تراجع النظام الصحي في سوريا خلال الحرب الدائرة منذ أكثر من 5 أعوام حتى اليوم، فهدد بذلك حياة آلاف السوريين ممن هم بحاجة للرعاية والعلاج، فالأدوية والمعدات الطبية الضرورية أصبحت قليلة في مناطق النظام وحتى في المناطق المحررة، رغم أن العديد من المنظمات الإنسانية والطبية بادرت لتوفيرها إلا أنها واجهت العديد من الصعوبات.
بعد خروج معظم الشمال السوري عن سيطرة النظام، انخفضت الرعاية الصحية وتراجع مستوى النظافة ونقصت الخدمات، كما عادت أمراض -كانت قد اختفت- للظهور بسبب غياب حملات التلقيح، كان أحدثها انتشار فيروس “h1n1″ المعروف بإنفلونزا الخنازير، والدواء المستخدم لعلاجها (التاميفلو) متوفر في الصيدليات بمناطق سيطرة النظام، لا يتم صرفه إلا بعد تشخيص المرض ووصول نتائج المسحة البلعومية من المخبر المركزي، وهذا يستغرق أكثر من أسبوع، خلالها يزداد وضع المريض سوءاً.
حيث أكد ناشطون وجود أكثر من 10 وفيات على الأقل في مناطق سيطرة المعارضة بحلب و إدلب مع انعدام وجود تحاليل مخبرية لتحديد نوعها .
طبيب في أحد المشافي الميدانية قال :”انتشار فيروس h1n1 سيكون كبيراً في الفترة القادمة، فأعداد الوفيات تتزايد دون أن يعلم الناس طبيعة الإنفلونزا، فليس هناك مختبرات متخصصة في أغلب المناطق، والتحليل الوحيد لهذا الفيروس موجود في العاصمة دمشق”، ويضيف :” عدم إدراك خطورة الإصابة بالفيروس خطر بحد ذاته، كون المريض لا يعزل نفسه فتنتشر العدوى وتتزايد الوفيات”.
و فقدان أنواع من الأدوية في السوق الدوائية تسبب في موت الكثير من السوريين وخاصة المرضى الذين ترتبط حياتهم وصحتهم بدواء معين، ولم يستطيعوا الحصول عليه، خاصة ذوي الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وارتفاع الكوليسترول وغيرها وهم يحتاجون للدواء كحاجتهم للغذاء، وفي السياق ذاته قال وزير صحة النظام أن 25 صنفاً دوائياً مفقود في السوق السورية.
أحد الصيادلة قال :”إن وضع الدواء سيء جداً، وهناك نقص واضح في كميات الأدوية وبعضها أصبح شحيحاً كدواء السعال وأنواع الفيتامينات والمسكنات”.
وأضاف: “ما تبقى من معامل أدوية باتت توزع الدواء للصيدليات دون علب تخفيفا ً للتكاليف فمعظم الأدوية باتت تعطى للمرضى بالظرف ودون نشرة مرفقة وهذا أمر خطير يسمح بالتلاعب بالدواء “.
وأكد الاتحاد الأوروبي وعلى لسان مفوضية شؤون المساعدات الإنسانية و الاستجابة للأزمات:”إن عدد ضحايا الحرب السورية أكثر من 360 ألف شخص، قضى منهم 200 ألف شخص بالأمراض المزمنة بسبب سوء الرعاية الصحية أو شح الإمكانيات الطبية، في محاولة لتغطية الكارثة الصحية في سوريا وتقديم الدعم الصحي للكثيرين عملت بعض المنظمات الطبية إلى إقامة مراكز طبية تحوي معدات بسيطة
بعضها متنقلة وأخرى في الأقبية والبيوت، أما المراكز الطبية الأكبر تتواجد معظمها في مناطق بعيدة عن الشريط الحدودي .
يؤكد الدكتور معروف بركة مدير إحدى النقاط الطبية في الشمال أن لهذه النقاط والمراكز دور كبير في تأمين دعم صحي جيد للسوريين في هذه المناطق فبعضها يقدم فحوصات مجانية وأدوية شهرية للمرضى رغم إمكانياتها المحدودة، وأضاف:” منظمة أطباء بلا حدود دعمت 50 مستشفى و80 مركزاً صحياً لتقديم بعض الإمدادات والمواد الطبية”.
يذكر أن إحصائيات لناشطين سوريين أشارت أنه أصبح 57% من المستشفيات السورية إما أنها تعمل جزئياً أو أنها خارج الخدمة بالكامل، والإنتاج المحلي للأدوية انخفض بنسبة 70% بعد تدمير 25 معمل للأدوية، وأعداد العاملين في المجال الصحي انخفض إلى ما يقارب 45% منذ اندلاع الثورة في 2012 كل ذلك يشير إلى أن المنظومة الصحية السورية أصبحت على حافة الهاوية.
المركز الصحفي السوري . آلاء هدلي