فقرٌ اجتاح المجتمع السوري بعد حراكِ ثوريّ انطلق فيه المواطنون السوريون احتجاجاً على النظام الحاكم، قوبل بقتل و تدمير و قصف ممنهج هدم حياة السوريين و أوقفهم عن العمل.
” البرّاكات ” عبارة عن محلات صغيرة يتم بنائها من صفائح معدنية و شبكية كبيرة تغطّى أحياناً بالقماش في حال هطول الأمطار، أقامها السوريّون بعد تدمير محلّاتهم التجارية بفعل القصف الذي تعرّضت له مدنهم و بلداتهم، فلم توفّر طائرات النظام الحربية و المروحية و خاصةً بعد التدخّل العسكري الروسي منزلاً أو محلاً تجارياً أو أي سبيل للعيش ينبض بالحياة.
كانت تلك ” البرّاكات ” تتوافر بشكل محدود في زمن نظام الأسد إلّا أنه و بعد غياب الرقابة و الحاجة الماسّة لطريقٍ ما يمكن من خلاله كسب لقمة العيش، دفع بالكثير من السوريين المتضررين بفعل الأزمة السورية لفتح مثل هذه المحلات علّها تسد رمق عائلاتهم.
مأكولاتٌ للأطفال و موادٌ غذائية بسيطة و مؤخّراً محروقات متنوعة من مادة البنزين و المازوت و الكاز، كلّ هذه بضائع أساسية تباع في تلك البرّاكات بأسعار متنوعة تختلف من بائعٍ لآخر.
أبو محمد من سكّان مدينة ادلب عمل على افتتاح برّاكية صغيرة بالقرب من منزله، و تعمّد في وضعها في طريقٍ عام يسمح للمسافرين بأن يبتاعوا ما يلزمهم في طريق سفرهم، و يمكّنهم من تعبئة الوقود في حال انقطاعهم.
لم تقتصر البرّاكات فقط على بيع تلك المواد، فاختصّت بعضها ببيع المأكولات و الحلويات الشعبية، إذ عمد الكثير من أصحابها على بيع ” الفلافل ” واللحوم المشوية و ” المشبّك و العوّامة ” و غيرها من المأكولات المعروفة لدى المواطنين، إلّا أن العائق الوحيد الذي بقي عندهم هو عدم اقتناعهم بنظافة تلك المأكولات و لكن سعرها المتدنّي عن باقي المحلات التجارية كان الدافع الوحيد لشرائهم لها.
لم تسلم أيضاً تلك البرّاكات المتواجدة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية من ضربات النظام، حيث يُقدِم النظام على استهدافها بحجّة أنها موقع للتجمعات، و كانت أيضاً هدفاً للطائرات الحربية الرشاشة و التي تستهدف مصدر انبعاث الضوء ليلاً.
و في مدينة حلب و التي تعد من أكثر المدن السورية احتواءً لتلك البرّاكات، حيث أورد موقع المجهر أن العدد المتوقّع لتلك البرّاكات في مطلع العام القادم 2016 قد يبلغ الـ 4000 برّاكة موزّعة في أنحاء المدينة المختلفة دون ضوابط واضحة، لتتحول حلب من مدينة الوقف إلى مدينة البرّاكات.
تشرّدٌ و دمارٌ هائل خلّفته الحرب في سوريا كان ضحيّته آلاف الأبرياء الذين أصبح تأمين لقمة العيش و رغيف الخبز من أكبر أحلامهم في ظلّ تدمير آلة الحرب لأماكن عملهم و قلّة فرص العمل، بعد مضيّ أكثر من أربع سنوات و نصف على بدء الحراك الثوري في سوريا.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج