول عن جعل مفهوم أسلحة الدمار الشامل بلا معنى بتوسيعه ليشمل عوامل كيميائية، كانت عبارة أسلحة الدمار الشامل قبل بوش الأب للإشارة إلى الأسحلة النووية أو إلى قدرة تدميرية مماثلة قد تظهر في المستقبل، خفض بوش التعريف كي يذهب إلى حرب مع العراق.
تهد بوش في عام 1989 بتصفية الأسلحة الكيميائية الأمريكية حتى عام ،1999 وبعد سبعة وعشرين عاماً، ما زال البنتاغون يملك أكبر مخزن احتياطي في العالم من الأسلحة الكيميائية، اقترحت سورية في مجلس الأمن الدولي في عام 2003 تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من الأسلحة الكيميائية، اعترضت الولايات المتحدة المقترح كي تحمي (إسرائيل) من التخلي عن مخزونها من الأسلحة الكيميائية، واعترضت واشنطن نداءات عديدة لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية كي تحمي (إسرائيل) من التخلي عن ترسانتها النووية.
ينبغي التذكير بأن بولتون كان من بين المتحمسين في إدارة بوش لاتهام العراق زيفاً بالاستمرار في امتلاك أسلحة دمار شامل حتى طلب مجلس الأمن منه تفكيكها، وفي النتيجة أمر العراق بنزع سلاحه، وعندما فعل ذلك، اتهم زيفاً من قبل الولايات المتحدة بأنه لايزال مسلحاّ كذريعة كي تغزو قوات أمريكية البلد الذي أصبح الآن بلا دفاع، ربما اختار بولتون أن يلعب ورقة أسلحة الدمار الشامل نفسها ضد سورية وللسبب نفسه: تكوين موافقة على الغزو، ولكن كما أشار باحثو الكونغرس، (على الرغم من أن بعض المسؤولين أيدوا استراتيجية تغيير النظام) في سورية بالطرق العسكرية، (إلا أن العمليات العسكرية في العراق.. أجبرت صناع السياسة الأمريكيين على البحث عن خيارات إضافية) (برادوس وشاوب).
الإصلاح الاقتصادي (السيادة الاقتصادية)
بالنسبة لإعاقة سورية تحقيق أهدف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، قدمت خدمة بحوث الكونغرس النقاط التالية في عام 2005 حول الاقتصاد السوري: إنه (تحت سيطرة الدولة إلى حد كبيرة) وإنه (مسيطر عليه من قبل.. القطاع العام الذي يوظف 73 في المئة من القوة العاملة) وإنه (يعتمد إلى حد كبير النماذج السوفيتية) (المصدر السابق) تبدو هذه الانحرافات عن نموذج الاقتصاد الحر المفضل لدى وول ستريت، من منظور باحثي الكونغرس، أسباباً ملزمة وشرعية للحكومة الأمريكية كي تحاول إحداث (إصلاح) في سورية. لا يجوز أن يتوهم أحد في الحقيقة أن الحكومة الأمريكية مستعدة للسماح للحكومات الأجنبية بممارسة السيادة في رسم اتجاهها اقتصادياً، والدليل على ذلك وجود مجموعة كبيرة من التشريعات العقابية.
مركز الشرق العربي