“تركيا” الوجهة الوحيدة التي يقصدها السوريون في الشمال المحرر بحثا عن ملاذ آمن يقيهم وعائلاتهم من شر بات يواجههم بشكل يومي بعد أن صعد النظام من حملاته العسكرية في كل من ادلب وحلب والمتمثلة بقصف منازلهم بشتى أنواع الأسلحة الجوية والمدفعية، لكن رغم ذلك ماتزال هناك صعوبات عدة تعترض طريقهم في وجهتهم إليها.
ولعل الصعوبة الكبرى تتمثل بدخولها بعد إغلاق السلطات التركية جميع معابرها الحدودية خشية تدفقهم، مايجبرهم على دخولها عن طريق “التهريب” وتعريض حياتهم لخطر الإصابة برصاص “الجندرمة” المتواجدة عل طول الحدود.
لكن معاناتهم لن تنتهي بعبور الحدود، لتبدأ رحلة البحث عن عمل يضمن لهم البقاء ويقيهم من العوز والفقر، حيث يحتاج السوريون لإقامة في تركيا تخولهم الحصول على تصريح عمل لذوي الشهادات والخبرات وأصحاب رؤوس الأموال، وعدا عن ذلك لا يمكنهم العمل إلا في مجالات محدودة كورشات الخياطة والبناء وغيرها من الأعمال التي تحتاج لجهد جسدي فقط ولاتحتاج لإتقانهم اللغة التركية.
غادة من مدينة ادلب تتحدث عن معاناتها:” أجبرت على ترك مدينتي بعد أن دمر الطيران منزلي، وبعد عذاب دام عشرة أيام بمحاولات متكررة لعبور حدود تركيا، استقبلني أخي مع عائلتي في منزله بولاية قونيا ريثما نجد عملا ونستأجر بيتا”.
وتضيف غادة:” كنت متفائلة قبل وصولي بأن أجد مدرسة للسوريين كي أعمل بها بشهادتي الجامعية، إلا أنني فوجئت بانتشار ظاهرة الشهادات المزورة، حيث يفوق عدد حملتها مثيلاتها الأصلية، وبالأخص للغة العربية والتربية، ومضى على إقامتي شهرين ولغاية اللحظة لم أتمكن أنا أو زوجي من إيجاد عمل بشهاداتنا”.
وربما ماحدث بتركيا مؤخرا من تفجيرات متتابعة وقذائف مصدرها الجانب السوري دعا الحكومة التركية لاتخاذ تدابير أمنية مشددة لضبط حدودها ومنع دخول أي شخص بطريقة غير شرعية، كما أن قواتها تشارك الجيش الحر في معركة “درع الفرات” بهدف دحر تنظيم الدولة وقوات سورية الديمقراطية من المناطق والمدن الحدودية بمافيها جرابلس حفاظا على أمنها وضمان عدم اقتراب الأكراد منها.
وبينما تنشغل تركيا بحربها ضد تنظيم الدولة في سوريا، يعيش السوريون داخل أراضيها بحالة من الخوف من القادم، وبالأخص بعد حادثة الانقلاب ضد الحكومة التركية، وتسارع الانتصارت في المناطق الحدودية، حيث يجدون صعوبة في تأمين عمل بعد إغلاق معظم المنظمات الإنسانية والحقوقية تخوفا من تفجير مرتقب أو هجوم قد يودي بحياة موظفيهم.
وهنا يبقى السوري المقيم في تركيا في حيرة من أمره، ترى هل ستصدق تركيا بإقامة مناطق آمنة على طول حدودها مع سوريا وتعيد اللاجئين إلى بلادهم، أم أن حربا أخرى من نوعها تلوح بالأفق وتنذر بمأساة جديدة ضحيتها كالعادة المواطن السوري سواء كان في تركيا أو في المناطق المحررة؟؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد