دفعت المرأة السورية ثمنا باهظا، جراء الحرب الطاحنة في سوريا، فأغلبهن فقدن أزواجهن أو أبنائهن أو آبائهن ليبدأن رحلة شقاء فرضت عليهن رغما عنهن، بحثا عن مورد رزق يؤمن لهن لقمة العيش التي يصعب على الرجال الحصول عليها.
أشارت تقديرات غير رسمية أن أعداد النساء اﻷرامل خلال الثلاث سنوات اﻷولى من الحرب تجاوز 160 ألف امرأة أغلبهن فقدن أزواجهن جراء الحرب والمواجهات أو ضحايا القصف والاعتقال والخطف، و تعاني اﻷرامل ضغوطات نفسية واجتماعية واقتصادية.
أم حسن أرملة (35عاما)استشهد زوجها في سوق دوما عندما خرج ليحضر طعاما ﻷطفاله تجد صعوبة في الحصول على عمل يغنيها عن العيش مع أهل زوجها: ” أعيش تحت رحمة إخوة زوجي وأمهم، علي أن التزم الصمت بكل جوانب الحياة معهم، فالحرب أفقدت الكثيرين أعمالهم وبيوتهم، و لا مجال للحصول على المزيد”.
وتضيف : ” أشعر بحرقة في قلبي عندما يطلب ابني الصغير مالاً ليشتري الشوكلاتة التي كان يحضرها والده له، أخجل أن أطلب المال من أحدهم”.
بعض اﻷرامل يحظين بعمل وإن كان غير لائق بهن إلا أنه يبقى أفضل من فاقة الحاجة للآخرين.
عفراء أم لطفلين(25 عاما) تسكن في مخيم أطمة الحدودي،
” أعمل بالخياطة مع نساء كثيرات أغلبهن فقدن أزواجهن أو آبائهن، أسكن مع أهلي لكنني أصرف على طفلي”.
قد تضطر بعض الأرامل للتخلي عن أطفالهن والزواج مرة ثانية كرها للحفاظ عليهن من نظرات المجتمع التي لا ترحم.
” زوجني أخي رغما عني من ابن عمي المتزوج والذي يكبرني ب18 عاما، اشتقت لطفلتيّ اللواتي فقدن أبوهن باكرا، جدتهن ترعاهن جيدا”.
هذا ما قالته هنادي الذي اعتقل النظام زوجها سنتين ومات في المعتقل.
تجد اﻷرملة اﻷم صعوبة في التنسيق بين عملها خارج المنزل وداخله، فيبدأ اﻷطفال الشعور بفقد حنان اﻷم التي كانت سابقا تعتني بهم طوال اليوم، خاصة المراهقين الذين لايجدون من يرشدهم ويقدم لهم النصح في هذه المرحلة الصعبة من العمر.
تقول أم عمر : ” التحق ابني البالغ من العمر 17 عاما مع إحدى فصائل المعارضة، لم يرضخ لإرادتي في إتمام تعليمه، يريد أن يثأر لوالده الذي استهدفه النظام في مظاهرة بالحولة بمدينة حمص”.
كم هي قاسية تلك الحرب التي تركت تلك النساء في مهب الريح مع أطفال أيتام يحتاجون لرعاية اﻷب وحنان اﻷم، فبينما هي تعاني من صعوبة الحصول على متطلبات أولادها في الخفاء والعلن، يرصد الناس تحركاتها وفقا لعاداتهم البالية التي لا ترحم.
تضطر علياء 29 عاما للخروج أكثر من مرة من منزلها، ” أشعر بالحرج والحزن واﻷلم من نظراتهم، و لا يخلو اﻷمر من بعض الناس الذين يشفقون علي ويرسلون لي بعض المال”.
بعض الناس يقولون أن الزواج سترة للأرملة وبعضهم يرى أن تجربتها في الحياة الزوجية انتهت، وماتبقى من حياتها ملك لتربي أولادها فقط.
فها هو أبو حسام البالغ من العمر 46 عاما يتزوج للمرة الثانية ولكن هذه المرة من أرملة تصغره 21، ” زوجتي الثانية ابنة شهيد وزوجة صديقي الشهيد، أصبحت وحيدة مع أمها وأطفالها فقررت رعايتهم جميعا”.
و ينصح أبو حسام المقتدرين من الرجال بالزواج من إحدى اﻷرامل ورعاية اﻷيتام حفاظا عليهم من التشرد والضياع في هذه الحرب التي لا ترحم.
ألم ومعاناة يعشنها تلك اﻷرامل، اللواتي فرضت عليهن جرائم النظام الخوض في معاناة الحرب، لذلك يتوجب على المجتمع والمنظمات اﻹنسانية السعي لتأمين عمل لائق لهن بمنأى عن العنف وسوء الظن، ليعملن على تربية جيل جديد ذاق مرارة الحرب و اليتم والحرمان.
المركز الصحفي السوري – سلوى عبد الرحمن