وقع نظام الأسد اتفاقية مع روسيا وصفها مراقبون بأنها “بيع لسوريا”، تنصّ على وجود روسي عسكري وامتيازات أمنية ولوجستية، ولفترة غير محدودة زمنياً، مقابل التدخل عسكرياً لإنقاذ النظام المتهاوي في سوريا.
وكشفت وكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك”، أن هناك بنداً لم يتم الإعلان عنه في وقت سابق، ما بين الأسد وموسكو، وينص هذا البند على أن لا مهلة محددة لبقاء الطائرات العسكرية الروسية في سوريا.
ويعني هذا البند أن لا قيود تحد من مدة بقاء الطيران العسكري الروسي في سوريا، كما أنه يعني من جهة أخرى، عدم وجود أي حقوق للدولة السورية، ممثلة برئيس النظام السوري، لمطالبة الروس بمغادرة البلاد.
وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية: “إن هذا البند المخفي في الاتفاق ما بين روسيا والنظام السوري، كان تم الاتفاق عليه في شهر أغسطس/آب الماضي”.
وذكرت الاتفاقية أيضاً أنه “في حال أراد أحد الطرفين التراجع عنه فعليه أن يبلغ الطرف الآخر خطياً بذلك، وفي حال تقديم الطلب الخطي يكون لدى الطرف الثاني مهلة عام لإنهاء مفعول الاتفاق”.
ومن بنود الاتفاق أيضاً، أن يلجأ النظام السوري إلى “طرف ثالث” لتسوية خلافات أو إن لحق ضرر “بمصالحه” بسبب “عمليات سلاح الجو الروسي”.
ومن البنود الأخرى التي أثارت الجدل، أن نظام الأسد لا يحق له الدخول إلى أي مكان توجد فيه القوات الروسية إلا إذا وافق القائد الروسي على دخوله، كما يظهر في الباب السابع من الاتفاقية إذ ينص على ما يلي: “وممثلو هياكل السلطة السورية لا يحق لهم دخول أماكن انتشار المجموعات الجوية الروسية من دون موافقة قائدها”.
اللافت أيضاً أن نظام الأسد لم يعلن وجود مثل هذا البند حتى الآن، ولا يزال يتكتم على كثير من بنود الاتفاق السرية حتى اليوم.
ولهذا السبب يعزو الخبراء وجود الأسد وحيداً لدى زيارته موسكو ولقائه الرئيس بوتين؛ أي لضمان “سرية الاتفاق” وعدم تسريبه ممّا قد يلحق ضرراً بمصالح الروس، قبل رئيس النظام السوري.
-احتلال
والحضور العسكري الروسي في سوريا سبق هذا التدخل العسكري والميداني بسنوات؛ فروسيا كانت قبل الأزمة الحالية تزود سوريا بالأسلحة والذخائر، فضلاً عن الدعم السياسي والدبلوماسي، وتزودها بالخبراء الذين قدر عددهم في مرحلة معينة بأكثر من 1000 خبير.
أما الجديد هنا فهو حجم المساعدات العسكرية لجيش الأسد ونوعها، واتساع الوجود العسكري الروسي ومناطق وجوده، وبدء عمليات قصف جوي غير مسبوقة، والإعلان عن ذلك من قبل الرئيس الروسي نفسه.
ويعود الاهتمام الروسي بسوريا إلى أسباب عدة؛ فالحضور في المياه الدافئة “البحر المتوسط” كان دائماً حلماً روسياً منذ أيام القياصرة، وبعد أن كان للاتحاد السوفييتي عدة مواطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط في العقود الثلاثة التي سبقت انهياره، من مصر إلى عدن، مروراً بليبيا والعراق وسوريا، لم يبق حالياً إلا الأخيرة وتحديداً الساحل السوري حيث تملك روسيا قاعدة شهيرة في مدينة طرطوس السورية.
ويقول مراقبون إن التدخل العسكري الروسي يرمي إلى تحقيق أهداف وغايات سياسية واقتصادية، ويوجه رسالة سياسية بأن روسيا لا تتخلى عن حلفائها، وربما رسالة اقتصادية لإعادة تلميع صورة السلاح الروسي وتسويقه.
ويبدو أن بوتين كان يهيئ لهذا التدخل حين قال إن هنالك نحو 3000 مقاتل روسي منخرطين في “التنظيمات الإرهابية” في سوريا، من تنظيم “الدولة” إلى النصرة إلى أجناد القوقاز، وغيرهم، أتوا من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، والاتحاد الروسي ويشكلون خطراً جدياً على الأمن القومي الروسي.
الخليج أونلاين