تعيش الأسواق السورية في الآونة الأخيرة فوضى واضحة في سوق مياه الشرب المعبأة، مع تزايد أنواعها وأصنافها بين مياه معالجة ومفلترة ومحلاة، مدفوعة بارتفاع الطلب نتيجة شح المياه النظيفة الناجم عن الجفاف، هذا الواقع أفرز منتجات مجهولة المصدر تُعرض في عبوات غير مطابقة للمواصفات الصحية، في ظل غياب شبه تام للرقابة وضعف المتابعة من الجهات المعنية
ورغم هذه الفوضى، تمكنت وحدات تعبئة المياه الطبيعية التابعة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية من الحفاظ على موقعها في السوق، مستفيدة من ارتباطها بينابيع عريقة مثل الفيجة، بقين، الدريكيش، والسن، المعروفة بجودتها وتركيبتها الطبيعية وثقة المستهلكين بها
أوضح معاون وزير الاقتصاد والصناعة، محمد ياسين حورية، أن إنتاج وحدات المؤسسة تجاوز 50 مليون ليتر حتى نهاية تشرين الأول 2025، بقيمة مبيعات بلغت 80 مليار ليرة سورية، فيما وصل صافي الأرباح إلى نحو 20 مليار ليرة
وأشار إلى أن هذا الأداء الإيجابي تحقق بفضل كفاءة العاملين، والاعتماد على علامات تجارية ترتبط بينابيع طبيعية موثوقة، ما يعزز مكانتها التنافسية في السوق المحلية، خاصة مع اعتماد المؤسسة على شبكة موزعين رسميين في مختلف المحافظات
وبيّن حورية أن جميع الينابيع التي تعتمدها المؤسسة محمية ضمن نطاقات تمنع تلوثها، وأن كل معمل يضم مخبرًا متكاملًا لإجراء التحاليل الفيزيائية والكيميائية والجرثومية خلال مختلف مراحل الإنتاج، كما يتم أخذ عينات من الأسواق بشكل دوري بعد البيع لضمان مطابقة المنتجات للمواصفات القياسية
وأضاف أن جميع المعامل تستخدم تقنية التعقيم بالأوزون لضمان سلامة المياه طوال فترة الصلاحية
وحول الاستجابة للطلب المتزايد، أوضح حورية أن المؤسسة تركز حاليًا على الصيانة الطارئة لخطوط الإنتاج للحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي، إلى جانب تشكيل لجنة خاصة لتقييم الآلات ووضع خطة لاستبدالها أو صيانتها الشاملة بعد تأمين القطع اللازمة
وضرب مثالًا بمعمل بقين الذي ينتج يوميًا نحو 144 ألف ليتر، أي ما يعادل 36 مليون ليتر سنويًا بعبوات 1.5 ليتر
وفيما يخص تراخيص المعامل الجديدة، أكد حورية أن الوزارة وضعت شروطًا صارمة للحصول على تراخيص تعبئة مياه الشرب، بالتعاون مع هيئة الموارد المائية بوزارة الطاقة، حرصًا على عدم استنزاف الموارد الجوفية، كما أشار إلى أنه لم تُمنح أي تراخيص جديدة حتى تاريخه
يبقى سوق المياه المعبأة في سوريا ساحة تنافسية غير متوازنة، يطغى عليها الغش التجاري وضعف الرقابة، ما يمنح المؤسسات الحكومية ذات المصادر الموثوقة ميزة نسبية، لكن استمرار نجاحها يتطلب دعمها الحكومي وتوسيع حضورها في الأسواق، لضمان بقاء المياه الطبيعية المراقبة خيارًا آمنًا للمستهلك السوري







