مسلسل “باب الحارة” الذي عرفه الجمهور العربي، في أجزائه المتتابعة والتي سيُعرض الثامن منها في شهر رمضان الجاري، يتعرّض لهجمة متجددة غير مسبوقة من أنصار الأسد، وصلت إلى حد وصفه بأنه “باب الدواعش” عوضاً من اسمه الحقيقي “باب الحارة”. كما ورد على صفحة فيسبوكية موالية منذ أيام.
إلا أن التهجم على العمل، عملياً، ترافق إلى حد كبير مع ولادة الثورية السورية، حيث تعالت أصوات من بيئة الأسد الحاضنة، ومن بعض أنصاره في الوسط الفني، أو الإعلامي، للتعامل مع المسلسل باعتباره المتسبب بثورة سورية على نظامه، خصوصا أن “باب الحارة” يتحدث عن بيئة شامية محافظة تمتلك خصوصيتها الاجتماعية والدينية والاقتصادية والتاريخية.
بقدرة قادر.. باب الحارة من عمل وطني إلى “دراما داعشية”!
وبعد أن كان “باب الحارة” في بدايات عرضه، قبل ولادة الثورة السورية على نظام الأسد، يحظى بتكريم من إعلام النظام مدحاً وتكريماً وتفاخراً، أخذ يتلقى الضربات تلو الضربات من إعلام الأسد الذي لم تتحرج صحيفة تابعة له، هي “الثورة” وعلى صفحتها الإلكترونية، أن تقول في 11 من شهر أبريل عام 2016 ونقلا عن فنان سبق له وشارك في “باب الحارة” بأن الأخير: “دراما داعشية”!
وكان عام 2014 مساحة واضحة للتهجم على العمل، خصوصا بعدما شهد هذا العام تقدماً كبيرا للمعارضة السورية، في مختلف أرجاء سوريا. وكان الرابط الوحيد ما بين تقدم المعارضة السورية والتهجم على “باب الحارة” هو أن الأخير يحتفي بقيم محافظة على المستوى الاجتماعي والديني، كون هذه القيم هي من صميم المدنية السورية التي تسببت باتهام العمل بأنه حرّض شرائح سورية معينة ضد نظام الأسد، كما ورد في مصادر سورية معارضة عديدة.
لعنة شامية تحل على الدراما السورية!
فقد قالت صحيفة “تشرين” التابعة لنظام الأسد في الثامن من شهر 8 عام 2014 إن هناك “لعنة شامية على الدراما السورية”!
أما صحيفة “الثورة” فقد سبقت السالفة بالقول عن “باب الحارة” إنه “مجتمع نمطي وتشويه تاريخي” في 18 من شهر 6 عام 2014.
ثم قامت “تشرين” باتهام باب الحارة بأنه يروّج “للتطبيع” مع إسرائيل، في 28 من شهر 7 عام 2015.
وأكملت الأخيرة ضرباتها للعمل، فقالت بتاريخ 20 من شهر 9 عام 2015 بأن باب الحارة “ترسيخ للرجعية في العقل العربي”!.
وعلى ذات السياق، لم يخف أنصار الأسد غضبهم من المسلسل، في الساعات الأخيرة، إلى درجة قالت فيها إحدى الصفحات الفيسبوكية الموالية له وتحرّر من الساحل السوري، إن مسلسل “باب الحارة” هو “مسلسل داعشي يطل برأسه الشيطاني مرة أخرى”! ما يوحي بكيفية تحوّل هذا العمل الى كابوس ينغّص نومهم، خصوصا بعدما وصفوه بـ”الشيطاني”!.
مؤسسات رسمية في سوريا “تروّج لثقافة الدواعش”!
وكذلك فعلت صفحات فيسبوكية، ومن الساحل السوري أيضاً، تعود لحسابات معروفة تعمل بالشأن الإعلامي وظهرت على بعض الفضائيات العربية. حيث ورد في إحداها: “بشرى ضارة لكل سوري: مسلسل “باب الدواعش” قريبا مرة أخرى على الشاشة، لتدمير ما بقي وما لم يدمر في سوريا” ويتساءل الحساب الفيسبوكي السالف: “لماذا تصر المؤسسات الرسمية حتى اليوم على نشر وترويج وتبنّي ثقافة الدواعش؟”!.
“باب الحارة” حرّض شرائح في المجتمع السوري
وكان أشار موقع “زمان الوصل” السوري المعارض، في وقت سابق من عام 2014 الى أن “علم الثورة الذي كان يصفه النظام بأنه علم الانتداب” قد استُبدِل “في خطوة فسرت بأنها مداهنة للنظام”.
وأشار في تقريره إلى أن “منع علم سوريا السابق في مسلسلات البيئة الشامية” و”عدم تمجيد الثوار” بأنه “لا يخفي أغراضا سياسية”، وبأن هذا المنع يعكس “رهاباً تجاه الثورة السورية” ولا سيما، يضيف زمان الوصل، أن هناك من “حمّل الأعمال الشامية و”باب الحارة” في بداية الثورة السورية، مسؤولية بناء ذهنية معينة لدى شرائح من المجتمع السوري، كان لها –على حد قولهم- تأثيرها المحرّض”.
النظام يصدّق أن باب الحارة روّج لعلم الثورة السورية
هذا الهجوم المتواصل، من أنصار الأسد، على مجرد مسلسل ينقل بيئة محافظة عرف عنها التمسك بقيم اجتماعية راسخة، يعكس قلق نظام الأسد من تلك البيئة التي تظهر في العمل، باعتبارها البيئة التي “خرج” منها معارضوه.
وهذا هو السبب الذي دفع بعض الصحافيين إلى القول في بعض مقالاتهم: “يبدو أن النظام السوري قد صدّق بالفعل أن الثورة السورية جاءت من مسلسل “باب الحارة”.. لقد صدّق أنصار هذه النظرية أن علم الثورة السورية اليوم لم يكن ليجري تكريسه لولا حضوره الكثيف في ذلك المسلسل، علماً للاستقلال”. حسب ما جاء في مقال للصحافي راشد عيسى منذ أيام، وبتاريخ 31 من شهر مايو الماضي.
أمّا آخر تهجّم قام به أنصار الأسد على “باب الحارة” ففي قولهم على صفحة فيسبوكية معروفة: “هذا العمل خادش للشعور الوطني والقومي”!.
العربية