باتت الحياة العشوائية والفوضى سيّدتي الموقف في سوريا، بعد أن فقد النظام شرعيتها لدى الشعب، فأصبح من يملك المال هو صاحب القرار ولا شيء يقف في وجهه حتى السلطات العليا التي من المفروض أن تطبق القوانين والأنظمة وتحارب الفساد.
فقد كانت مهنة التهريب سابقا مقتصرة على من يمتلك دعما من مسؤولين في النظام، إلا أن الحرب في سوريا جعلت منها مهنة للمتاجرة – على مرأى العالم- ليكون مسؤولو النظام وقادته المستفيد الأكبر منها لما يعود عليهم من نفع وفائدة مادية، حيث باتت الطريقة المثلى لتعويض خساراتهم بعد أن أوشكت خزينة الدولة على الإفلاس.
صرح المحامي العام في ريف دمشق ماهر العلبي لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن عدد الضبوط الواردة للعدلية بخصوص التهريب قد بلغت 100 ضبط شهريا، لتكون نصف تلك الضبوط خاصة بقضية تهريب المخدرات، والنصف الآخر خاص بتهريب المواد الغذائية وقطع تبديل للسيارات وبعض الأدوية التي يستعملها الرياضيون لتنمية العضلات.
وأكد العلبي أن الأشخاص الذين تم ضبطهم هم من المناطق الحدودية مع لبنان والأردن وعلى دراية بالطرقات ومداخلها ومخارجها، والغريب بمن تم ضبطهم بتهمة تهريب المخدرات أن 15% منهم إناث وما تبقى ذكور، ومعظمهم يتعاطون المخدرات، فيتم تهريبها داخل المحافظات السورية، واعتبر العلبي تهريبها جريمة خطيرة يجب معاقبة مرتكبيها، وأن القضاء يحاول بشتى الوسائل ضبطها والحد منها، مشيرا لدور الضابطة الجمركية الكبير في ضبط الحدود لمنع تلك العمليات.
ولعل ضبط الحدود مع الدول المجاورة هو الحل الوحيد لمكافحة هذه الظاهرة التي تشكل خطرا اجتماعيا وصحيا على من يتعامل بها، حيث ازدادت نسبة متعاطي المخدرات أضعاف عدة. خلال سنوات الحرب نظرا لتداولها وانعدام الرقابة عليها، في وقت ينشغل النظام السوري بمحاربة الإرهابيين -بحسب زعمه- وليس لديه الوقت لتقصي هذه القضية ضاربا بعرض الحائط شؤون الدولة على كافة الأصعدة، غير آبه بتأثيراتها السلبية على حياة السوريين بشكل عام.
يمتد تأثير ظاهرة تهريب المخدرات للدول المجاورة حيث تمكنت قوات حرس الحدود الأردني في 11 من شهر نيسان الماضي من إفشال محاولة تهريب سيارة قادمة من الجانب السوري ومحملة بأكثر من ألف كيلوغرام من الحشيش بالإضافة ل3 ملايين و592 ألف حبة كبتاغون، إلا أن من كان فيها لاذ بالفرار فور قيام القوات بإطلاق الرصاص على السيارة، وذلك إن دل على شيء فإنه يدل على تواطؤ النظام مع أولئك المهربين.
ويعلق أحد المواطنين على الخبر:” بدل ما يتشاطروا ويعملوا ألف حاجز داخل المدن وعلى الطرقات لنهب العالم وسرقتها، يروحوا يعملوا حواجز ويضبطوا هالحدود إلي صارت وجبة دسمة عند المهربين، صار التهريب شغلة إلي مالو شغلة، شو بدنا نحكي، دولة ما عادت قادرة تقود البلد لشو لسا متمسكين فيها بس ليذلوا المواطن ويشردوه؟”.
من الطبيعي أن تزداد الظواهر السلبية داخل المجتمع السوري كالسرقة والرشاوى والتهريب بالإضافة لقضايا الانحلال الأخلاقي، فأين الحكومة التي تدعي محاربة الفساد وتتوعد مواليها بأن الحرب باتت في أيامها الأخيرة، والنصر المرتقب الذي يلوح بالأفق قريب جدا، متجاهلة أن الشعب السوري بكافة أطيافه لم يعد يثق بوعودها الزائفة.
المركز الصحفي السوري – سماح الخالد