أكد تجار ومصرفيون إن المخاوف حول الانتكاسات التي مني بها الجيش السوري أمام مقاتلي الجهاديون في الأسابيع الأخيرة دفعت سعر صرف الليرة إلى مستوى قياسي منخفض أمام الدولار في السوق السوداء هذا الأسبوع.
وذكر 3 تجار تحدثوا عبر الهاتف من دمشق إن سعر الدولار في السوق السوداء وصل إلى نحو 315 ليرة. وقارب سعر الليرة مستويات أدنى في أنحاء أخرى من البلاد ليتم تداولها عند 324-328 ليرة للدولار مقارنة مع 220 ليرة مقابل الدولار في بداية العام.
وقال تاجر عملة إن الناس يحاولون الحصول على أكبر كمية ممكنة من الدولارات. ووسعت الأزمة من نطاق تداول الدولار حيث يحاول الناس من أعمال مختلفة حماية أنفسهم من هبوط قيمة الليرة وارتفاع التضخم.
والمستوى القياسي المنخفض السابق لليرة بلغ 310 ليرات مقابل الدولار في يوليو 2013 في ظل مخاوف من عمل عسكري أميركي محتمل. ويقارن هذا بسعر صرف بلغ 47 ليرة مقابل الدولار في بداية انتفاضة 2011 ضد الرئيس بشار الأسد.
وسيطرت المعارضة على مناطق استراتيجية في الجنوب وفي محافظة إدلب في شمال غرب البلاد حيث اقتربت من محافظة اللاذقية التي تسيطر عليها الحكومة وهي أحد أهم معاقل الأسد والعلويين.
ويرى تجار ومصرفيون إن الآمال في تحسن الاقتصاد تتراجع مع سيطرة المعارضة المسلحة على مزيد من الأراضي. وأضافوا أن الناس يقبلون بشكل متزايد على اكتناز الدولارات.
وأكد مصرفي في دمشق طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة رويترز إن “الأحداث المتلاحقة في ساحة المعارك مؤخرا، سببت صدمة للناس ودفعهم العامل النفسي إلى شراء الدولارات كملاذ آمن”.
وجاء هبوط الليرة عقب فترة من الاستقرار النسبي بعدما بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها شن هجمات جوية على مقاتلي تنظيم الدولة العام الماضي.
وتلقت الليرة دعما أيضا من حملة الحكومة على المضاربين الذين اتهمتهم بالتربح من اكتناز الدولار وحملتهم المسؤولية عن التقلبات الحادة للعملة.
ويقول مصرفيون إن الليرة تمكنت حتى الآن من تفادي الدخول في حالة سقوط حر برغم الدمار الواسع جراء الحرب وتأثير العقوبات الغربية المفروضة على سوريا. وأرجعوا ذلك إلى التدفق الهائل للمعونات من إيران الحليف الرئيسي لدمشق في المنطقة.
وشنت الحكومة السورية حملة على تجارة العملة في محاولة لسد الفجوة بين سعري الصرف في السوق الرسمية وفي السوق السوداء وأحرزت بعض النجاح. لكن تأثير ذلك ينحسر الآن بحسب ما قاله مصرفي.
وتعهد محافظ البنك المركزي السوري أديب ميالة، الذي ألقى باللوم لفترة طويلة على المضاربين وحملهم المسؤولية عن هبوط الليرة في السوق السوداء، مؤخرا باتخاذ إجراء لدعم الليرة.
وقال ميالة إن البنك المركزي يأمل في المرحلة القادمة أن يدعم استقرار سعر الصرف من خلال سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والنقدية لدعم الصادرات والإنتاج لتخفيف الضغوط على الليرة في الأمد القصير.
وأضاف في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن ذلك سيتيح للبنك المركزي التدخل بشكل أكثر فعالية في سوق العملة وتلبية احتياجات السوق.
لكن تجارا ومصرفيين في دمشق وحلب قالوا إن إجراءات البنك المركزي ومنها ضخ 100 مليون دولار في السوق لم تفلح في وقف هبوط الليرة.
وأضافوا أن البنوك التجارية لا توفر الكميات اللازمة من الدولارات بالسعر الثابت الذي حدده البنك المركزي عند 260 ليرة مقابل الدولار لتهدئة الأسواق.
ويؤكد اقتصاديون إن صعود الدولار أدى إلى ارتفاع التضخم الذي بلغ 120 بالمئة بحسب بيانات رسمية لكن المعدل ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.
صحيفة العرب