بعد توقيع قرار الإدارة الأمريكية سحب قوات بلادها و أسلحتها من سوريا بشكل كامل تباينت التحليلات السياسية والعسكرية بما يخص خلفية هذا الانسحاب وأسبابه .
إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا كان قد سبب ضررا كبيرا لبعض الأطراف المتصارعة في سوريا، وفي المقابل كان قد سبب فرحا لدى البعض، لكن ماذا حدث ؟
بعد قيام تركيا والجيش الحر بالسيطرة على عفرين يبدو أن المسؤولين الأتراك كانوا صادقين بتصريحاتهم ضد قوات سوريا الديمقراطية منذ العام الماضي، و أنهم سيعملون على دحرها من سوريا وحتى في شمال العراق ليبدأ الاتراك بالضغط على الأمريكان لإنهاء قوات سوريا الديمقراطية واستمرت الضغوط المتتالية ليقف ترامب وحكومته أمام خيارين وهما إما خسارة حليف مهم في حلف الناتو وهو تركيا أو خسارة مشروع قاعدة عسكرية كبيرة في شمال شرق سوريا فكان الخيار هو عدم خسارة تركيا رغم تصريحاتها المناوئة لإسرائيل طفل أمريكا المدلل .
ومن ناحية أخرى؛ ترامب رأى أن بقية الدول في التحالف لا تقدم الكثير ففرنسا وبريطانيا والسعودية لا يقدمان إلا جزء بسيط مقابل ما تقدمه الولايات المتحدة من خسائر علاوة على ذلك فقد رأت إدارة ترامب أنه ومع انتهاء شبه كامل لتنظيم الدولة في سوريا فلم يعد حاجة لبقاء القوات الأمريكية فقاعدتها في أربيل شمال العراق والتي تبعد 60 كيلو مترا عن إيران وقاعدة انجرليك التركية وقواعدها في الخليج كفيلة بمبادرتها دائما .
التقارب التركي الأمريكي خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة بعد إعلان اردوغان عن عملية عسكرية شرق الفرات دون المساس بالجنود الأمريكان سبب ارتياح من الجانب الأمريكي وسط أنباء عن زيارة لترامب إلى تركيا لم يحدد تاريخها بعد وهذا التقارب وفر مناخ ملائم للانسحاب الأمريكي مع علم الإدارة الأمريكية بجدية أنقرة في الحديث عن عملية شرق الفرات .
هذا يقودنا بالتأكيد إلى أن الانسحاب الأمريكي و إعلان عملية عسكرية تركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية لم ولن يكن مجرد صدفة بل تنسيق مترتبط بين العسكريين والسياسيين في البلدين بإدارة ترامب واردوغان .
قوات سوريا الديمقراطية هي المتضرر الأكبر في سوريا لكن هناك متضررين خارج سوريا وهم دول الخليج والتي كانت تدعم الوجود الأمريكي في سوريا وتدفع ثمن بقاء القوات الأمريكية في كل تهديد بسحبها من ترامب فيما ينعم المستفيدون من الانسحاب وعلى رأسهم تركيا وروسيا لترك الساحة أمامهم .
يظن البعض أن النظام فرح بانسحاب الأمريكان لا على العكس، بل كان النظام يتمنى بقاء القوات الأمريكية خيرا من أن تحل مكانها قوات الجيش الحر وتركيا وهو يعلم بأن الانسحاب الامريكي جاء بالتنسيق مع الجانب التركي لتتسع رقعة المعارضة الجغرافية من جديد وتمتلك مصادر النفط في الشرق السوري ويجلس النظام حداد من دون فحم .
المركز الصحفي السوري — خاطر محمود